وقال
المعترض:
«هل يكفي للمخالف أن يقول: عندي روايات صحيحة، وآيات صريحة، يشير إليها
ولا يذكرها؟! فهل يكفي ذلك في صحة الرأي؟.».
إلى أن قال:
«إن وصف الرواية بالصحة، ثم الإشارة إليها مع عدم ذكرها بمتنها وسندها
دليل على أنها الطحلب يتشبث بها الغريق.
ولو كانت رواية في حوزته، وإن كانت أوهى من بيت
العنكبوت لذكرها، فما هو المانع من ذكرها مع الإخبار عن وجودها، ليت
شعري؟!
وإذا كان الكوفي لم يصبها، أو أصابها ولم يذكرها، فلا
بد من وقوف السيد عليها لاطلاعه الواسع. فليذكرها لنا جزاه الله خيراً»([1]).
ونقول:
أولاً:
نعم، يكفي للمعترض أن يقول: عندي روايات صحيحة، يشير إليها، ولا
يذكرها، إذا كان يعرف أن هذه الروايات يعرفها من يخاطبهم، وهي في
متناول أيديهم.
وكذا إذا كان يعرف أن الناس يثقون بنقله، ويعتمدون على
قوله.
وهذا هو ظاهر الحال، حيث إن أحداً لم ينكر الروايات
التي أشار إليها الكوفي، ولا شكك في نقله، ولا اعترض على وصفه لها
بالصحة. ولا طالبوه بأن يطلعهم عليها. وكتاب الكوفي كان شائعاً
ومعروفاً، ووصف بأنه لم يؤلف مثله.
وأما كلام الشيخ المفيد فلم يثبت أنه ناظر إلى كلام
الكوفي، ولا إلى دليله، وإنما هو تحدث عن نفس القول، وأنه شاذ، مما
يعني عدم أخذه بمضمون تلك الروايات.
ثانياً:
لماذا يريد المعترض أن يفرض على الكوفي خطة معينة في تأليف كتابه.. فإن
كتابه لم يكن بصدد الاستدلال على أحد.. كما أنه مبني على الاختصار، فهو
نظير التبصرة إذا قيس بشرح اللمعة، أو مثل شرح اللمعة بالقياس إلى
جواهر الكلام، فإننا لا نطلب من شارح اللمعة أن يذكر لنا الروايات، بل
نكتفي منه بالإشارة العابرة إلى أصل وجودها.
ثالثاً:
قد ذكرنا للمعترض بعض الروايات عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
وذكرنا له ما قاله ابن عمر، وعروة بن الزبير، وغير ذلك من شواهد ودلائل
فلم يرضها..
على أن الروايات المشار إليها في كلام الكوفي لم نقف
عليها، وهي كروايات الشهادة لعلي «عليه السلام» بالولاية في الآذان،
فإن الصدوق، والشيخ الطوسي، وسائر العلماء أشاروا إلى وجودها، ثم
تركوها، ولم ينقلوها، ربما ظناً منهم بأنها تريد أن تثبت جزئية الشهادة
الثالثة في الآذان.. مع أنها إنما تريد أن تقول هي مستحب في ضمن مستحب،
كاستحباب الصلاة على النبي «صلى الله عليه وآله» في الركوع والسجود بعد
التسبيح في الصلوات المستحبة.. أو في الصلاة الواجبة..
فلما تركها هؤلاء العلماء لم يصل إلينا منها شيء. ولعل
هذا المورد مثل ذلك المورد.
([1])
بنات النبي
«صلى الله عليه
وآله»
لا ربائبه ص 104.
|