الفصل الرابع
الشفاعة..
بـدايـة:
إن كلام هذا البعض حول شفاعة الأنبياء، والأوصياء،
وسائر اولياء الله تعالى لعباده المذنبين من المؤمنين لا تكاد تجد له
موافقا في المذاهب الإسلامية، إلا ما يعرف من قول ابن تيمية وجماعة
الوهابية، المخالف لأقوال المسلمين جميعاً، ولنصوص القرآن الصريحة
الآمرة بابتغاء الوسيلة إلى الله تعالى، والدالة على ثبوت الشفاعة ولو
في الجملة، وهذه نماذج من كلماته تدل على هذا المعنى نذكرها هنا ونعلق
عليها بما يناسب حال الكتاب ويقتضيه المقام:
862 ـ أطلب من الله أن يشفع عليا فيك.
863 ـ يا محمد، يا علي، شرك في
العبادة.
يقول البعض:
«وكما قلنا فان الشرك في العبادة، هو أن تدعو غير الله،
حتى الأنبياء والأئمة، لا يمكن أبداً أن تدعوهم بمعنى أن تقول: يا
الله، يا محمد، هذا لا يجوز.
نعم.. أن تتوسل بمحمد ليشفع لك إلى الله هذا لا يضر.
أن تقول: يا الله، يا علي، بالمعنى الذي تقول به: يا الله.. هذا لا
يجوز..
نعم.. أن تطلب من الله أن يشفّع علياً بك لقربه منه،
ولأنه يشفّع أولياءه فهذا لا يضر»([1]).
ونقول:
إن هذا هو نفس قول الوهابيين، وتلك هي كتبهم مشحونة
برمي الشيعة بالكفر والشرك من أجل ذلك.. ولأجل ذلك ينكر هذا البعض دعاء
التوسل مع أنه يقال إنه مروي عن أهل البيت.
864 ـ الله لا يريدنا أن نتوجه إلى أحد
من الناس
865 ـ الشفاعة بالشكل وليست حقيقية.
866 ـ لا معنى للتقرب للأنبياء،
والأوصياء لأجل شفاعتهم.
ويقول البعض :
«لذلك فإن الله يريدنا ألا نتوجه إلى الناس مباشرة، بل
أن نتوجه إلى الله مباشرة وأن يكون الناس أولياء، لاحظوا مثلاً في دعاء
يوم الخميس «واجعل توسلي به شافعاً» شفّعه فيّ، أن تختزن في نفسك أن
النبي «صلى الله عليه وآله» لا يملك الشفاعة في نفسه بل تجعله شفيعا
أمام الله وتطلب من الله أن يشفعه فيك، فمعنى ذلك وكما في أدب أهل
البيت لنا أن الشفاعة عندما تطلبها فإنك تطلبها من الله «واجعله شفيعاً
مشفعاً» أي أن يكون شفيعاً تشفعه فالله سبحانه وتعالى الذي يجعل
الأنبياء شفعاء ﴿وَلَا
يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾([2]).
و ﴿لَا تَنْفَعُ
الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ﴾([3])،
ولذلك فإن بعض الناس إذا ذبح ذبيحة للسيدة زينب أو للعباس أو للحسين أو
طعاماً تصور أنه عمل بطريقة (أطعم الفم تستحي العين)»([4]).
ثم هو يقول:
«إن الشفاعة إنما هي بالشكل فقط، وليست حالة وساطة
بالمعنى الذي يفهمه الناس في علاقاتهم بالعظماء حيث يلجأون إلى الأشخاص
الذين تربطهم بهم علاقة مودة أو مصلحة أو موقع معين ليكونوا الواسطة في
إيصال مطالبهم وقضاء حوائجهم عنده».
ثم يقول بالحرف:
«إن الشفاعة هي كرامة من الله لبعض عباده فيما يريد أن
يظهره من فضلهم في الآخرة فيشفعهم في من يريد المغفرة له، ورفع درجته
عنده، لتكون المسألة ـ في الشكل ـ واسطة في النتائج التي يتمثل فيها
العفو الإلهي الرباني، تماما كما لو كان النبي السبب، أو الولي هو
الواسطة».
