صفحة : 258  

الكوفي في كلمات العلماء:

وقد شكك المعترض في استقامة مؤلف كتاب «الإستغاثة»: واتهمه بالكذب بصورة صريحة أو مبطنة، مرات ومرات، غير أننا نقول:

إن الرجل وإن كان قد خلط في آخر عمره، وفسد مذهبه، ولكننا نجد مع ذلك ثناءاً عليه، واحتراماً لافتاً..

فقد قال العلامة السيد محسن الأمين «رحمه الله» في كتابه: «أعيان الشيعة»:

«عن المحقق الكركي في رسالته في تزويج رقية وأم كلثوم، وأنهما كانتا بناته لصلبه، أو بنات خديجة، قال في حق المترجم: الشيخ الأجل، العارف بالسير، وآثار أهل البيت الأطهار، أبو القاسم علي بن أحمد الكوفي»([1]).

وقال أيضاً عنه: «إنه من الإمامية، من أفاضالهم»([2]).

وقد ترضى الحسين بن عبد الوهاب على الكوفي هذا أكثر من مرة([3]).

وتقدم: أن هذا الشيخ الجليل قد ألف كتاب عيون المعجزات تتميماً لكتاب الكوفي المسمى بـ: « تثبيت المعجزات».

وتقدم قوله: إن حجته في كتابه المشار إليه واضحة، ودلائله نيرة، لا يرتاب فيها إلا ضال غافل غوي..

كما أن الأفندي قد ذكر أن كتبه جلها، بل كلها معتبرة عند أصحابنا: وانه كان معدوداً في جملة قدماء علماء الشيعة برهة من الزمان([4]).

وقد أورد في مستدرك الوسائل الكثير من الروايات التي ذكرها في «الإستغاثة»، كما أن بعض الفقهاء قد أوردوا تلك الروايات في سياق استدلالاتهم.. فراجع([5]).

وقال المامقاني: فإن ثبتت له رواية رواها في استقامته أخذ بها([6]).

وقال عنه الخونساري: «هو السيد، الأيّد، الإمام، الفاضل، المتقدم، المستبصر في أوائل أمره، المتغير حاله، ومذهبه إلى الغلو والفساد والتخليط في أواخره»([7]).

ونود أن نشير هنا إلى أن الثناء على هذا الرجل لا يعني موافقته على هذا الفساد الذي دخل فيه في آخر عمره، وإنما هو توصيف له بما هو فيه، بغض النظر عن مذهبه، مثلاً إذا كان فلان من الناس ضليعاً في اللغة، ومرجعاً فيها، فان اختلافنا معه في المذهب أو في الدين لا يمنعنا من الثناء عليه في علمه هذا، كذلك الحال إذا كان هناك طبيب ماهر، أو عالم بالفلك، أو بالفيزياء أو في الكيمياء وغير ذلك، فإن علينا أن ننصفه، ولا ننكر عليه ما هو فيه.. وذلك واضح لا يخفى..

وعلى كل حال، فإن ما يؤكد الموقع العلمي لأبي قاسم الكوفي: أن الشيخ حسين بن عبد الوهاب، المعاصر للسيدين الرضي والمرتضى رحمهما الله تعالى ألف كتاباً باسم عيون المعجزات، تتميماً لكتاب الكوفي المسمى بـ «تثبيت المعجزات»([8]).

وقد وصف كتاب الكوفي بقوله: «.. وقد أوجب في صدره بطريق النظر والإختيار، والدليل والإعتبار، كون معجزات الأنبياء، والأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين، بكلام بين، وحجج واضحة، ودلائل نيرة، لا يرتاب فيها إلا ضال غافل غوي»([9]).

وقال الأفندي أيضاً عن الكوفي: «إن كتبه جلها، بل كلها معتبرة عند أصحابنا، حيث كان في أول أمره مستقيماً محمود الطريقة. وقد صنف كتبه في تلك الأوقات. ولذلك اعتمد علمائنا المتقدمون على كثير منها، إذ كان معدوداً من جملة قدماء الشيعة برهة من الزمان»([10]).

وقال: «كان لهذا السيد مشايخ عديدة، كما يظهر من مطاوي مؤلفاته وغيرها، منهم والده»([11]).

وحسبنا هذا الذي ذكرناه، فإن ما نرمي إليه مجرد إعطاء نماذج مما يدخل في هذا السياق، ولا نريد استقصاء أقوال العلماء، ومواقفهم منه. فيمكن لمن تعلق له غرض في ذلك أن يتولى التتبع والإستقصاء بنفسه..


 

([1]) أعيان الشيعة ج8 ص156 وفي ط أخرى ج12 ص187.

([2]) أعيان الشيعة ج1 ص 136 وج5 ص328 ورجال المامقاني ج2 ص265 والفهرست لابن النديم ص243.

([3]) خاتمة المستدرك ج1 ص168 وراجع: عيون المعجزات ص143.

([4]) رياض العلماء ج3 ص355 وخاتمة المستدرك ج1 ص168.

([5]) راجع على سبيل المثال: كتاب الخلل في الصلاة ص164 للسيد مصطفى الخميني.

([6]) تنقيح المقال ج2 ص265.

([7]) روضات الجنات ج4 ص281.

([8]) روضات الجنات ج4 ص281 وط أخرى ج12 ص187.

([9]) خاتمة المستدرك ج1 ص167 عن رياض العلماء ج3 ص355.

([10]) خاتمة المستدرك ج1 ص167 عن رياض العلماء ج3 ص355.

([11]) روضات الجنات ج4 ص282.

 
   
 
 

موقع الميزان