صفحة :368   

لماذا الإعتماد على الزبير بن بكار؟!:

ثم ذكر المعترض: أنه يحاسبنا على الاحتجاج بالزبير بن بكار، لأننا لم نحتج براوٍ من رواة الشيعة، أو بكتاب من كتبها..

إلى أن قال: «وإلا فليتفضل علينا سيدنا بقول واحد حول المعنى، مرتبط بشيعة أهل البيت، من رواة ومؤرخين».

ثم ذكر قولنا: إن مستندنا لا ينحصر بكلام الزبير بن بكار، فرد علينا بقوله: «هذا الذي مازج روايات ابن بكار فراحت عند السيد أدهى منه وأمر. ونحن نطالب السيد بالمصادر الشيعية، التي تعضد قوله، وتؤيد دعوى صاحبه.. ولماذا لم يذكر واحداً منها».

ثم ذكر أن مجرد الجرح لا يجعل كلام المجروح كذباً. ولكنه عقب على ذلك بقوله:

«المجروح لا يصدق وحده على القضية المشكوك في صحتها،بل المتيقن كذبها، ولا يجعل ضمن الشهود الذين تثبت بهم صحتها ووقوعها. بل انفرادهم بذكرها يزيدها بعداً عن الصدق والوقوع([1])».

ونقول:

أولاً: إن احتجاجنا على مخالفينا بما ذكره علماؤهم في مصادرهم لا يتوقف على توثيقنا لأولئك العلماء، ولا على الحكم بصحة تلك المصادر. بل هو من باب الإلزام لهم بما يلزمون به أنفسهم.

ثانياً: إننا حين نقول: لا نعتمد على الآخرين في رواياتهم، فلا يعني ذلك أننا نخسر شيئاً من الروايات الصالحة.. لأن ما رواه لنا جماعة أهل الحق عن النبي «صلى الله عليه وآله»، وعن الأئمة الطاهرين يغنينا عن كل أحد.

وإنما نريد أن نحتج على أولئك الناس، ونحاول إيضاح الحقائق لهم رغبة منا في هدايتهم إلى ما هو حق وصدق، كان يفترض فيهم أن يصلوا إليه بأنفسهم، لو أنصفوا، ونظروا إلى الأمور، وإلى ما عندهم ببصيرة ووعي.

ثالثاً: إن مجرد رواية الثقات منا ومن أتباع المذاهب الأخرى لحديث، لا يعني أنه يجوز لنا أن نوثقهم، وأن نوثق مصادرهم. بل هو يسوغ لنا إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم من جهة، ويؤكد يقيننا بما نحن عليه من جهة أخرى، فإثبات وثاقتهم، تحتاج إلى وسائل إثبات أخرى، أما الرواية للحديث (بمجردها) فلا تفيد، ولا تدل على ذلك.

رابعاً: إن هذا البعض قد تساءل عن غرض رواتنا من ذكر بنوة البنات الحقيقية للنبي «صلى الله عليه وآله».. فإن أهل السنة إذا كانوا قد ذكروا ذلك لأجل تأييد عثمان.. فإن هذا لم يكن غرض رواة الشيعة من ذكرهم لهذا الأمر..

ونجيب:

إن المعترض نفسه قد ذكر أن المقريزي قد غفل عن الحقيقة، حين ذكر أن زينب كانت ربيبة النبي «صلى الله عليه وآله»، فلماذا لا يفترض أن رواة الشيعة قد تابعوا أهل السنة في روايتهم لبنوة البنات، وغفلوا عن كونهن ربائب. أولم تتوفر لهم المصادر التي ذكرت هذا الأمر، أو أنهم لم يلتفتوا إلى دلالة النصوص التي ذكرت ذلك.. أو أنهم أرادوا أن البنات بنات الرسول بالتربية لا بالولادة؟!

خامساً: قول المعترض إننا لم نحتج براوٍ من رواة الشيعة، أو بكتاب من كتبهم، غير مقبول.. فمراجعة ما ذكرناه في كتابنا هذا وفي الكتابين اللذين سبقاه حول هذا الموضوع تظهر خلاف ذلك.

هذا عدا ما أشرنا إليه من مؤلفات حول موضوع الربائب، وما أشرنا إليه عن المرتضى والطوسي، وابن شهرآشوب، والكراجكي، والمقدس الأردبيلي، وكاشف الغطاء، والجزائري، والطريحي.. وغير هؤلاء ممن ذكرنا أسماءهم مرات كثيرة.

سادساً: قول المعترض: إن مجرد الجرح لا يجعل كلام المجروح كذباً هو عين ما نقول به بالنسبة للكوفي وغيره ممن حاول المعترض رد كلامهم.

سابعاً: قول المعترض: إن المجروح لا يصدق وحده، هو ما نقول به أيضاً..

ولكننا نقول أيضاً:

ألف: إن الكوفي ليس وحده هنا، بل معه ابن عمر، وعروة بن الزبير، والبلاذري، والمقدسي وغيرهم ممن ذكرنا أسماءهم، وأجملهم لنا الخصيبي، والذي سأل الشيخ المفيد، وابن شهرآشوب..

ب: كما أن الدليل لنا ليس هو كلام الكوفي، بل هو الروايات عن النبي «صلى الله عليه وآله»، والزهراء «عليها السلام»، وعدم اعتراض الصحابة عليه، وأدلة أخرى كثيرة.


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 124 و125.

 
   
 
 

موقع الميزان