واعتبر المعترض أدلتنا على نفي بنوة البنات لرسول الله
«صلى الله عليه وآله» مجرد تقولات لا أصل لها، من قبيل وجود بنات لرسول
الله «صلى الله عليه وآله» بنفس الاسم متن في الجاهلية، أو وجود
هالتين: واحدة من والد خديجة «عليها السلام»، والأخرى من أمها، ليصح
زواج الأخ من أخته. بهذا الوهم الغريب العجيب، الذي مستنده قول المتهم
الكوفي.
إلى أن قال مخاطباً لنا:
«أخرج أولاً من عهدة زواج أبي العاص أخي زينب من أمها هالة، ثم قل
بعدها ما تشاء فيها، وفي أخواتها. أو دلنا على مصدر غير الكوفي يثبت
هالة أخرى للقمر»([1]).
ونقول:
أولاً:
إننا لم نستدل على نفي بنوة البنات للنبي «صلى الله عليه وآله» بوجود
بنات بنفس الأسماء متن في الجاهلية. بل استدللنا على النفي بالرواية عن
رسول الله «صلى الله عليه وآله» والزهراء «عليها السلام».. وبسكوت
الصحابة عن الإعتراض.. وبقول ابن عمر..
وبقول عروة ابن الزبير..
وبغير ذلك من أدلة وشواهد.
ثم احتملنا وجود بنات بهذه الأسماء متن في حال الصغر،
لأجل الجمع بين الروايات.
كما أننا لم نستدل على نفي بنوة البنات لرسول الله «صلى
الله عليه وآله» بوجود هالتين: إحداهما من والد خديجة، والأخرى من
أمها.. بل أدلتنا هي الروايات المشار إليها آنفاً، وأوردنا كلام الكوفي
كأحد النصوص التي يفترض أن نتعامل معها بما تستحقه من عناية واهتمام..
ثانياً:
حكمه على ما ذكره الكوفي عن وجود هالتين بأنه وهم عجيب وغريب، ليس له
ما يبرره، بل هو كسائر النصوص التي لا بد أن تبقى في دائرة الإمكان حتى
يذودنا عنها قاطع البرهان.
وكون الكوفي متهماً ـ لو صح ـ لا يعني كذب كل ما
ينقله.. بل الاتهام معناه احتمال الصحة، واحتمال البطلان.
ثالثاً:
قد طلب المعترض منا أن نحل مشكلة زواج أبي العاص من زينب بنت هالة، مع
كون هالة هي أم أبي العاص أيضاً.
ونقول له:
إن الكوفي قد حل هذه المشكلة، ولكن المعترض لم يرضَ بالحل الذي ذكره،
بل اعتبره وهماً عجيباً وغريباً، من دون أن يذكر أي مبرر لهذا التوصيف.
رابعاً:
لماذا يصر علينا بأن نأتي بمصدر آخر غير الكوفي يثبت وجود هالة أخرى..
فإنه يكفينا احتمال صحة كلام الكوفي، لإسقاط الدليل المقابل عن صلاحية
الاعتماد والاستناد، ولا نريد أكثر من ذلك.
خامساً:
ذكرنا في هذا الكتاب ما يدل على وجود هالة بنت النباش. فيحتمل أن تكون
هي أم زينب، وقد يكون والد زينب من قبيلة جحش، حسبما ورد في بعض
النصوص.
([1])
بنات النبي
«صلى الله عليه
وآله»
لا ربائبه ص115.
|