وقال المعترض:
«كان
يقال: زينب بنت رسول الله، ورقية ابنته، وأم كلثوم ابنته، وليس بإزاء
في هذه التعابير المبثوثة في التاريخ بكثرة، قول واحد ينسبهن إلى
الربائب، ولو مرة واحدة، ولم يقل: زينب ابنة فلان، أبيها الحقيقي، وكذا
القول في أختيها.
فما معنى هذا؟! أن لا ينسب ولد إلى أبيه الذي أولده،
ولو مرة واحدة في عمره، مع وجوب ذلك بناء على نص صريح محكم ورد في كتاب
الله العزيز..
وهذا زيد بن حارثة بعد أن رده القرآن إلى والده ما عاد
أحد يسميه ابن محمد أبداً. فلماذا اختلفت الحال معه وهو المتبنى
حقيقة؟.
ولو جازت نسبته إلى النبي مجازا لانتسب تشرفا ومباهاة
بذلك هو وابنه، ولكان أحرص على هذه النسبة من الدنيا وما فيها، ولما
اختلفت الحال معه عنها مع السيدات.
علمنا أن ذلك لصحة نسبهن إلى حبيب الله صلى الله عليه
وعليهن»([1]).
ونقول:
أولا:
كيف يمكن للمعترض أن يثبت لنا أن التعبير عن البنات الكريمات بأنهن
بنات رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
كان لأجل أنهن بناته على الحقيقة؟! فلعله: لأنهن بناته بالتربية،
والقرينة على ذلك هو معرفة الناس بهذا الأمر، في زمن إطلاق هذه
الكلمات..
ثانياً:
قد استدللنا نحن على ذلك بخطبة الزهراء «عليها السلام» في المهاجرين
والأنصار، ولم يعترض عليها أحد منهم، وببيان كيفية عدم انسجام بعض
الأقوال في ولادة البنات، وبتاريخ زواج النبي بخديجة، وبغير ذلك من
أدلة وشواهد.
وورد في رواية الحاكم وغيره لما جرى بين الإمام السجاد
«عليه السلام» وعروة ابن الزبير: أن عروة قد ادعى: أن إطلاق البنت على
زينب، واعتبارها أفضل بنات النبي
«صلى الله
عليه وآله»
إنما كان قبل
نزول قوله تعالى:
﴿ادْعُوهُمْ
لآبَائِهِمْ﴾،
وهذا دليل واضح على أن البنات ربائب..
وكذلك الحال بالنسبة لرواية ابن عمر
حول:
أن علياً «عليه السلام» ختن النبي على ابنته، فهو أقرب إلى النبي من
عثمان لأجل ذلك..
وكذلك يقال بالنسبة لقول النبي «صلى الله عليه وآله»
لعلي «عليه السلام»: أعطيت صهراً مثلي الخ.. وغير ذلك مما ذكرناه.
ثالثاً:
من الذي قال: إن الناس لم يكونوا ينسبون البنات الكريمات إلى أبيهن
الحقيقي أيام حياتهن؟! فقد كانت حياتهن قصيرة، فقد متن في حياة رسول
الله «صلى الله عليه وآله»، ولم يعد هناك ما يدعو إلى الحديث عنهما،
إلا فيما ندر. ثم جاء الرواة والمؤرخون، فجروا على ما رأوه وسمعوه عنهن
وهو في غاية القلة، فسجلوه وتداولوه كما هو.. فالجزم بأن أحداً لم ينسب
البنات إلى أبيهن ولو مرة واحدة في عمرهن مجازفة كبيرة، لا تتيسر حتى
لمن عاصر البنات في جميع سني عمرهن!..
رابعاً:
بينا أكثر من مرة فساد استدلال المعترض بقوله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ
لآبَائِهِمْ﴾
على حرمة نسبة من يتربى عند إنسان إلى ذلك الإنسان،إذا وجدت قرينة
حالية تبين المراد من تلك النسبة، وأنها إشارة إلى التربية والرعاية..
وأن الحرام هو نسبته إلى غير أبيه على نحو الحقيقة،
وترتيب الآثار على ذلك، مثل التوريث، وانكشاف غير المحارم عليه، والخ..
وقضية زيد بن حارثة من هذا القبيل، فلا يصح قياس أمر
البنات الكريمات على موضوع تبني زيد بن حارثة، الذي أريد به إبطال أمر
الجاهلية..
خامساً:
من
الذي قال بحرمة نسبة زيد بن حارثة إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله» على معنى أنه رعاه ورباه، إذا
كان الناس يعرفون المراد، ولا يقعون في الإشتباه؟!
([1])
بنات النبي «صلى الله عليه وآله»
لا ربائبه ص62.
|