وقال المعترض:
«وأمّا عن رواية ابن عمر، وتساؤل السيد عن سبب سقوط
كلمة «وختنه» من النص الذي نقلته من كتابه، فيقول:
«فهل سقطت من القلم؟! ولماذا لم يسقط سواها يا ترى؟!
[القول الصائب: 141].
وكأنّه يتّهمنا بأننا أسقطناها عمداً، لحاجة في النفس،
ولكتمان المعنى، أو تغييره، وهذا يثبت لنا: أنّ السيد لا يظنّ بأحد
خيراً، ولا يحمل نفساً سليمة لمخالفيه، وهو شديد عليهم.
وحقّه أن يكون كذلك، لأنّه ما اعتاد النقد، فقد فتح
عينه على قوم يكيلون له المدائح كيلاً، ويظهرون أقصى الإعجاب به
وبمؤلّفاته، فإذا ما انبرى له ناقد وإن كان مسلماً هدفه الخير، فإنّه
ينقلب بعين السيد كائناً آخر، ينبغي أن تؤول عليه حتّى الكلمة والنقطة،
وإلّا فما الغرض المعتدّ به الذي حمل السيد على سوء الظن من حذف الكلمة
قصداً بعد أن ابنّا الوجه من قول ابن عمر؟!
ووجود الكلمة لا يزيد فيه، وحذفها لا ينقص منه.
ولو كنا حذفناها قصداً فما هو معنى
قولنا:
إنّ الزهراء ليست كسائر بناته الخ.. أليس الداعي إلى ذكرها هنا وجود
كلمة الختن هناك؟!
ثم ليخبرني صاحب السماحة:
هل فرض على الناقد نقل النص المنتقد بحذافيره؟ أليست الإشارة إلى الجزء
والصفحة في الكتاب الوارد فيه النص كافية كما فعلنا هنا؟!([1]).
ونقول:
أولاً:
إن مبررات شكنا يجدها المتتبع لمؤاخذاتنا لهذا المعترض في مختلف صفحات
هذا الكتاب، في العديد من المواضع، بل هو قبل أسطر يسيرة، رد علينا
تفسيرنا لقوله «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام»: «أوتيت صهراً
مثلي»، واعتبر كلامنا بلا وجه، متجاهلاً كونه رداً على ما فهمه هو من
كلامنا، وليس رداً على التفسير الصحيح الذي قررناه، ثم أخذ تفسيرنا
وتبناه، وصار يلومنا ويقرعنا لإبهام القارئ بغير الواقع.
مما يعني:
أن الرد هو الغاية، فإن نفع هذا التفسير أخذ به، وإذا لم ينفع لجأ إلى
التفسير الآخر.. وهو يخطِّئ الطرف الآخر في كلا الحالتين..
فلماذا يلومنا إذا أسأنا الظن به، فإن الأئمة «عليهم
السلام» أشاروا إلى رجحان سوء الظن، حين يسوء الزمان وأهله.
ثانياً:
لماذا عمم المعترض كلامه، فقال: «..وهذا يثبت لنا أن السيد لا يظن بأحد
خيراً..»، فإن اتهام شخص في مورد، وسوء ظنه به فيه ـ سواء أخطأ في ذلك
أم أصاب ـ لا يمكن أن يدل على أن من فعل ذلك يتهم كل أحد، وفي جميع
الموارد.
ثالثاً:
قول المعترض: إن هذا يثبت أننا لا نحمل نفساً سليمة لمخالفينا، غير
مقبول أيضاً لسببين:
أحدهما:
أن مورداً واحداً لا يثبت ذلك، كما قلناه.
الثاني:
أن ذلك هو مقتضى البحث العلمي، وما يفرضه التدقيق في مفردات المناظرة.
فقد يُغفِل المناظر ـ ولا سيما إذا كان متكلفاً ـ الإلماح إلى بعض ما
يحرجه، مما لا يجد له تأويلاً حاضراً، ويتجه إلى التركيز على ما يراه
أيسر، واقرب إلى حسم الأمر لصالحه.
رابعاً:
قد اعتبرنا المعترض أشداء على من خالفنا، لمجرد أننا سألناه عن سبب
إسقاطه كلمة من الحديث.
ونقول:
إن ذلك وإن كان لا يكفي أيضاً في الدلالة على ذلك، إلا
أن ما لفت نظرنا هو استنتاجه أن هذه الشدة منا على مخالفينا قد نشأت ـ
بنظره ـ من أننا ما اعتدنا النقد، فقد فتحنا أعيننا على قوم يكيلون لنا
المدائح كيلاً الخ..
ونحن نطالب المعترض بإثبات صحة قوله هذا، فمن أين عرف
أننا لم نعتد النقد؟!
ومتى سمع الناس يكيلون لنا المدائح؟!
ولو سمعهم مرة، فهل يمكنه أن يطلق الحكم، ويعممه إلى
هذا الحد؟!
وعليه أن يثبت أننا إذا انبرى لنا ناقد انقلب في أعيننا
إلى كائن آخر..
وهل يستطيع أن يحدد لنا ماهية الكائن الآخر الذي ينقلب
إليه في نظرنا؟!
وكيف اطلع على هذا الغيب الذي لا يعلمه إلا الله
سبحانه؟!.
خامساً:
مّا ذكره المعترض من كفاية ذكر المصدر والجزء والصفحة.. لا يجدي في دفع
تساؤلنا، إذ لا يتنبه كل أحد إلى لزوم مراجعة المصدر، بل قد يكون ذكر
ذلك من المثبطات عن ذلك، حيث إنه يوحي بالطمأنينة إلى سلامة وصحة
النقل، من حيث إنه يشير إلى أن ذكر الصفحة معناه الوثوق بالنفس،
والإستعداد للمواجهة بالحقيقة الدامغة.
([1])
بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 136.
|