إلى أن قال:
«وفي ضوء ذلك لا معنى للتقرب للأنبياء، والأولياء،
ليحصل الناس على شفاعتهم، لأنهم لا يملكون من أمرها شيئا بالمعنى
الذاتي المستقل. بل الله هو المالك لذلك كله على جميع المستويات، فهو
الذي يأذن لهم بذلك في مواقع محددة، ليس لهم أن يتجاوزوها. الأمر الذي
يفرض التقرب إلى الله في أن يجعلنا ممن يأذن لهم بالشفاعة له»([5]).
ويقول ابن عبد الوهاب عن الشفاعة المنفية عنده: هي التي
تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله إلى أن قال: والمثبتة هي
التي تطلب من الله، الشافع مكرم بالشفاعة.. الخ.
ويقول ابن عبد الوهاب أيضا: فالشفاعة كلها لله فاطلبها
منه، وأقول اللهم لا تحرمني شفاعته، اللهم شفعه فًيّ.
وأمثال هذا، فإن قال: النبي «صلى الله عليه وآله» أعطي
الشفاعة وأنا اطلبه مما أعطاه الله،
فالجواب: إن الله أعطاه الشفاعة ونهاك عن هذا، وقال:
فلا تدعوا مع الله أحدا.. الخ([6]).
إننا لا نريد هنا بحث موضوع الشفاعة، ولكننا نلمح إلى
بعض الأمور بصورة عابرة، فنقول:
1 ـ إن الكل يعلم: أن لا أحد يدعو محمدا صلى الله عليه
وآله، أو عليا «عليه السلام»، أو أي نبي أو ولي، كوجودات منفصلة عن
الله تعالى، ومستقلة عنه بالتأثير، ولم تحدث في كل هذا التاريخ الطويل
أن تكونت ذهنية شرك عند الشيعة نتيجة لذلك، فضلا عن غيرهم.
2 ـ إننا نوضح معنى الشفاعة في ضمن النقاط التالية:
ألف:
إن الإنسان المذنب، قد لا يجد في نفسه الأهلية أو
الشجاعة لمخاطبة ذلك الذي أحسن إليه، وأجرم هو في حقّه، أو هكذا ينبغي
أن يكون شعوره في مواقع كهذه، فيوسط له من يحل مشكلته معه، ممن لا يرد
هذا المحسن طلبهم ولا يخيّب مسألتهم..
ب:
إن الله إنما يريد المغفرة للعبد المذنب، بعد شفاعة
الشفيع له.. ولم تكن تلك الإرادة لتتعلق بالمغفرة لولا تحقق الشفاعة..
فلو أن الشفيع لم يبادر إلى الشفاعة لكان العذاب قد نال ذلك العبد
المذنب.
وهذا كما لو صدر من أحد أولادك ذنب، فتبادر إلى
عقوبته، فإذا وقف في وجهك من يعز عليك، وتشفع به، فانك تعفو عنه إكراما
له، وان لم يفعل ذلك، كما لو لم يكن حاضرا مثلا، فانك ستمضي عقوبتك في
ذلك الولد المذنب لا محالة..
فالشفاعة على هذا سبب في العفو، أو جزء سبب له.
إذن.. فليس صحيحاً ما يقوله البعض، من أن الله تعالى له
قد تعلقت إرادته بالمغفرة للعبد قبل الشفاعة، بحيث تكون المغفرة له
حاصلة على كل حال، ثم يكرم الله نبيه ويقول له: هذا العبد أريد أن أغفر
له، فتعال وتشفّع إلي فيه..
ج:
إذا كان الشخص المذنب قد أقام علاقة طيبة مع ذلك
الشافع، وتودّد إليه، ورأى منه سلوكا حسنا، واستقامة وانقيادا، فان
الشافع يرى أن من اللائق المبادرة إلى مساعدته في حل مشكلته، أما إذا
كان قد أغضبه وأساء إليه أو تعامل معه بصورة لا توحي بالثقة، ولا تشير
إلى الإستقامة، فإنه لا يبادر إلى مساعدته، ولا يلتفت إليه.. فسلوك
المشفوع له أثر كبير في مبادرة الشافع إلى الشفاعة.
