وبعد أن ذكر المعترض:
أنه وإن كان قد تشبث بأقوال المؤرخين المنحرفين، ولكنه جعل أقوال
أئمتنا ومؤرخينا في المقدمة، وساق أقوال هؤلاء، شاهداً على صحة أقوال
مؤرخينا ورواتنا، قال:
«وأرى من حقي أن افعل ذلك في مقابل ما فعله صاحب
السماحة، لأنه استدل على النفي بمن استنكر علينا الاستدلال بهم،
فاستدللنا للإثبات عليه بهم. وما المانع أن يصدق هؤلاء الذين نعتهم
بالنعوت الباطلة، وليسوا كذلك في جملتهم، نعم منهم من يحمل هذه الصفات،
كما أن فيهم من يبحث عن الحقيقة قربة لوجهها.
وهذه كتبنا الأربعة مشحونة في الرواية عنهم، وهي أساس
فقهنا الشيعي، ولم يلقها عن الاعتبار أحد، ومن هؤلاء من نحتج بهم على
خصومنا إلخ([1])..».
ونقول:
أولاً:
إننا نرد كلام المعترض عليه، ونقول له: ما المانع من أن يصدق الكوفي،
الذي نعته بتلك النعوت القاسية؟.. فإن الكاذب قد يصدق أيضاً.
ثانياً:
إن الكوفي لم ينفرد بهذا القول، بل ذهب إليه أيضاً عروة بن الزبير وابن
عمر، بالإضافة إلى الكراجكي، والمقريزي، وكاشف الغطاء، والنويري،
ومغلطاي، والمقدسي، وتاج الدين الأصفهاني، والدلفي، والجزائري،
والكاظمي، وربما المحقق الكركي، والمقدس الأردبيلي، وآل يس، والخاقاني،
والطريحي، والبلاذري ومن أشار إليهم ابن شهرآشوب.. ومن شئل عنهم
المفيد، ومن أشار غليهم الخصيبي، وغير هؤلاء.. فإذا فرضنا أنه يطعن
بالكوفي، فلا موجب للطعن هؤلاء جميعاً، وهم قد ذهبوا إلى نفس ما ذهب
إليه الكوفي..
ثالثاً:
قول
المعترض: إنه ساق أقوال المنحرفين لتكون شاهداً على صحة أقوال مؤرخينا
ورواتنا،
مرفوض عندنا، فإن قول المنحرف لا يصلح شاهداً على
الصحة، وإنما نذكره على سبيل الإلزام للآخرين الذين يعتبرونه مرجعاً
لهم، ويلزمون أنفسهم بالأخذ منه وعنه.
وربما نورده لأجل أنه يمثل اعترافاً بالحق ممن يجهد
لطمسه، والتخلص منه، وربما نورده في سياق جمع القرائن، الموجبة لتقوية
الاحتمال، وتأكيده.
رابعاً:
إننا حين أخذنا على المعترض: أنه إنما استدل بأقوال أناس شحنت كتبهم
بالترهات والأباطيل، وأن كثيراً منهم متهم بالكذب، وبالتحامل على أهل
البيت «عليهم السلام»، لأنه أصر على أن الطعن في الكوفي يدعو إلى إسقاط
أقواله حول البنات، واعتبارها مجرد أمور مكذوبة ومختلقة.
فلا معنى لقول المعترض هنا:
إن من حقه أن يستدل بهؤلاء لأننا نحن استدللنا على النفي بمن أنكرنا
عليه الاستدلال بهم.
([1])
بنات النبي
«صلى الله عليه
وآله»
لا ربائبه ص 119.
|