وقال المعترض:
«أما جرح الكوفي فهو حاصل من علماء الجرح والتعديل بلا ريب في ذلك.
ولكن هل قال بنفي السيدات قبل ارتفاعه أو بعد؟!
أنا اعتقد:
أن الغلو والارتفاع لم يهبوا عليه بواسطة ملاك الوحي في مرحلة معينة من
عمره، بل كان الرجل مغالياً من مبتداه إلى منتهاه، ولازم ذلك جرحه في
عمره كله»([1]).
ونقول:
أولاً:
إننا لا نوافق على أن علماء الجرح والتعديل قد جرحوا الكوفي في زمان
استقامته، بل ظاهر كلامهم أنهم يأخذون عليه غلوه وتخليطه، وانحرافه
وفساد مذهبه في أواخر عمره.
ثانياً:
تقدم: أن ثمة ثناءً عليه، وتعظيماً لشأنه. من علماء مشهود لهم، بل إن
بعضهم وصفه بالسيد، الأيد، الإمام الفاضل. كما أن الشيخ حسين بن عبد
الوهاب ألف كتاباً تتمة لكتابه. وقد وُصِفَ كتابه الاستغاثة بأنه لم
يؤلف مثله..
ثالثاً:
والأعجب من ذلك كله حكم المعترض بأن الكوفي كان مغالياً من مبتداه إلى
منتهاه، فلازم ذلك جرحه في عمره كله. فإن هذا اجتهاد في مقابل نص جميع
من ترجم للكوفي على أنه إنما فسد مذهبه في أواخر عمره..
ونحن نعلم أن المعترض لا يعلم الغيب، وليست لديه وسائل
معرفة خاصة به، تخوله إصدار مثل هذه الأحكام التي لا شاهد لها.
رابعاً:
إن كان قوله: إن المتأخر من الاعتقادات لا ينزل بالوحي، فلا بد من
تعميمه إلى العمر كله قاعدة مطَّردة، فعلينا أن نحكم على كل من أسلم في
آخر عمره: أنه كان مسلماً من مبتداه إلى منتهاه..
وأن كل من كفر في آخر عمره، كان كافراً من مبتداه إلى
منتهاه..
وعلينا أن
نرتب آثار هذا وذاك على مورده.
وهذا لا مجال للقبول به كما هو معلوم.
([1])
بنات النبي
«صلى الله عليه
وآله»
لا ربائبه ص107.
|