د:
وحين يكون الشفيع لا يريد شيئا لنفسه من ذلك الشخص ولا
من غيره، ويكون ما يرضيه هو ما يرضي الله سبحانه، فان تقديم الصدقات
والقربات للفقراء، والإهتمام بما يرضي الشافع هو في الواقع إثباتات
عملية على أن ذلك المذنب راغب في تصحيح خطأه وتدارك ما فاته، وهو
براهين وإثباتات على أنه قد التزم جادة الاستقامة، وندم على ما فرط
منه، فإذا قدم مالا للفقراء، أو أطعم أو ذبح شاة، وفرقها على
المحتاجين، فان ذلك لا يكون رشوة للنبي، أو الولي.. وهو يعلم أن النبي
والولي لا يأخذ ذلك لنفسه، بل يعود نفعه إلى الفقراء والمحتاجين، أو
يستثمر في سبيل الله، وفي نشر الدين، والباذل إنما يبذل ذلك رغبة في
الحصول على رضا الشافع، الذي رضاه رضا الله.
هـ:
أما إذا أدار ذلك المذنب ظهره للنبي وللوصي، ولم يلمس
الشافع منه أنه يتحرق لتحصيل العفو، والرضا عنه، ويقرع كل باب، ويتوسل
بكل ما من شأنه أن يحل هذا الإشكال، ويبادر إلى العمل بكل ما يعلم أنه
يرضي سيده عنه، فانه لا يشفع له، ولا كرامة..
و:
ومن الواضح: أن من يكون جرمه هائلا وعظيما، فان إمكانية
وفرص الإقدام على الشفاعة له تتضاءل وتضعف..
فلا يضع النبي والوصي نفسه في مواضع كهذه، ولا يرضى
الله سبحانه له ذلك..
كما أن من يدير ظهره لأولياء الله، ولا يهتم لرضاهم،
ولا يزعجه سخطهم، فإنه لا يستحق شفاعتهم قطعا، لأن الإهتمام بهم
وبرضاهم جزء من عبادته تعالى، ومن المقربات إليه، وموجبات رضاه..
فالتوسل إليهم، والفوز بمحبتهم وبرضاهم سبيل نجاة،
وطريق هدى وسلامة وسعادة.
ز:
إن من الواضح أن المجرم لا يمكن أن يتشفع في مجرم مثله،
وأن المقصر لا يتشفع بنظيره، لأن الشفاعة مقام عظيم، وكرامة إلهية. فلا
يقبل الله سبحانه شفاعة كل أحد، بل الذين يشفعون هم أناس مخصوصون
بكرامة الله سبحانه، لأنهم يستحقونها..
ح:
قد ظهر مما تقدم: أن إرادة الله لم تكن قد تعلقت
بالمغفرة للمذنب قبل الشفاعة ؛ لتكون شفاعة النبي أو الوصي بعدها ـ
بالشكلـ ومن دون أن يكون لها تسبيب حقيقي..
بل هناك تسبيب حقيقي للشفاعة، فإنها هي سبب المغفرة،
وهي سبب إرادة الله بان يغفر لذلك المذنب، ولو لم يقم الشافع بها لم
يغفر الله لذلك المذنب.
ولولا ذلك، فإنه لا يبقى معنى للشفاعة.. ولا يكون العفو
إكراما للشافع، واستجابة له، وقد نجد في حديث الرسول «صلى الله عليه
وآله» ما يفيد هذا المعنى فهو يقول: «إدّخرتُ الشفاعة لأهل الكبائر من
أمتي»، حيث لم يقل ادّخرها الله لأهل الكبائر من أمتي..
867 ـ أراد لعباده أن يدعوه بشكل مباشر
ليستجيب لهم.
868 ـ لا حاجة في الحديث مع الله إلى الوسائط من البشر
أو من غيرهم.
إن من يراجع كلام البعض يجد أنه في كثير من كتبه يؤكد
على عدم الحاجة إلى توسيط أحد في الطلب من الله سبحانه، بل هو يصرح
هنا: بأن استجابة الله لعباده مرهونة بأن يدعوه بشكل مباشر، فهو يقول:
«..لا واسطة بين العبد وربه في خطابه وسؤاله له:
وقد نلاحظ في التوجه الإنساني بوحدانية العبادة
والاستعانة.. في خطاب العبد لربه في هذه الآية الكريمة ﴿إِيَّاكَ
نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾([7])..
