وقال المعترض:
«وقد
أطال السيد في نعت الكتب، وتقلب معها بالإحتمالات والظنون.
ونقول لسماحته:
ان أمرا ثابتا عند الأمة، معترفا به، لم ينكره أحد منذ العهد الأول
للإسلام، وحتى عصر أبي القاسم الكوفي، لا تنقضه الشكوك والظنون،
والإحتمالات.
وقوله عن البلاذري والشافي، وتلخيصه وغيرها، وأن القول
إذا فقد منها، ربما كان في غيرها من مؤلفات أصحابها الكثيرة..
أقول له:
هذه ظنون، وهي
عملة زائفة، ليست في سوقنا، فلا حاجة بنا إلى ردها، لأن الظن لا يغني
عن الحق شيئا. ونحن لا نقبل إلا القول الظاهر، والأكيد الواضح»([1]).
ونقول:
أولاً:
لا
معنى لما ذكره المعترض، من أن البنوة الحقيقية للبنات الثلاث لم ينكره
أحد قبل الكوفي، فقد ذكرنا في ما سبق: أن ما قلناه هو ما أشار إليه ابن
عمر، وعروة بن الزبير، والبلاذري، وغيرهم.. وصرحت به الرواية عن رسول
الله
«صلى الله عليه وآله»
والسيدة الزهراء «عليها السلام» في خطبتها. كما أن
الحسين بن حمدان (الخضيبي) أو الخصيبي المعاصر للكوفي، أو المتوفي قبله
بحوالي عشرين سنة قد نقل هذا القول عن غيره.. بالإضافة إلى ما روي في
تفسير سورة الكوثر، وغير ذلك..
ثانياً:
إن الشكوك والظنون من شأنها أن تنقض هذا الأمر، وإن بدا
للناس وكأنه من المسلمات والثوابت، إن كانت هذه الشكوك من موجبات إسقاط
ظهور لفظ «البنت» في البنوة الحقيقية، وتقوية احتمال ان يكون القصد
منها حين إطلاقها الربيبة، وتكون القرينة على ذلك حالية، وهي معرفة
المخاطبين بهذا الأمر.
ثالثاً:
بالنسبة لما اعتبره عملة زائفة، نقول: إننا إذا كنا نعتبر ابن شهرآشوب
ثقة ومعتمداً، فعلينا أن لا نبادر إلى تكذيبه، بل لا بد من التماس
الإحتمالات، والمبررات المعقولة والمقبولة لكلامه.
وليس هذا عملة زائفة، بل هو انسجام مع القناعات، وأداء
للأمانة العلمية، ورعاية لمقامات علمائنا الأبرار.
([1])
بنات النبي «صلى الله عليه وآله»
لا ربائبه ص77.
|