صفحة : 207  

لا بد من رواية:

وبعد أن ذكر المعترض: أننا انفردنا في العصر الحاضر بتأييد مقالة الكوفي، ورفعها من قول شاذ منقطع إلى قول تؤلف عنه الكتب، أو تشاد له الدعائم بالمقالات المحررة، قال عن أقوال النافين:

«إن أقوالهم بالنفي، ودلائلهم عليه لا وجود لها في التاريخ أبدا، بل هي أقوال محكية، وإلا فليحدثنا السيد عن قولهم هذا، هل هو رواية فأين السند؟! أو رأي رأوه فأين المستند؟!

وأما قول الكوفي: وصح لنا ما رواه مشايخنا من أهل العلم عن الأئمة من أهل البيت..إلخ.. فإن قوله هذا كقوله ذاك، يحتاج إلى إثبات.

وليس لما قاله الكوفي أو رواه أي اعتبار، حيث انه الخصم، فلا يجعل حكماً، ولا تقبل شهادته، ولو كان عنده قول صحيح، أو رواية صحيحة لدلنا عليها، وأرشدنا إليها في آثار من سبقه، ولا عطر بعد عروس، ولعرفناها في آثار من تأخر عنه.

وعلى السيد أن يدلنا على الرواية المنسوبة إلى أئمتنا، أو أئمة الكوفي على أقل تقدير، وله منا جزيل الشكر، فما بلغنا عنه إلا التشكيك في قول هذا أو ذاك.

وأسأل السيد العاملي: أن لو كانت رواية عن الباقر، والصادق «عليهما السلام»، أو أي واحد من الأئمة، أكان الرواة يكتمونها عنهم؟! ولو كانت هذه المقولة موجودة في زمانهم أترى يسكت عن ذكرها الأئمة لشيعتهم؟!

وأما الوجوه والشواهد التي أيد بها الكوفي دعواه، فلا تعدل عند الله جناح بعوضة، ولا يغني الشاهد ـ ولو كان ملكا مقربا في هذه المسألة ـ عن ذكر الرواية التي صحت عنده كما زعم، ولو جاء بألف شاهد وشاهد، فما باله أشار إليها، ثم طوى عنها كشحاً؟ أليس هذا دليلاً على كذب مدعاه، وبطلان دعواه؟

وعلى سيدنا العاملي أن يطيل التنقيب في كتبنا، ولا يكلفه ذلك كبير عناء بعد نعمة الحاسوب، وليأتنا بهذه الرواية»([1]).

وحين قلنا له: إن المؤرخين يوردون الأحداث، ولا يشيرون إلى روايات عن الأئمة، ومع ذلك تؤخذ منهم، وتنقل عنهم أصرَّ المعترض على مطالبته الكوفي بالرواية المقطوع بصحتها، وقال:

«من حقنا أن نطالب هذا الشيخ المرتفع، لأنه يزعم أن ما وصله عن الأئمة حول هذا المعنى روايات صحت عنهم، فقوله إذن مقطوع به لوجود الروايات الصحيحة المؤيدة لدعواه، فما باله خاس بوعده، ولم يذكر رواية واحدة من هذه الروايات؟! أو إماماً واحداً من هؤلاء الأئمة؟!.

وهذا كتابه الإستغاثة، وهو الكتاب الوحيد الذي بلغنا عنه، ويحتوي على هذه الفرية، وهو بين يدي السيد، فليدلنا على رواية أو شبه رواية حول الموضوع، عن واحد من الأئمة.

وبهذا صار الكوفي مطالبا بالقول القاطع دون غيره، لأنه يفتري، ويزعم لافترائه الصحة من غيره، بخلاف أولئك المؤرخين».

وحين قلنا لهذا المعترض: «ألم يكفه ما قدمه له من روايات صحيحة أيد بها مدعاه»([2]). ونقصد أنه أشار إلى وجود هذه الروايات، وذكر مضمونها، وإن لم يذكر سندها.

أجابنا المعترض بقوله: «في أي موضع من كتابه قدم هذه الروايات؟ وليس بأيدينا منه إلا كتاب الإستغاثة، وهل فيها إلا أقوال محكية، وادعاءات واهية عن هذه المسألة»؟!([3]).

وقال: «ولم يوقفنا السيد في «بنات النبي أم ربائبه» على قول لغير الكوفي ممن يوثق به من أسلافنا وأوائلنا، قبل الكوفي أو بعده على الاستقلال. والذين ذكر مقالتهم، سواء من سبقه أو لحق به لا يقل عن الكوفي، ولا يختلف رأينا فيه عن رأينا فيه»([4]).

ونقول:

إننا نوضح مقاصدنا ضمن العناوين التالية:


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص80 و81.

([2]) القول الصائب ص51.

([3]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص81 و82.

([4]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص85.

 
   
 
 

موقع الميزان