أن الإنسان لا يحتاج في حديثه مع الله وفي طلبه منه إلى أية واسطة من
بشر أو غيره، لأن الله لا يبتعد عن عبده ولا يضع أي فاصل بينه وبينه..
إلا ما يضعه العبد من فواصل تبعده عن مواقع رحمته، وتحبس دعاءه عن
الصعود إلى درجات القرب من الله.. بل أراد لعباده أن يدعوه بشكل مباشر
ليستجيب لهم، وحدثهم عن قربه منهم بحيث يسمع كلامهم حتى لو كان يمثل
الهمس أو في مثل وسوسة الصدور، وذلك قوله تعالى ﴿وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ
إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ
يَرْشُدُونَ﴾([8]).
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾([9])»([10]).
ولنا هنا ملاحظات:
1 ـ إن هذا البعض لم يقدم أي دليل على مدّعاه في أن
استجابة الله مرهونة بالتوجه إليه تعالى مباشرة.
2 ـ وأما القول بأنه لا حاجة في الحديث إلى الوسائط
من البشر أومن غيرهم، فلا مجال لقبوله، ونحن نرى روايات كثيرة تتحدث عن
التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والأولياء «عليهم السلام». وذلك يدل
على وجود حاجة إلى ذلك لا سيما بالنسبة إلى الخاطئين، ولولا حاجتهم إلى
ذلك تربويا وإيمانيا لما وجّههم الله إليه.
ومما يدل على توسيط الوسائط ما رواه ابن شهرآشوب، عن
علي «عليه السلام» في قوله تعالى: ﴿وَابْتَغُوا
إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾([11]).
قال: أنا وسيلته([12]).
وفي حديث آخر عن النبي «صلى الله عليه وآله» فيما
يرتبط بالأئمة من ولد الحسين «عليهم السلام» قال «صلى الله عليه وآله»:
هم العروة الوثقى، وهم الوسيلة إلى الله تعالى([13]).
وعن علي بن إبراهيم في تفسيره للآية قال: فقال، تقربوا
إليه بالإمام([14]).
وعن عثمان بن حنيف: إن رجلاً ضريراً أتى إلى النبي «صلى
الله عليه وآله» فقال: ادعُ الله أن يعافيني.
فقال: إن شئت دعوتُ وإن شئتَ صَبَرْتَ، وهو خير.
قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، ويصلي ركعتين،
ويدعو بهذا الدعاء:
اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا
محمد، إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى اللهم شفعه في..([15]).
هذا مضافاً إلى دعاء القرآن الذي نقرأه جميعاً ـ
وربما كان هذا البعض يقرؤه ـ في ليالي القدر ـ والذي هو عبارة عن توسل
بالله تعالى وبأهل البيت «عليهم السلام» واحداً تلو الآخر من نبيهم إلى
قائمهم «عليهم السلام». إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة والمتنوعة في
هذا المجال.
3 ـ إن هذا البعض يناقض نفسه في كثير من موارد
مخالفاته، ومن جملتها هذا المورد، حيث يقول حول الفرق بين ما يفعله
الوثنيون في عبادة الأصنام وما يفعله المسلمون في احترام الأولياء:
«..وهذا هو الفرق بين ما يفعلونه وبين ما يفعله
المسلمون الذين يؤكدون شرعية الشفاعة والتوسل بالأنبياء والأولياء
باعتبار أن المسلمين يفعلون ذلك من موقع التوجه إلى الله بان يجعلهم
الشفعاء لهم وأن يقضي حاجاتهم بحق هؤلاء فيما جعله لهم من حق، مع الوعي
الدقيق للمسألة الفكرية في ذلك كله وهو الاعتراف بأنهم عباد الله
المكرمون المطيعون له الخاضعون لألوهيته الذين لا يسبقونه بالقول وهم
بأمره يعملون، وأنهم البشر الذين منحهم الله رسالته فيما ألقاه إليهم
من وحيه، ومنحهم ولايته فيما قربهم إليه في خطهم العملي فكيف يقاس هذا
بذاك»([16]).
ومن يمعن النظر في أقوال وكتب هذا الرجل يجد له
الكثير من التناقضات المماثلة، نعرض عن ذكرها هنا خوف ملالة القارئ
الكريم، ولكي لا نخرج عما رسمناه في كتابنا هذا الرامي إلى ذكر بعض
أقواله وآرائه التي يخالف فيها ما جرى عليه علماء المذهب بصورة عامة.
