صفحة : 180  

دفاع المعترض عن عثمان:

قال المعترض: «ثم ما المانع من كون عثمان أسلم أول ما أسلم عن عقيدة واقتناع، وارتد بعد ذلك، كما فعل صاحباه، والنبي لم يزوجه في حال الإرتداد، كما لم يتزوج بنتي صاحبيه في حال ارتدادهم أيضاً، فما بالنا نتخطى هذه الحقيقة الواضحة إلى أمور تكلفنا إيجاد وجوه وتخريجات قد لا تستقيم لنا في كل الأحوال.

ولو صح نفي السيدات حذراً من رقي عثمان إلى رتبة المسلم بزواجه منهما، فماذا نصنع بصاحبه وزواجه ممن هي خير منهما، أم كلثوم بنت الإمام؟ هل ننفيها من بنوة أمير المؤمنين، من أجل عدو الله الأكبر الخ..»([1]).

ونقول:

أولاً: قد ذكروا: أن عثمان اشترط لإسلامه أن يزوجه النبي «صلى الله عليه وآله» من رقية..([2])، فإن صح هذا فهو يثير أكثر من علامة استفهام حول ابتداء إسلام هذا الرجل، وهل كان عن قناعة تستند إلى الدليل والبرهان، أم لا!!.

ولكن ذلك لا يمنع من أن تتحقق القناعة بعد ذلك، وربما يكون العكس. ولكن التعامل النبوي مرتكز إلى ظاهر الأمر..

ثانياً: ما ذكره هذا المعترض من أنه لا مانع من صحة الإيمان في البداية ثم يعرض له التغير والإختلال، صحيح إن لم يرد عن المعصوم ما يزيل هذا الإحتمال وينفيه، فلا بد من مراجعة الروايات التي أوردها صاحب البحار حول هذا الموضوع([3])، والتدقيق فيها.

ثالثاً: لا معنى لقول المعترض: «ما المانع من كون عثمان أسلم عن عقيدة واقتناع، ثم ارتد بعد ذلك..» ثم يجعل هذا الإحتمال حقيقة أكيدة لا يصح أن نتخطاها إلى أمور وهمية.. مع أن الإحتمال يبقى احتمالاً، النتيجة تتبع أخسَّ المقدمات..

فإذا انتفى الإحتمال أو ضعف بسبب دلالة الروايات على أن الإيمان لم يكن موجوداً من الأساس، فلا بد من أن تصبح النتيجة معكوسة.

رابعاً: بالنسبة لزواج أم كلثوم بنت أمير المؤمنين «عليه السلام» من عمر بن الخطاب نقول:

ألف: إن ظروف هذا التزويج لم تكن طبيعية، بل كانت مفعمة بالتشنج والتهديد. بل إلى حد الجبر والإكراه. وقد أثبتنا ذلك في كتابنا «ظلامة أم كلثوم»، فراجع.

ب: إن الأحكام ـ أحكام الزواج وسواها ـ تابعة لظاهر حال الخاطب، فإذا أظهر الإسلام فلا بد من التعامل معه وفق هذا الظاهر، الذي يتوصل إليه بالوسائل العادية دون سواها.

فإن علم النبي «صلى الله عليه وآله» والإمام «عليه السلام» باطن ذلك الرجل عن طريق غير عادي كالوحي، أو علم الشاهدية، لم يجز له أن يعامله وفق ما تأدى إليه بهذه الوسيلة غير العادية، وقد أوضحنا هذا الأمر في أكثر من مناسبة في سائر مؤلفاتنا.

خامساً: لو قبلنا بمقولة أن الإرتداد حصل بعد الزواج، لكان لا بد أن نقول: إن على النبي «صلى الله عليه وآله» أن يفرق بين المرتد وزوجته المؤمنة، ولا يصح إقرارهما على هذا الزواج.

سادساً: لم ندَّع أننا نريد أن ننفي بنوة السيدات الكريمات لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، حذراً من ارتقاء عثمان إلى رتبة المسلم، فلماذا يقوِّلنا ما لم نقله؟!

سابعاً: إننا نطالب المعترض بالدليل على ما ذكره من أن أم كلثوم بنت أمير المؤمنين «عليه السلام» أفضل من البنات الثلاث الكريمات اللواتي قلنا أنهن ربيبات للرسول، ويصر المعترض على أنهن بناته على الحقيقة.


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 71.

([2]) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» (الطبعة الخامسة) ج3 ص68 و (الطبعة الرابعة) ج2 ص337 عن: مناقب آل أبي طالب ج1 ص22.

([3]) راجع البحار ج66 ص212.

 
   
 
 

موقع الميزان