صفحة :405   

أوتيت صهراً مثلي:

قال المعترض:

«وعجيبة العجائب من سيّدنا اتهامنا بعدم الالتفات إلى المراد من الرواية «.. أوتيت صهراً مثلي ولم أوتَ صهراً مثلك»([1]). ففسّرناها بعكس المقصود منها، لأن الصهر ليس أبا الزوجة، وإنما هو الختن، والختن زوج البنت، ومن هنا يتبيّن لنا انفراد الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» بالصهريّة، ولا نصيب لعثمان وأبي العاص فيها.

والآن هلمّ معي عزيزي القارئ إلى اللغة لنتعرّف عل معنى الصهر، قال في لسان العرب: الأصهار أهل بيت المرأة، ولا يقال لأهل بيت الرجل إلّا أختان. ومن العرب من يجعل الصهر من الأحماء والأختان جميعاً، ونقل عن الأصمعي قوله: «الأحماء من قبل الزوج، والأختان من قبل المرأة، والصهر([2]) يجمعهما».

ودعك من قول ابن منظور والأصمعي، لماذا يستبعدهما؟! وليخبرنا صاحب السماحة عن قول الإمام «عليه السلام»:

محـمّـد الـنبيّ أخي وصهـري      وحمـزة سيّـد الشـهـداء عمّي

الأبيات([3]).

وقول النبيّ لأبي ذر: «عليّ أخي وعضدي وصهري» ([4]).

فالصهر تطلق على الأحماء والأختان، وإذا كان النبي صهراً لعليّ، فالمعنى الذي قصدناه صحيح ولا غبار عليه.

والذي يفهم من قول النبي «صلى الله عليه وآله» بناءً عل ما تقدّم: أنّ لعليّ صهراً كرسول الله «صلى الله عليه وآله» وليس لرسول الله «صلى الله عليه وآله» صهر كنفسه، وهذا واقع صحيح، فلا معنى لقول السيد:

«وحتى لو فرضنا صحة ما فهمه، فإنه لا يصحّ من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يقول: إن هذا الشرف من مختصّات علي «عليه السلام»: أوتيت ثلاثاً لم يؤتهنّ أحد ولا أنا»، إذ أن عثمان وأبا العاص حسبما يقوله هذا الأخ الكريم!! كانا شريكين لعلي «عليه السلام» في ذلك» ([5]).

ونقول:

أولاً: إن المعترض يحتج علينا هنا بما قررناه نحن، فقد ذكر في كتابه: «فاطمة الزهراء: دراسة في محاضرات ص308»: أن المقصود بكلمة «الصهر» في قول النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي: «أوتيت صهراً مثلي» علي «عليه السلام»، وليس أبا العاص، ولا عثمان. مع أن هذه الكلمة صريحة في أنه «صلى الله عليه وآله» يصف نفسه بأنه صهر لخصوص علي «عليه السلام»، و ليس صهراً لغيره.

فالمراد بالصهر في خصوص هذه الرواية هو أبو الزوجة، وليس المراد به (زوج البنت).

وأما ما نقله المعترض عن الأصمعي، وكذلك قول النبي «صلى الله عليه وآله» لأبي ذر: علي أخي، وعضدي، وصهري، فلا وقع له هنا، لأن نظره إلى موارد أخرى استعملت فيها كلمة الصهر في زوج البنت.. ونحن لم ننكر ذلك، بل لم نتعرض له في كلامنا.

ثانياً: إن المعترض عاد و فسر الرواية التي نحن بصددها بنفس ما فسرناها به، ثم قال: «وهذا واقع صحيح فلا معنى لقول السيد:..».

غير أننا نقول:

حتى لو فرضنا صحة المعنى الآخر الذي فهمه، فإنه لا يصح هنا، لأن النبي «صلى الله عليه وآله» يقول: إن هذا الشرف من مختصات علي «عليه السلام»: «أوتيت ثلاثاً لم يؤتهن أحد ولا أنا»، والحال أن عثمان وأبا العاص ابن الربيع ـ حسبما يقوله المعترض ـ كانا شريكين لعلي «عليه السلام» في ذلك»([6]).

ثالثاً: إن المعترض قد فسر الرواية في كتابه فاطمة الزهراء: دراسة في محاضرات بأن المقصود بالصهر ليس هو النبي «صلى الله عليه وآله»، بل علي «عليه السلام»..

فلا يبقى معنى لقول النبي: «أوتيت ثلاثاً لم يؤتهن أحد ولا أنا»، لأن عثمان وأبا العاص يشاركان علياً «عليه السلام» في ذلك..

فلماذا قلب الكلام هنا، وفسر الرواية بما قررناه نحن له؟! ثم قال لنا: «لا معنى لقول السيد: حتى لو فرضنا صحة ما فهم، فلا يصح من النبي «صلى الله عليه وآله» الخ..». ألا يعد هذا تدليساً على القارئ؟!


 

([1]) راجع: عيون أخبار الرضا ج1 ص52 ومسند زيد بن علي ص458 وروضة الواعظين ص128 ومسند الإمام الرضا ج1 ص119 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص513 وج7 ص272 ونظم درر السمطين ص113 و 114 والمناقب للخوارزمي ص294 وينابيع المودة ج2 ص304 ومعارج الوصول إلى معرفة فضل الرسول ص47 وجواهر المطالب ج ص150 و 209 والخصائص الفاطمية ج1 ص184 والغدير ج2 ص312 والأمالي للطوسي ص344 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص55 وج1 ص159 والبحار ج39 ص76 و 89 وج19 ص64 و 75 و 76 و 114 و 115 وراجع ج22 ص66 وكشف الغمة للأربلي ج2 ص33 والأنوار العلوية ص49 والسيرة الحلبية ج2 ص53 وشجرة طوبى ج1 ص65 و 66 والخرايج والجرايح.. ومصادر كثيرة أخرى لا مجال لاستقصائها..

 ([2]) لسان العرب ـ مادة صهر.

([3]) المناقب لابن شهر آشوب، 2: 19.

([4]) المصدر السابق، ص75.

([5]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه، ص134ـ 136.

([6] ) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص134 ـ 136.

 
   
 
 

موقع الميزان