وربما وفقنا الله تعالى لإبراز تناقضاته هذه في فصل خاص من هذا الكتاب.
869 ـ الله هو الجدير بالعبادة وطلب
الشفاعة.
870 ـ الشافعون لا يقربون بعيداً من
الله.
871 ـ الشفاعة كرامة للشافع فيشفعه
الله بمن يريد أن يغفر له.
872 ـ الشفاعة لا تنطلق من رغبة الشفيع
الخاصة.
873 ـ الشفاعة مهمة محددة فلا تستغرق
في ذات النبي والولي لأجلها.
874 ـ التوسل بالشفعاء معناه وجود نقاط
ضعف في قدرة أو في عظمة الله تعالى.
875 ـ لا معنى للتوجه للمخلوق لطلب
الشفاعة ما دام لا يملكها بنفسه.
876 ـ أطلب من الله ليمنح الخاطئ
الشفاعة من خلال الشافع.
877 ـ لا يطلب أحد من مخلوق شيئاً، بل
الطلب من الله فقط والقصد إليه حتى في الشفاعة.
878 ـ الشفاعة وظيفة إلهية محددة
الموقع والشخص والدور.
879 ـ طلب الشفاعة مباشرة من المخلوق
لا ينسجم مع التوحيد.
يقول البعض:
«..﴿وَلَا
تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ﴾([17])،
فليست هناك مراكز قوى تفرض نفسها على الله، من موقع القوة الذاتية التي
تترك تأثيراتها على قرار الله، فيمن يعطيه أو فيمن يمنعه لتكون هناك
نقاط ضعف في قدرته أو في عظمته الإلهية.. ليحتاج الناس إلى التوسل إليه
بالشفعاء ليصلوا من خلالهم إلى مواقع رحمته ورضاه، ليتعبدوا لهم للحصول
على رضاهم الذي يؤدي للحصول على رضاه.. فليس هناك أحد أقرب إليه من
أحد، من حيث الذات، فهو الذي يقرب الناس إليه، ويمنحهم درجة القرب إليه
من خلال أعمالهم.. ويبقيهم في دائرة الخضوع له المنتظرين لإذنه في كل
ما يفعلون أو ما يتركون.. فيعرفون أنهم لا يملكون الشفاعة أمامه لأي
شخص لأنهم لا يملكون معه أيّ شيء ﴿إِلَّا
لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾([18]).
في ذلك فأراد تكريمه بالشفاعة لبعض الخاطئين الذين يريدون إن يغفر لهم
بحيث تكون الشفاعة وظيفة إلهية محددة الموقع معينة الشخص والدور، من
دون زيادة ولا نقصان.. وفي ضوء ذلك نفهم: أن الشفاعة ليست حالة ذاتية
للشفعاء لدى الله، بل هي مهمة محددة في دائرة المهمات التي قد يوكلها
إلى بعض عباده، لمصلحة يراها، في وقت محدود، ودور خاص، مما يفرض على
المؤمنين عدم الاستغراق في ذات النبي أو الولي.. طلباً للشفاعة، بل في
توجيه الخطاب لله أن يمنحه الشفاعة من خلالهما»([19]).
ويقول أيضاً:
«..فليس هناك إلا العمل.. وإذا كانت هناك من شفاعة،
فإنها لا تنطلق من رغبة الشفيع الخاصة بل هي بأمره ورضاه، فلا معنى لأن
تتوجه إلى المخلوق بطلب الشفاعة ما دام لا يملكها بنفسه، بل ينتظر أمر
الله فيها.. فهو الجدير بالعبادة وطلب الشفاعة.. وفي ضوء ذلك، كان
التوحيد يمثل الصفاء الروحي الذي يعيش معه الإنسان في حركة الإيمان
المطلق بعيدا عن كل التعقيدات الخانقة التي تجر معها المزيد من العادات
والتقاليد والأجواء الضاغطة على الفكر والروح والشعور»([20]).
