صفحة : 161  

شذوذ الكوفي.. واتباع النواصب:

وقد تحدث المعترض عن أن الرأي الذي نصرناه «رأي شاذ املته على الكوفي ظروفه النفسية الخاصة. بل إن صاحب الرأي بنفسه شاذ أيضاً، ونحن لم نعب السيد بهذا الاتباع، ولم نسبه، وإنما نزهناه عنه تصريحا وتلميحا بقولنا: إنه أجلُّ من أن ينساق وراء دعي مرتفع، يريد التنفيس عن عقده المزمنة، بالخروج على عقائد الأمة، إن في اعتقاداتها الأصولية، أو في صحة أنساب مواليها وساداتها»..

ثم ذكر أنه لم يتبع النواصب في رأيه، بل جاء الاتباع عرضا واتفاقا.

وقال: «فاتباع الناصبي على الحق، أو الاتفاق معه فيه، لا هو من أعظم الذنوب، ولا أحقرها»([1]).

ونقول:

أولاً: قلنا أكثر من مرة: إن الظروف النفسية ليس لها ارتباط بالبحث العلمي، المعتمد على الدليل والحجة..

ثانياً: لماذا أثرت هذه الظروف في خصوص هذا المورد، دون سائر الموارد التي ذكرها الكوفي كتابه الإستغاثة، الذي هو موضع ثناء العلماء، بل لقد أثنى عليه المعترض في نفس كتابه هذا..

ثالثاً: لو سلمنا أنه يمكن أن يكون للظروف النفسية شيء من التأثير في بعض الموارد، فإن هذا يبقى في مستوى الإحتمال. ولا يوجب رد القول، والتشنيع على القائل، كما أنه لا يسمح بالجزم بالتهمة في هذا الإتجاه، فكيف إذا قامت الأدلة على صحة ما يذهب إليه ذلك الذي يريد المعترض اتهامه.

رابعاً: إن الجزم بهذا الأمر ـ أعني بوجود عقد نفسية ـ وأنها قد أثرت في خصوص هذا المورد لا يعدو كونه رجماً بالغيب، وقولاً بغير علم.

خامساً: ان هذا المعترض قد نسب إلينا اتباع الكوفي في العديد من الموارد، فراجع كتابه (الزهراء «عليها السلام»: دراسة في محاضرات: ص265 و269 و276 و277 و310 وراجع أقوال هذا المعترض الجارحة لنا، التي أوردها في كتابه «بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه». فهي مبثوثة في مختلف الصفحات، وطافحة بالتعريضات والتلميحات، ونحن نكل أمر الحكم عليها سلباً أو إيجاباً إلى القارئ الكريم..

سادساً: إننا نسأل المعترض عن وسائل إثبات وجود عقد نفسية مزمنة لدى الكوفي الذي تفصله عنه أكثر من ألف سنة. وما هي الوسائل التي اعتمدها لاكتشافها، واكتشاف أنها مزمنة، فإنها وسائل خارقة للعادة وفريدة للغاية.

سابعاً: لماذا اختار الكوفي التنفيس عن عقده المزمنة بالخروج على خصوص عقائد الأمة ونسب بنات الرسول «صلى الله عليه وآله»، لا بشيء آخر من شؤون العلم، أو من شؤون الحياة.

ثامناً: ان المعترض يعترف بأنه قد اتبع النواصب في رأيه، لكنه يدعي أن الاتباع جاء عرضا.. فلعل اتباع المعترض للبعض (أعني ذلك الرجل الذي صدرت الفتاوى في حقه) قد كان عرضاً واتفاقاً أيضاً.. ولماذا يلومنا على نسبة الاتباع إليه إذا كان يقرُّ به؟!

تاسعاً: إذا لم يكن الإتباع حتى للنواصب ذنباً صغيراً ولا كبيراً، فلماذا أقام الدنيا ولم يقعدها علينا، حين قلنا: إنه تابع للبعض؟! ولماذا يسعى لتنزيهنا عن اتباع الكوفي..


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 65.

 
   
 
 

موقع الميزان