صفحة :276   

ضآلة شأن الكوفي:

وقد أصر المعترض على ضآلة شأن الكوفي، استناداً إلى عدم ذكره عند الصدوق والمفيد، وغيرهما «رحمهم الله»، وقال:

«مما لا شك فيه أن تجاهله يخفي وراءه إما صغر الحجم، أو قلة الفهم، أو ضآلة الشأن، أو شيئاً آخر لا نعرفه، وللسيد حفظه الله أن يطلعنا عليه..

ثم كيف لا تدخل مؤلفاته في دائرة اختصاصهم؟

ودعك من الشيخ الصدوق، أليس لها دخل في العيون والمحاسن للشيخ المفيد، والإرشاد، وهو يؤرخ لأهل البيت، والشيخ عالم الشيعة في الكلام؟ ألا يكون في دائرة اختصاصه، وكتب الشيخ المفيد عن الفرق، وما تعرض لذكره قط»..

إلى أن قال: «ولا بد أن يهجر لغلوه وتخليطه»([1]).

ونقول:

أولاً: بعد ما قدمناه من أقوال عدد من كبار العلماء في حق الكوفي.. لا نرى حاجة إلى تأكيد القول بعدم صوابية ما ذكره المعترض هنا، وبطلان دعوى تجاهل العلماء له، إما لصغر حجمه، أو قلة فهمه.. إلى آخر كلامه..

ثانياً: كيف يكون هذا الرجل ضئيل الشأن، قليل الفهم، صغير الحجم، قد هجره العلماء وتجاهلوه.. وقد ترجمه النجاشي في رجاله، وذكر أسماء كتبه رغم كثرتها، وهي تصل إلى خمسين كتاباً. وذكر له الكثير من الخصوصيات، حتى لقد دل على موضع قبره..

وترجمه أيضاً الشيخ الطوسي في الفهرست، وعدّه في رجاله في من لم يرو عنهم «عليهم السلام»، ولم يهمله ابن الغضائري أيضاً، وذكره العلامة في خلاصة الرجال.. وكذلك الحال بالنسبة لسائر العلماء الذين ألفوا في الرجال..

ثالثاً: إن ضآلة الشأن، وصغر الحجم، و.. و.. الخ.. لا يضر بروايته، لأن المهم هو صدقه فيما يقول وينقل..

رابعاً: قد يكون عذرهم في عدم النقل عن الكوفي هو أنهم لم يميزوا في كتبه ـ باستثناء كتابي الإستغاثة، وكتاب تثبيت المعجزات وبعض آخر بين ما ألفه في حال استقامته، وما ألفه في حال انحرافه. فأخذوا بما ثبت لهم من كتبه، وأثنوا عليها وتجنبوا سائرها، بل إن بعض كبار العلماء وهو الشيخ حسن بن عبد الوهاب قد ألف تكملة لكتاب تثبيت المعجزات، وأثنى على حسن استدلاله فيه..

خامساً: كم من العلماء الكبار جداً، ممن سبقوا الشيخ المفيد والصدوق، أو عاصروهم، لم يرو العلماء عنهم، ولم يذكروهم في كتبهم، فهل أضر ذلك في مكانتهم، أو دل على قلة فهمهم، وضآلة شأنهم، وصغر حجمهم؟!

سادساً: إن هجرهم له بسبب غلوه وتخليطه لا يعني كذب أقواله، وذلك ظاهر لا يخفى..


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص96.

 
   
 
 

موقع الميزان