ويقول أيضاً:
«..ولا يقبل من أحد رجاءً ولا شفاعةً في حق نفسه أو
في حق غيره، لأن أي واحد منهم لا يملك حقاً ذاتياً في ذلك كله إلا من
أذن له الرحمن في الشفاعة فأراد الله أن يكرمه بها ليجعل له الكرامة
باستنقاذ من يريد الله أن ينقذه من النار، ويرحمه برحمته، وذلك هو الذي
رضي الله قوله فيما يعبر عنه القول من العقيدة الصافية الحقة، والروح
الراضية المرضية والعمل الخالص الذي يتحرك في رضا الله من خلال وعي
الإيمان وطهر الإخلاص.
وفي ضوء هذه الآية نستفيد تقرير مبدأ الشفاعة التي
تؤكد وجودها لدى بعض الأشخاص المقربين إلى الله. ولكن من خلال إعطاء
الله ذلك فيكون القصد والتوجه لله في المسألة في الشفاعة لا إلى الشخص
لأنه لا يملك من أمر الشفاعة شيئاً في نفسه.. وذلك هو الحد الفاصل بين
الاستغراق في الشخص من خلال الاستغراق في ذاته، وبين الاستغراق في الله
على أساس الكرامة التي يمنحها لبعض عباده في شفاعته للآخرين استجابة
لإرادة الله له في ذلك.. وهذا هو الذي يعطي للعقيدة صفاءها فلا يطلب
أحد من مخلوق شيئاً بل يكون الطلب كله لله، والقصد إليه في كل شيء حتى
في الشفاعة التي لا يملكها أحد إلا بإذنه»([21]).
ويقول البعض أيضاً:
«..تلك هي مواقعهم فيما تتميز به مواقعهم الشخصية،
وفيما يقفون عنده من حدود مواقعهم أمام الله فلا يتجاوزونها فيما
يعيشونه في داخل حياتهم الخاصة، وفيما يتحركون به من العلاقات في حياة
الآخرين.. فلا يتصرفون معهم إلا بما يعلمون أن الله يرضى عنه، فلا يرون
لأنفسهم الحرية في أن تتدخل العوامل الذاتية فيما يريدون أن يتقدموا به
إلى الله، من الشفاعة لبعض الخاطئين، أو المنحرفين، لأنهم يعرفون أن
الشفاعة ليست حالة ذاتية ينطلق بها المقربون إلى الله ليستفيدوا من
مواقع القرب، في علاقاتهم الخاصة بالأشخاص، ليقربوا بعيدا عن الله، كما
يفعل الناس في الدنيا، ليتقرب الناس إليهم بما يتقربون به إلى المقربين
من الملوك والأمراء، ليشفعوا لهم عنده، فينفعلون بذلك، فيما يتحدثون به،
إلى رؤسائهم، في قضايا الامتيازات والشفاعات، وما إلى ذلك..
إن المقربين من عباد الله المكرمين، سواء منهم
الملائكة أو الأنبياء والأولياء، لا يعيشون في مشاعرهم العنصر الذاتي،
بل يتمثلون في وجدانهم العنصر الروحي فهم يعرفون مواقع رضا الله
فيتحركون فيها، ومحالّ كرامة الله ورحمته، فينطلقون إليها، ويعلمون أن
الشفاعة كرامة يريد الله أن يكرم بها بعض خلقه فيشفّعهم فيمن يريد أن
يغفر لهم ويرحمهم لأنهم في الموقع الذي يمكن لهم فيه أن يتقربوا من
رحمته ومغفرته ولذلك فهم يعرفون مواقع الشفاعة فيمن يطلبون من الله أن
يشفعهم فيهم فلا يشفعون للكافرين والمشركين والمنحرفين الذين حاربوا
الله ورسوله، لأنهم ليسوا في مواقع الرحمة التي سيستحقون فيها الرحمة»([22]).
لا نريد أن نسهب القول في بيان حقيقة الشفاعة، فأمرها
أظهر من الشمس، وأبين من الأمس، وقد ذكرنا فيما تقدم في بضع توضيحات قد
تكون مفيدة في هذا المجال فلا بأس بمراجعتها. غير أننا نذكّر القارئ
بالأمور التالية:
1 ـ إننا نرشد، هنا إلى الأحاديث التي تتحدث عن أنه
«صلى الله عليه وآله» يشفع لأهل الكبائر من أمته، فيشفعه الله تعالى
فيهم، لكنه لا يشفع لمن آذى ذريته([23]).
