قال المعترض:
«هؤلاء المؤرخون الذين سماهم جملة لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة إزاء
المئات من مؤرخي الإسلام».
وهنا يأتي التساؤل بأنه لو اتخذ السيد حكماً في قضية
مّا، فشهد لأحد المدعين عشر أو عشرون، أو حتى مئة، ثم شهد للمدعي الآخر
ألف، فلمن يحكم ليت شعري؟!.
لعل السيد يقول:
أنظر إلى وثاقة الفريقين وعدالتهم.
نقول ذلك بعد فرضهم بمستوى واحد من حيث الوثاقة
والعدالة. بل ربما كان في الألف من هو أعدل وأوثق. بالطبع سيحكم السيد
لهؤلاء على أولئك.
وما نحن فيه من هذا النمط، خالف
بعض المؤرخين في السياق المعلوم المتفق عليه، فجاء السيد فجعل من
أقوالهم جزءاً متمماً لهذه الأدلة التي ساقها، وقد عرفت حالها»
([1]).
ونقول:
أولاً:
إن دليلنا ليس هو أقوال المؤرخين الذين يأخذ بعضهم من بعض، ويرسلون
أقوالهم في العادة اعتماداً على من سبقهم، بل الدليل هو ما ورد عن رسول
الله «صلى الله عليه وآله»، والسيدة الزهراء «عليها السلام»، وكلمات
الصحابة والتابعين، وروايات وشواهد ودلالات عديدة، ذكرناها في كتابنا
«بنات
النبي «صلى الله عليه وآله» أم ربائبه»
و «القول
الصائب في إثبات الربائب»
وهذا الكتاب.
وقد اعترف المعترض في عبارته
المذكورة:
بأن أقوال المؤرخين لم تكن هي الدليل عندنا، بل هي جزء متمم للأدلة
التي سقناها، فلاحظ ذلك. فلا عبرة بكثرة القائلين إذا دل الدليل على
خطأهم فيما قالوه.
ثانياً:
إن كثرة الأقوال لا تجدي ولا عبرة بها، إذا علمنا: بأن أكثر أقوالهم
تنتهي إلى ابن إسحاق، وابن عقبة، والواقدي وربما إلى بعض آخر. وإن
هؤلاء متهمون في هذا الأمر بالسعي إلى تأكيد فضيلة لخليفتهم عثمان..
ومتى كانت كثرة أقوال غير أتباع أهل البيت «عليهم
السلام» دليلاً على الصحة، أو على البطلان. خصوصاً مع وجود التهمة
لهم..
ومتى كان إجماع غير شيعة أهل البيت من موجبات إبطال
الأدلة الصحيحة، والروايات الصريحة. إذا توافرت.. بل المعترض نفسه قد
صرح في كتابه: فاطمة الزهراء: دراسة في محاضرات، بأنه لا يرضى بالأخذ
من غير شيعة أهل البيت «عليهم السلام». فراجع..
ثالثاً:
إن الأمر هنا أن لا يقتصر على الشهادات، ليقال: إذا تعارضت الشهادات
فالحكم كذا، بل إذا كانت الوثاقة في النقل ثابتة في الفريقين، فإنه
يؤخذ بشهادة الفريق المؤيد بالشواهد الأخرى، لأن هذه الأدلة والقرائن
من موجبات زيادة الإطمئنان بالصحة والصدق، فكيف إذا كانت الشهادات
الأخرى موضع ريب وشبهة كما أشرنا إليه؟!
([1])
بنات النبي
«صلى الله عليه
وآله»
لا ربائبه ص 117 و118.
|