وقال المعترض عن هجرة أم كلثوم:
«إن لفظ الفواطم يشملها، كما تقول القمران، وهما شمس وقمر على وجه
التغليب، ولم يرده السيد، لأنها وإن لم تسم فاطمة إلا أنها منهن، وكن
ثلاثة، فقيل: الفواطم. وما المانع أن تكون الرابعة ويغلب عليها اسم
الفواطم؟! ولو كانت زينب منهن لما ذكرت، وأما أم أيمن فلم تكن منهن،
ولذلك أفردت بالذكر»([1]).
ونقول:
أولاً:
إن للتغليب شرطاً لا بد من توفره في مورده، وهو أن يكون
بين الطرفين أو الأطراف في مورد التغليب تلازم ذهني، كما هو الحال بين
القمر والشمس، وبين أبي بكر وعمر. وبدون ذلك لا يصح التغليب، فلا يصح
تغليب القلم مثلاً على العصا، فلا يقال: القلمان، بل لا يصح تغليب
القلم على الدواة رغم التلازم بينهما، فلا يقال الدواتان مثلاً.
ثانياً:
إن كلمة الفواطم لم تأت على سبيل التغليب، لأنها صيغة جمع، ولها
منطبقاتها الفعلية، وهن الفواطم الثلاث باعتراف المعترض: فاطمة بن
محمد، وفاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، وأما أم أيمن
فلم تدخل في الفواطم، ولذا احتاجت إلى التنصيص عليها.
ثالثاً:
تساءل المعترض عن أنه ما المانع من أن تكون أم كلثوم هي الرابعة، وتكون
مقصودة مع الفواطم الثلاثة بكلمة الفواطم.
ونجيب:
إنه لا مانع من ذلك سوى أنه لا دليل ولا دلالة على هذا
الشمول، ما دام أن اللفظ قد استنفد مدلوله، فإدخال أي عنصر جديد فيه
يحتاج إلى وسيلة تحمل دلالة وموافقة لمتطلبات الدلالة، من حيث صحتها
وسلامتها وكفايتها..
قال ابن سعد عن أُم كلثوم:
«.. وخرجت مع عيال رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة، فلم
تزل بها إلخ..»([2]).
ونقول:
إن ذلك موضع ريب، فإن النبي «صلى الله عليه وآله» إنما
أمر علياً «عليه السلام» أن يأتيه بالفواطم، ولم يذكر له أُم كلثوم.
كما أنه حين طالبه أبو بكر وألح عليه بدخول المدينة،
رفض ذلك وقال: لست بداخلها حتى يقدم علي أخي وابن عمي، وابنتي فاطمة،
ولم يذكر سواها «عليها السلام»، لا أم كلثوم، ولا غيرها.
فمن أين علم ابن سعد بأنها خرجت مع عيال رسول الله «صلى
الله عليه وآله»؟!.
([1])
بنات النبي «صلى الله عليه وآله»
لا ربائبه ص84.
([2])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج 8 ص37.
|