وقد ذكر الكوفي:
أن أم أبي العاص ابن الربيع هي هالة بنت خويلد، أخت خديجة من أبيها،
والثانية هالة أم زينب، وهي أخت خديجة من أمها..
فقال المعترض:
«أنا على استعداد لوضع عنقي تحت المقصلة إن جاءنا السيد من نقل أو ناقل
يثبت ذلك غير الكوفي.. وهل قوله هذا إلا كقوله ذلك مجرد افتراء
وادعاء؟! ولو صدقناه على هذا فقد ناقضنا أنفسنا، لأننا ندين الله بكذبه
هنا، كما ندين بكذبه هناك..
ثم كيف يرضى السيد أن يكون الكوفي خصماً وشاهداً على
المدعى، ولم يدع هذا الإدعاء إلا ليخرج من المأزق بخلق هالة ثانية، لم
يرها الوجود»..
إلى أن قال:
«بعد هذا كله
أقول أيضاً:
لا شأن لي باللعلات التي استنبطها سماحته دفاعاً عن الكوفي، ولا جواب
لها عندي»([1]).
ونقول:
إننا نبارك هذا الحماس لدى المعترض، الذي بلغ حد
الإستعداد لوضع عنقه تحت المقصلة من أجل أن يقنعنا بأن الكوفي كاذب
ومفتر؟!..
غير أننا نشير هنا إلى ما يلي:
أولاً:
إنه لا محذور في انحصار الرواية التي يتحدث عنها المعترض في الكوفي،
فهناك أمور كثيرة، لم تصلنا إلا عبر راو واحد..
ثانياً:
لماذا سكت العلماء عن هذه الكذبة ـ كما يحلو للمعترض أن يصفها ـ التي
جاء بها الكوفي، فلم يتهمه أحد منهم فيها بسوء فيما نعلم.. ولا شككوا
في صحة نقله هذا، حتى جاء هذا المعترض.. ليكيل له هذا السيل من
الشتائم؟!..
ثالثاً:
كيف يجترئ هذا الرجل على اتهام الكوفي بالكذب في أمر لا سبيل له إلى
إثباته ولا إلى نفيه، لأن نفيه يتوقف على تتبع وقراءة جميع ما كتبه
العلماء في مؤلفاتهم، حتى الذين تلفت كتبهم من الماضين.. وهو أمر غير
ميسور لأحد، ولا يقف على كنهه وحقيقته إلا علام الغيوب..
رابعاً:
لا معنى لقول المعترض عن الكوفي: «وهل قوله هذا إلا كقوله ذلك مجرد
افتراء وادعاء؟! ولو صدقناه على هذا فقد ناقضنا أنفسنا الخ..»..
فإن الكاذب هنا قد يصدق هناك أو العكس، ولا ضير في
تصديقه في مورد تقوم القرينة على صدقه فيه، كما لا ضير في التوقف وعدم
المسارعة إلى تكذيبه، إذا عجزت القرينة عن ذلك..
ثم تكذيبه فيما قام الدليل على كذبه فيه.. ولا يلزم من
ذلك مناقضة أنفسنا، كما يقوله المعترض..
خامساً:
بالنسبة لرضانا بكون الكوفي خصماً وشاهداً نقول:
إن الكوفي لم يكن يجد نفسه في موقع الخصومة مع أحد، بل
هو مؤلف يورد في كتابه ما يشاء، ولم يكن بصدد الإحتجاج على أحد، ولا
كان في مجلس المرافعة، ولا هو بصدد أداء الشهادة أمام القاضي..
سادساً:
قد صرف
المعترض نظره عن النظر في «اللعلات»
التي ذكرناها دفاعاً عن الكوفي.. معترفاً بأنها لا جواب
لها عنده..
ونقول له:
لماذا هذا الزهد في «اللعلات»
التي ذكرناها، فإنها إن كانت من موجبات سقوط دليل المعترض عن صلاحية
الإحتجاج به، فالأولى أن يعلن المعترض صرف نظره عن الدليل نفسه..
وإن كانت لعلّاتنا لا تصل إلى هذا المستوى من القوة،
فالحق معه في ذلك.. ولكننا كنا نتمنى عليه أن يتحفنا بمبررات حكمه بعدم
بلوغها هذا الحد، وبالسبب الذي جعلها قاصرة عن بلوغ ذلك، فإننا بحاجة
ماسة إلى ذلك، لكي لا نقع في الشبهة، ولا نصرَّ على مواقفنا. وعلى
العالم أن يرشد الجاهل إلى الصواب على أقل تقدير!!
سابعاً:
قد صرحوا: بأنه كان لزوج خديجة ـ واسمه: النباش، أو شماس، أو مالك بن
النباش ـ بنت اسمها هالة زعموا: أنها من خديجة([2]).
فلماذا لا تكون زينب هي ابنة هالة هذه، التي هي بنظرنا
ربيبة لخديجة، وليست ابنتها، لأن خديجة لم تتزوج بأحد قبل رسول الله
«صلى الله عليه وآله».. فيكون أبو العاص قد تزوج بنت هالة بنت النباش
بن زرارة.
ويزعم هؤلاء أنها بنت خديجة.
ونحن نقول لهم:
إنها بنت ربيبتها.
وإذا أخذنا بكلام مغلطاي، والنويري، من أنه كان للنباش
بنت اسمها زينب، ولدتها له خديجة. فإن النتيجة تكون أن زينب كانت ربيبة
لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولم تكن بنته بالولادة.. غير أن
الإشكال على هذا النص هو أن خديجة لم تتزوج بأحد قبل النبي «صلى الله
عليه وآله»..
([1])
بنات النبي
«صلى الله عليه
وآله»
لا ربائبه ص 95.
([2])
إمتاع الأسماع ج6 ص6 و 297.
|