صفحة : 384  

نحن شاكون غير متيقنين:

وقد أخذ علينا المعترض: أننا وصلنا في بحثنا المضني إلى حافة الشك، ولم نذق حلاوة اليقين فيها([1]).

وقال: إننا نعمد إلى الدليل فنمزّقه كل ممزّق، بطلاقة لساننا، وفكرنا الجوال([2]).

ونقول:

أولاً: قد ذكرنا أكثر من مرة؛ أنه حين يكون هناك استناد إلى دليل ما لإثبات أمر، فإن الاحتمال المعتد به عند العقلاء يكفي لإسقاط ذلك الدليل عن الصلاحية، وليس من حق أحد أن يطالب بتحصيل اليقين في مثل هذا الحال.

ثانياً: قد اعترف هذا المعترض بأننا نعمد إلى الدليل فنمزّقه كل ممزق بطلاقة لساننا، وفكرنا الجوال، ونقول له: إذا مزق الدليل، فلماذا لا يؤخذ بالحقيقة الأخرى التي لم يمزق دليلها؟! فإن تمزيق الدليل يجعل الأخذ بمقتضاه متعذراً، ومرفوضاً لدى أهل البصائر.

ثالثاً: إننا وإن كنا نملك ما يوجب الشك في واقعية وصحة عناصر الدليل الذي يستدل به الطرف الآخر. لكن هذا الشك ينتج لنا اليقين بسقوط دليله عن الحجية.. وهذا أمر صحيح ومقبول في حد نفسه.. فإن الشك في الحجية ينتهي إلى اليقين بعدمها.. وأما المضمون الآخر فيثبت بقيام الحجة عليه، وهي قد تفيد اليقين، وقد تفيد الظن، لكن حجتها يقينية.

رابعاً: إن اليقين بعدم وجود دليل صالح يدل على كون البنات بنات لرسول الله «صلى الله عليه وآله» على الحقيقة، لا ينافي الحصول ولو بعد حين على دليل صالح على كون البنات ربائب، نسبن إلى النبي «صلى الله عليه وآله» بالتربية. فإنهما أمران مستقلان عن بعضهما البعض. فقد يحصلان معاً، وقد يحصلان على التعاقب، وقد يحصل أحدهما دون الآخر..


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه، ص129.

([2]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه، ص129.

 
   
 
 

موقع الميزان