صفحة :   

كتاب الإستغاثة مشكوك فيه:

وقال المعترض عن قائمة الكتب التي يناقش في انتسابها إلى مؤلفيها ما يلي:

«أولاً: هذا التشكيك صيرها من الدرجة الثانية بعد ثباته، ومنه تشكيك باطل، أفصح العلماء عن صحة إسنادها إلى أصحابها. ولو صدقنا كل قول يقال في كل كتاب، فإن كتاب الاستغاثة أيضاً مشكوك فيه، لأن منهم من ينسبه إلى الشيخ ميثم البحراني. فماذا يقول السيد هنا؟

والسيد يعلم: أن هذه الكتب التي أحصاها ما عدا الروضة، ومكارم الأخلاق، وكنز جامع الفوائد، وقرب الإسناد، وكتاب الرجال لابن الغضائري، والإمامة والسياسة، الذي طعن فيه ابن تيمية لعنه الله، أثبتوا صحة نسبتها إلى أصحابها، وما عداها لا يأخذون فيه بالمسائل الجوهرية، إنما يقتصرون منها على الرقائق والمواعظ والسلوكيات، فلا ينكرون بها ثابتاً، ولا يثبتون بها حادثة لم تثبت.

والتفسير المنسوب للإمام العسكري ما رأيت من ذكره إلا مصحوباً بقوله: المنسوب إلى الإمام، مما يوحي بالتوقف في صحة النسبة.

ومع كل هذا فلا نفتي بإعدامها، ولا نقول بعدم وجود قول صحيح فيها أصلاً، نعوذ بالله من هذا الزيغ، ولكن إذا انفردت بقول، وخالفتها فيه كثرة كاثرة، من الكتب الموثقة، فإن أقوالها عندئذ مطروحة، ولا يؤخذ بها، بل ولا يعتضد أيضاً»([1]).

ونقول:

أولاً: بالنسبة لنسبة كتاب «الاستغاثة» لميثم البحراني، نقول:

قد ظهر بالدليل أنها نسبة خاطئة، لا يصح إدراجها في الاستدلال، ولا الاعتماد عليها بحال من الأحوال.

ثانياً: إن نسبة كتاب الاستغاثة إلى ميثم البحراني تجعل الحجة على المعترض أقوى وأوضح، إذ لم يطعن أحد على ميثم بما طعن به على الكوفي، ولم يتهم بشيء مما اتهم به، ولا يستطيع المعترض أن يدعي عليه أنه اختلق هذا القول في السيدات الكريمات.

ثالثاً: إن العبرة ليست بكثرة القائلين وقلتهم، وإنما العبرة بما قام عليه الدليل، وأيدته الشواهد، فإذا خالفت الكثرة ما دل عليه الدليل لم يعبأ بها، ولا يلتفت إلى كثرتها.

رابعاً: إذا كان المعترض لا يقول بعدم وجود قول صحيح في الكتب المشكوك في نسبتها إلى مؤلفيها، فلماذا يعترض على النص الذي أوردناه من كتاب البدء والتاريخ؟! وعلى النص الذي أوردناه عن كتاب الإستغاثة؟! معتمداً على أنها كتب يشك في نسبتها إلى مؤلفيها، فلعله من النصوص الصحيحة التي وردت في هذا الكتاب أو ذاك.

خامساً: ما ذكره المعترض من أن العلماء قد اثبتوا صحة نسبة بعض الكتب التي ذكرناها إلى مؤلفيها، فخرجت عن دائرة الشبهة جار أيضاً بالنسبة لكتاب الاستغاثة، فقد أثبت العلماء صحة نسبته إلى الكوفي، فلا مجال للنقض به.

سادساً: ما ذكره من أن العلماء قد أثبتوا صحة نسبة الكتب التي ذكرها إلى مؤلفيها ليس على ما يرام، فإن الشبهة لا تزال قائمة بالنسبة لعدد منها، فإن أدلتهم غير ناهضة على صحة النسبة بصورة حاسمة، فراجع أدلتهم حول نسبة كتاب الغضائري، والإمامة والسياسة، وغيره مما ذكره.

سابعاً: قول المعترض عنا: إننا نعلم: أن العلماء قد اثبتوا صحة نسبة تلك الكتب، فلا ندري من أين حصل على هذا العلم بأمر لا يمكن معرفته إلا بالتصريح به إلا من قبلنا.. ونحن لم نصرح لأحد بهذا الأمر، بل قد صرحنا بخلافه.


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 119و120.

 
   
 
 

موقع الميزان