صفحة : 267  

عودة إلى المجازة، والحقيقة:

وقال المعترض: «عرفنا المجاز أن يستعمل تارة، ويهجر أخرى، فتستعمل الحقيقة، إذ لم يبق من سمي أسداً، أو بحراً، أو قمراً، أو شمساً إلى الآن كما سميا، بل عاد إلى حقيقته.

وما نحن فيه إن كانت البنت استعملت بمعنى الربيبة مجازاً، فينبغي أن تسمى ربيبة مرة واحدة، أو مرتين على أقل تقدير، لا سيما ممن عاصرها، وعرف حقيقتها.

إما أن تسمى بنتاً من يوم ولادتها إلى يوم وفاتها، وإلى يوم وفاة مربيها، وإلى يومنا هذا، وإلى يوم تقوم الساعة، فهذه حالة خاصة في اللغة لم نعرفها، ولم نطلع عليها في كتاب، ولم نسمعها حتى من صبيان المكاتب».

إلى أن قال: «وماذا يقول السيد عن هذا الشذوذ في اللغة، هل هي صناعة عاملية؟!.

أو يقول: إن اللفظ حجة في المعنى الأول؟ أو ماذا هو رأيه»([1]).

ونقول:

أولاً: إن إطلاق كلمة البنت على الأنثى التي يربيها الإنسان مع حضور القرينة باستمرار، ليس بالأمر الذي يعاب، أو يناقش فيه، وليكن من قبيل المجاز المشهور، حيث لا ريب في شيوع إطلاق كلمة الدابة على الفرس مثلاً، رغم أنها في اللغة هي كل ما يدب على الأرض.

ثانياً: من أين جاءنا المعترض بتحديد عدد الإستعمالات المجازية، فادعى أنه ينبغي في إطلاق كلمة البنت على الربيبة مجازاً أن يكتفي بمرة واحدة أو مرتين (على أقل تقدير!!)، بشرط أن يكون ممن عاصرها،وعرف حقيقتها..

ثالثاً: من أين عرف المعترض: أن الناس قد اقتصروا طيلة حياة البنات على وصفهن بـ: «بنات رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟! وهل كان حاضراً وناظراً في ذلك الزمان وما يليه، ورأى أن الناس قد أطلقوا كلمة بنات النبي «صلى الله عليه وآله» عليهن في كل زمان ومكان؟!

فلعلهم استعلموا كلمة ربيبة مرات ومرات، ولم يصل ذلك إلينا.

على أنه لا مانع من التزام الناس بتكريم البنات بنسبتهن إلى مصدر الشرف والكرامة باستمرار، حيث لا داعي للتخلي عن هذا التكريم، أو ترك ذلك الإحترام..

رابعاً: لماذا هذا التعريض بالمضمون العنصري البغيض، حين أشار إلى الصناعة العاملية للشذوذ في اللغة؟! فإن ذلك من دعوة الجاهلية.. ونحن نربأ بالمسلم المؤمن، عن ارتكاب هذا المحذور، فكيف بأهل العلم؟!


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص91 و92.

 
   
 
 

موقع الميزان