وفي بعض الروايات: هل يشفع إلا لمن وجبت له النار؟!
([24]).
وفي بعضها: ثم يشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل
الملة([25])،
والأحاديث الدالة على هذا المعنى كثيرة فلتراجع في مظانها.
وهذا معناه: أن قول البعض: إن الشافع لا يقرّب
بعيداً عن الله غير صحيح، بل هم يقربون ـ بشفاعتهم ـ ذلك البعيد. وهذا
هو معنى الشفاعة، كما ظهر بذلك أيضاً عدم صحة قوله: إن الشفاعة إنما هي
لمن يستحق الرحمة ممن هو في مواقع الرحمة، فليست الشفاعة ناشئة عن
استحقاق لها من قبل المشفوع له.
2 ـ قد ذكرنا فيما تقدم أيضاً: أن الشفاعة هي التي تنتج
المغفرة وتؤثر فيها، وتكون سببا في حصولها، لا أن إرادة المغفرة هي
التي تؤثر في إجراء الشفاعة على نحو مراسم شكلية تهدف إلى مجرد تكريم
الشافع.
إذن.. فللشفاعة مهمتان:
الأولى: التسبب بحصول المغفرة، والتأثير في إنتاجها،
حيث لولاها لم تحصل المغفرة، ولم يكن هناك إرادة لها.
الثانية: أن تظهر بسببها الكرامة الإلهية والمنزلة
الربانية للشافع.
3 ـ أما قوله: إن الشفاعة لا تنطلق من رغبة الشفيع
الخاصة، بل هي بأمر الله ورضاه.. فالروايات التالية بخلافه:
إن الشفيع في يوم القيامة يقول: أي رب عبدك فلان سقاني
شربة من ماء في الدنيا، فشفعني فيه، فيقول: اذهب فأخرجه من النار.. الخ([26]).
ثم يشفع لخادمه([27])،
ويشفع لمحبيه وأهل مودته([28])،
ويشفع لجيرانه([29])
ولأهل بيته([30])،
ولمن له به معرفة بالدنيا([31])،
بل والشفاعة للعدو المحارب، والذي كان قد أحسن للمؤمن في دار الدنيا([32]).
وذلك يوضح عدم صحة عدة أمور، وردت في كلام ذلك البعض.
الأول:
عدم صحة قوله: إن الشفاعة لا تنطلق من رغبة الشفيع
الخاصة.
الثاني: عدم صحة قول البعض: إن الشفاعة هي في دائرة
المهمات التي قد يوكلها الله إلى بعض عباده إذ إنها كرامة للشافع،
ورحمة للمشفوع له.
الثالث: عدم صحة قول هذا البعض: إن كونها مهمة محددة،
يستتبع أن لا يستغرق المؤمن في ذات النبي والولي طلباً للشفاعة.
الرابع: إن معنى قوله تعالى: ﴿وَلَا
تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾([33]):
أن من أذن الله له بالشفاعة ورضيه وارتضاه لها، وجعل له هذا المقام هو
الذي تنفع شفاعته، كالأنبياء، والأولياء، والشهداء، فالشفاعة التي
أعطيت لهؤلاء هي التي تنفع وتؤثر في غفران الذنوب وكل شفاعة سواها
باطلة، وغير مقبولة، ولا مرضية.
وبعبارة أخرى:
إنما يشفع من أكرمه الله ببلوغه مقاماً يؤهله لأن يشفع
للمؤمنين الخاطئين، وهذا يعني عدم صحة قول البعض: إنه لا معنى لأن
نتوجه إلى المخلوق بطلب الشفاعة ما دام لا يملكها بنفسه، فإن المراد
بملك الشفاعة هو أن يجعله الله في مقام الشفاعة، فإذا بلغ هذا المقام
فله أن يشفع لمن يشاء، حتى للخادم والجار، والمعين، ولأهل الكبائر وغير
ذلك.
إذن فلا مانع من أن نتوجه إليه بعد أن وصل إلى هذا
المقام فنوجه إليه الخطاب، ونطلب منه أن يستعمل صلاحياته التي حصل
عليها.
5 ـ معنى قوله: ﴿وَلَا
يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾([34]).
أي ارتضى الله دينه([35]).
فلم يكن مشركا ولا ظالماً([36])..
