صفحة : 160  

ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ ناسخة:

وقال المعترض: «ثم عن نسخ الآية: ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ﴾([1])، لا شك أنها رفعت حكماً كان معمولاً به قبل نزولها، وأثبتت حكماً سار عليه المسلمون جميعاً بعد نزولها. لذلك ما أسرع ما فكوا الإرتباط بالبنوة بين زيد بن حارثة وبين النبي، ونسبوه إلى الحارثة. وإلا فما معنى الآية إن لم تدل على هذا؟!

وأما كونها ناسخة فهي كذلك حقاً، ودليل ناسخيتها ما كان عليه المسلمون قبل نزولها، وما جروا عليه بعده»([2]).

ونقول:

إن الحكم الذي رفعته أو نسخته آية ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ ليس هو جواز نسبتهم إلى من تبناهم وحسب، بل ومعه حكم الإرث، ونحوه، ومن الأحكام الثابتة لخصوص من كان ابناً وأباً على الحقيقة.

بل الظاهر هو: إن هذه الأحكام لم تكن ثابتة في الشرع قبل نزول الآية، وإنما هي أحكام جاهلية، جاءت الآية لكي تزيلها من ذهنية ذلك المجتمع..

إلا أن يقال: قد روي أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: واشهدوا أن زيداً ابني، يرثني وأرثه([3]).

وهذا معناه: أن هذه الأحكام كانت ثابتة، إذ لا يعقل أن يتعامل النبي «صلى الله عليه وآله» بمنطق الجاهلية.

ولكن هذا النص غير ثابت أيضاً.. وكان النبي «صلى الله عليه وآله» على دين الحنيفية، ولم نجد ما يدل على أن ذلك كان من تشريعاتها..


 

([1]) الآية 5 من سورة الأحزاب.

([2]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 63.

([3]) الإستيعاب لإبن عبد البر ج2 ص545 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص118 والدر المنثور ج5 ص182 وتفسير الميزان ج16 ص281 وتفسير جوامع الجامع ج3 ص47 وأسد الغابة ج2 ص225.

 
   
 
 

موقع الميزان