صفحة : 402  

هل كذب عليهم ابن شهر آشوب؟!:

وقال المعترض: «إن السيد العاملي لم يعثر على أقوال الكتب التي ذكرها ابن شهر آشوب، وإلّا لطار إليها مسرعاً، وبادر إلى تكذيبي بذكرها، ولقال: ها هي أقوالهم، فماذا تبتغي؟!

وذكر الكتب مع أصحابها وحده لا يكفي في الحكم على قول، دون ذكر القول نفسه، وابن شهر آشوب لم يكذب، وإنما نقل بأمانة ما هو موجود في زمانه. وحكى عنه، ولم ينقله في كتابه؟! لذلك اعتبرنا وجوده كعدمه، وبقي أبو القاسم الكوفي وهو رأس الأفعى في هذا القول.

وأما استثناؤنا البلاذري، فلأنه أسبق وجوداً من الكوفي، وله رأي يوافق به الأمة، والقول المنسوب إليه عن نفي السيدات من النبيّ لم تشاهده أعيننا، ولم تلمسه أيدينا، فكيف نحكم عليه من أيّ جنس هو»؟!([1]).

ونقول:

قد تكرر منه هذا الكلام في مواضع كثيرة، وأجبنا عنه: ونعود هنا فنقول:

أولاً: بالنسبة لأقوال الكتب التي ذكرها ابن شهر آشوب نقول: إن ابن شهر آشوب عالم جليل، وصادق فيما ينقله. ولا نحتاج إلى البحث عن الكتب التي أشار إليها، إلّا على قاعدة: ﴿قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾.

وقد اعترف المعترض نفسه آنفاً بأن ابن شهر آشوب لا يكذب، وإنما نقل بأمانة ما هو موجود في زمانه، فإذا كان الأمر كذلك، فتنتفي الحاجة إلى نقل عين عبارات تلك الكتب، فإن النقل بالمعنى شائع حتى عن النبي والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين.

ثانياً: تقدم: أن اتهام الكوفي بهذا الأمر في غير محله، فإن هذا القول قد ذكره الخصيبي، والبلاذري وابن عمر، وعروة بن الزبير، وروي عن رسول الله، ودلت عليه رواية نزول سورة الكوثر، وخطبة الزهراء «عليها السلام»، وسكوت المهاجرين والأنصارب.. ودلائل كثيرة أخرى.

ثالثاً: بالنسبة للبلاذري نقول:

ألف: تقدم: أنه لا يجب رؤية نفس كلامه، إذا كان ابن شهرآشوب صادقاً.

ب: إن وجود قول للبلاذري يوافق فيه القول الآخر لا يعني: أن ما نقله عنه ابن شهرآشوب غير صحيح، فلعله كان يقول بهذا، ثم عدل إلى ذاك، والعكس صحيح أيضاً.


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص134.

 
   
 
 

موقع الميزان