صفحة :356   

كل إجماع فيه مخالف:

وقال المعترض: «وأسأله أن يدلنا على إجماع واحد خالٍ من قول مخالف، أو إجماع فيه مخالف، ولا يسمى عند العلماء إجماعاً. وإذا كان الإجماع عنده أن يتفق فيه القائلون أجمعين اكتعين أبصعين، فهذا إجماع لا وجود له».

وقال: «ونحن جعلنا معولنا على إجماع طائفتنا. أما إجماع ابن إسحاق، وابن عقبة، فلا يعدل عندنا شيئاً، وإن كنا ذكرناهم فللإشارة إلى موافقتهم لعلمائنا على ما خالفوهم فيه».

وأما قوله: «إن المجمعين متهمون» فأساله: مَنْ مِنْ هؤلاء متهم؟! الشيخ المفيد؟! أم الشيخ الكليني؟! أم الشيخ الطوسي؟! أم الصدوق؟! أم السيد الجزائري؟! بإزاء أبي القاسم الكوفي» ([1]).

ونقول:

أولاً: لا صحة لما قاله المعترض من عدم وجود إجماع خال من قول مخالف.. والأمثلة على ذلك كثيرة إلا على بعض المباني التي انفرد بها بعض العلماء، حيث يطلقون الإجماع على معان تختلف عما هو معتمد لدى الأكثر فراجع([2]).

ثانياً: إن تعابير العلماء تشير إلى أن وجود المخالف قادح في الإجماع، ويمنع من التسمية به، ولذلك يقولون: «كاد أن يكون إجماعاً» أو لم أجد فيه مخالفاً، أو بلا خلاف. ونحو ذلك.

ثالثاً: إذا كان المعول عند المعترض هو إجماع الشيعة وحسب، فما باله أهمل قول الطوسي، والمرتضى الذي نقله عنهما ابن شهرآشوب، وأهمل قول الكراجكي، والجزائري، وكاشف الغطاء، والطريحي، والمقدس الأردبيلي، وربما الشيخ الكركي.. وغير هؤلاء، ممن ذكرهم ابن شهرآشوب!!

وما باله أهمل الذين ذكرهم الخصيبي، والذين ذكروا في السؤال الموجه إلى الشيخ المفيد، الذين وصف المفيد قولهم بالشاذ، مع عدم وجود ما يدل على عددهم بالنسبة لغيرهم، ولعلهم لا يقلون عن غيرهم في الكثرة..

رابعاً: إن المتهمين من المجمعين هم من غير شيعة أهل البيت «عليهم السلام»، وهم الذين لم يزل المعترض يحتج علينا بأقوالهم..

أما علماء الشيعة فحاشاهم، غير أن أكثرهم إذا أخذ هذا القول أخذ المسلمات، ولم يحقق فيه فإن تهمته تصبح في تقصيره في هذا الأمر بخصوصه..

خامساً: أننا نأخذ على المعترض هنا أنه ذكر في جملة المجمعين على ما يذهب هو إليه بعض من نسب إليه العكس، وهو الطوسي، كما قاله ابن شهرآشوب. ومن يصرح بأنه يقول بأنهن ربائب، وهو الجزائري في كتابه زهر الربيع.

سادساً: إن هذا الأمر ليس من الأمور التوقيفية التي لا تعلم إلا من المعصوم، ليكون الإجماع كاشفاً عن قول المعصوم فيها.. بل هي قضية تاريخية تعرف بالنقل، ولا يجب على المعصوم بيانها.


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 120و121.

([2]) راجع كتاب الرسائل للشيخ الأنصاري، فصل: الإجماع المنقول.

 
   
 
 

موقع الميزان