قرر المعترض:
أن أدلتنا ـ عنده!! ـ «ما هي إلا الالتواء، والفرض، واللف
والدوران. من قبيل استعمال الجمع في المفرد مجازاً من دون قرينة.
واستعمال البنت في الربيبة مجازاً بقرينة منفصلة،
ليست موجودة مع اللفظ المستعمل، لتمنع اللبس والتبادر، بل هي في
كتب أخرى، وروايات أخرى.
ومن قبيل الهالتين، والبنات الميتات في الجاهلية.
وهل تصلح هذه أن تنهض دليلاً يقابل به قول المثبتين
المستند على القرآن والسنة المعصومة.
وأما المقريزي والبلاذري، فهما في المثبتين، لأن
الأول أثبتنا غفلته.والثاني ذكر في كتابه المخصص للأنساب الشريفة
السيدات في بنات رسول الله «صلى الله عليه وآله».
والقول المعزو إليه وهم. وهذا حقيقة رأيناها
بالعين، وأدركناها بالعقل، فكيف نصدق الوهم، ونكذب الحقيقة؟!([1]).
ونقول:
لا مناص لنا من ملاحقة هذا التكرار للمكررات، مهما
طال وتعدد، فنقول:
أولاً:
قد استدللنا على ما نذهب إليه بالروايات عن رسول الله «صلى الله
عليه وآله»، وبإقرار ابن عمر، واعتراف عروة بن الزبير، وبالروايات
التي أشار إليها الكوفي، وبما قالته السيدة فاطمة الزهراء «عليها
السلام» في خطبتها في الأنصار.. وبغير ذلك.. من شواهد ودلائل، فهل
ذلك كله لف ودوران، والتواء؟!..
ثانياً:
ما ذكره المعترض من أننا نستدل باستعمال الجمع في المفرد مجازاً من
دون قرينة. غير دقيق لما يلي:
ألف:
لأن المورد ليس من قبيل استعمال الجمع في المفرد مجازاً، بل هو من
قبيل استعمال اللفظ في طبيعي المعنى وحقيقته من دون نظر إلى
أفراده. أي على نحو القضية الحقيقية لا الخارجية..
ب:
حتى لو كان من استعمال الجمع في المفرد، فإنه لا
يكون من دون قرينة، لأن القرينة هي معرفة الناس بأن للنبي «صلى
الله عليه وآله» وسلم بنتاً واحدة، وأن البنات لسن بنات له
بالولادة، وإنما ينسبن إليه لأجل تربيته لهن.. فالقرينة حالية
معروفة.
ثالثاً:
بالنسبة للقرينة المنفصلة نقول:
ليست القرينة منفصلة بالنسبة لمن كان الخطاب يوجه
إليهم، لأنها قرينة حالية معروفة وظاهرة للجميع، والقرائن الحالية
تكون متصلة، وليست منفصلة.
ولكنها صارت منفصلة بالنسبة إلينا نحن، بعد أن قلَّ
تداولنا لموضوع البنات، لأجل عدم الحاجة إليه.وقد دونت الكتب،
وانتشرت الروايات فيها على أساس القرينة الحالية المشار إليها، ثم
مرت أجيال فقد الناس فيها الإلتفات فيها إلى القرينة الحالية بصورة
تدريجية.
وقد أشار المعترض إلى ذلك حين
ذكر:
أن القرينة وردت في كتب وروايات أخرى، وفقدانها بالنسبة إلينا لا
يضر، ولذلك نظائر كثيرة في المجالات المختلفة.
رابعاً:
بالنسبة إلى الهالتين فإنما ذكرهما أبو القاسم الكوفي في سياق عرضه
للروايات المتوفرة لديه حول هذا الموضوع، ولا دليل يثبت بطلان هذه
الروايات.
ولم نذكر ذلك لنستدل به على ما ندعيه.
خامساً:
بالنسبة للبنات الميتات في الجاهلية، نقول:
ألف:
لم نذكر أنهن متن في الجاهلية، بل قلنا: إنهن متن صغاراً.
ب:
إننا لم نذكر ذلك ليكون دليلاً على نفي نسبة البنات إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله». وإنما ذكرناه على سبيل الإحتمال، بعد أن
أقمنا الأدلة على عدم كون زوجتي عثمان، وزوجة أبي العاص ابن الربيع
بنات لرسول الله «صلى الله عليه وآله».
سادساً:
قول المثبتين بكون البنات بنات لرسول الله «صلى الله عليه وآله»
على الحقيقة لا يستند إلى القرآن، ولا إلى السنة المعصومة، وقد
أوضحنا ذلك أكثر من مرة.
سابعاً:
قول المعترض: إنه قد اثبت غفلة المقريزي لا مجال لقبوله، فإن ما
ذكره لا يعدو كونه مجرد احتمال لا شاهد له، ولا دليل عليه.
وإهمال المقريزي ذكر ثلاث بنات، حيث تحدث عن واحدة
فقط هي زينب. لعله لأجل ظهور النزاع في زمنه في خصوص زينب، دون
سائر البنات، وربما يكون هناك أسباب أخرى.
كما أن ذكر زينب بعنوان أنها بنت لا يتنافى مع
ذكرها بعد ذلك بعنوان أنها ربيبة، لأن الربيبة يطلق عليها أنها بنت
أيضاً.
ثامناً:
بالنسبة للبلاذري نقول:
لعل البلاذري ذكر في كتاب الأنساب أمراً ثم عدل عنه
في كتاب الأخبار أو في غيره. أو العكس.. ولعله أراد بالبنت في كتاب
الأنساب الربيبة لا البنت الحقيقية، ويكون قوله في الكتاب الآخر
بأن البنات ربائب قرينة على ذلك.