صفحة :261   

عودة إلى الإجماع:

وقال المعترض: «وأما الناس الذين يرى مخالفتهم للإجماع رداً ونفياً له، فأقول للسيد: سمهم لي، إن كان هؤلاء من العلماء، فلا بد من ذكر أسمائهم، أو ذكر بعضها على أقل تقدير. وأما إن كانوا هم: البلاذري، وصاحب اللمع والأنوار، وغيرهم، فهؤلاء نقل عنهم، ولم ينقل قولهم، وإن ثبتت فلا عبرة بها، ولا تنقض قاعدة..

وإن كانوا هم الغوغاء والعامة، فإن مخالفتهم لا تحلي ولا تمر..».

إلى أن قال: «إن وجود خلاف في إجماع إذا كان بمثابة ما نحن فيه لا ينقضه، إذ ما من إجماع يخلو من قول أو قولين أو أكثر تخالفه، كما مثلنا بالقياس..»([1]).

ونقول:

أولاً: لا يجب التصريح بأسماء الذين يخالفون الإجماع المدعى، ولا ذكر أسماء بعضهم، بل يكفي العلم بوجود المخالف ولو إجمالاً..

ثانياً: قد ذكر له ابن شهرآشوب أسماء بعض هؤلاء مثل البلاذري وغيره..

وذكرنا نحن له أيضاً الروايات عن النبي «صلى الله عليه وآله» وعن الزهراء «عليها السلام» وغير ذلك.

وذكرنا ما نقل عن ابن عمر، وعروة بن الزبير، والذين أشار إليهم الخصيبي في كتابه الهداية الكبرى، بالإضافة إلى الذين أشير إليهم في السؤال الذي وجه إلى الشيخ المفيد.. والكوفي..

ثم جاء بعد ذلك الكراجكي، والمقريزي، والجزائري، والمقدس الأردبيلي، وكاشف الغطاء، والطريحي، والخاقاني، والمقدسي، وآل يس، وتاج الدين الأصفهاني، والدلفي، ومغلطاي، والنويري، والكاظمي، وربما المحقق الكركي أيضاً، فهل يصح اعتبار هؤلاء، ونظراؤهم من الغوغاء، الذين لا تُحِلي مخالفتهم ولا تُمِرُّ؟!

ثالثاً: إن هذه المسألة ليست من الأحكام، ولا هي من الأمور التوقيفية التي لا تعلم إلا من قبل الشارع، ليصح الإستدلال عليها بالإجماع الكاشف عن قول المعصوم، وإنما هي مسألة تاريخية تثبت بالنقل، وقد يختلف الناقلون فيها كما يختلفون في أي مسألة أخرى.

وحتى لو قام الإجماع عليها، فإنه لا يكشف عن وجود نص عند المجمعين، ولا يكشف عن قول المعصوم..

رابعاً: ما معنى رد قول البلاذري وغيره، بحجة أنهم نقل عنهم، ولم ينقل قولهم؟!

وما الدليل على أن هذا النوع من النقل لا عبرة به، ولا ينقض قاعدة؟!

ولماذا لا يقبل النقل بالمعنى هنا، ويقبل في النقل عن المعصوم مباشرة؟!

خامساً: أما قوله: ما من إجماع يخلو من قول أو قولين أو أكثر يخالفه، كالقياس.. فهو أيضاً غير مقبول إذ ما أكثر المسائل الإجماعية التي خلت من أي قول مخالف. فراجع كتب الفقه، ففيه عشرات المسائل التي من هذا القبيل.

ووجود المخالف للإجماع ينقض الإجماع، ويمنع من الإستدلال به..


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص90 و91.

 
   
 
 

موقع الميزان