وهو من أهل التوحيد، من أهل شهادة أن لا إله ألا الله
([37])
كما في روايات أهل البيت «عليهم السلام»، لا كما فسرها هذا الرجل
بقوله: أي ارتضاه الله للشفاعة.
6 ـ يتضح مما تقدم: أن هناك فئات لا تنالها الشفاعة.
وقد دلت الروايات الكثيرة على ذلك، مثل ما ورد: من أن الشفاعة لا تنال
مستخفاً بالصلاة([38])
ولا تنال من أنكر الشفاعة، أو أنكر الحوض والمعراج([39]).
7 ـ إن حاجة الناس إلى التوسل بالشفعاء، ناتجة عن
قصور أعمالهم عن أن تبلغ بهم إلى مقام الاستغناء عن الشفعاء، وليست
ناشئة عن ضعف في قدرته أو في عظمته تعالى، بل هذا التوسل دليل كمال
قدرته تعالى، ونهاية عظمته.
ويدل على أن الشفاعة هي السبب في حدوث المغفرة، لا أن
إرادة المغفرة متقدمة على الشفاعة. قوله تعالى: ﴿وَلَا
تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾([40]).
حيث دلت على أن للشفاعة تأثيراً ونفعاً.
ويدل على ذلك أيضاً ما رواه جابر بن يزيد قال: قال أبو
جعفر «عليه السلام»: يا جابر لا تستعن بعدونا في حاجة ولا تستعطه ولا
تسأله شربة ماء، إنه ليمر به المؤمن في النار فيقول: يا مؤمن ألست فعلت
بك كذا وكذا، فيستحي منه، فيستنقذه من النار، فإنما سمي المؤمن مؤمناً،
لأنه يؤمن على الله فيؤمن (فيجيز خ ل) أمانه([41]).
إلى أن قال:
فأما في يوم القيامة فإنا و أهلنا نجزي عن شيعتنا كل
جزاء، ليكونن على الأعراف بين الجنة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين
«عليهم صلوات الله وسلامه، والطيبون من آلهم»، فنرى بعض شيعتنا في تلك
العرصات، فمن كان منهم مقصّراً في بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار
شيعتنا، كسلمان، والمقداد، وأبي ذر، وعمار، ونظرائهم في العصر الذي
يليهم وفي كل عصر إلى يوم القيامة، فينقضون عليهم كالبزاة والصقور
ويتناولونهم كما يتناول البزاة والصقور صيدها فيزفونهم إلى الجنة زفاً،
وإنا لنبعث على آخرين (من خ ل) محبينا من خيار شيعتنا كالحمام،
فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحبّ، وينقلونهم إلى الجنان
بحضرتنا. وسيؤتى بالواحد من مقصّرى شيعتنا في أعماله بعد أن صان (قد
حاز خ ل) الولاية والتقية وحقوق إخوانه ويوقف بإزائه ما بين مائة وأكثر
من ذلك إلى مائة ألف من النصّاب، فيقال له: هؤلاء فداؤك من النار،
فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة وأولئك النصاب النار، وذلك ما قال الله
تعالى: ﴿رُبَمَا
يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾
يعني بالولاية ﴿لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾([42])
في الدنيا منقادين للإمامة ليجعل مخالفوهم من النار فداءهم([43]).
عن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: أما إن من شيعة علي
«عليه السلام» لمن يأتي يوم القيامة، وقد وضع له في كفة سيئاته من
الآثام ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار السيارة، تقول الخلائق:
هلك هذا العبد، فلا يشكّون أنه من الهالكين وفي عذاب الله من الخالدين،
فيأتيه النداء من قبل الله تعالى: يا أيها العبد الجاني هذه الذنوب
الموبقات، فهل بإزائها حسنة تكافؤها وتدخل الجنة برحمة الله، أو تزيد
عليها فتدخلها بوعد الله؟
يقول العبد: لا أدري.
فيقول: منادي ربنا عز وجل: إن ربي يقول: نادِ في عرصات
القيامة: ألا إن فلان بن فلان من بلد كذا وقرية كذا وكذا، قد رهن
بسيئاته كأمثال الجبال والبحار ولا حسنة بإزائها، فأي أهل هذا المحشر
كانت لي عنده يد أو عارفة
([44])،
فليغشني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدة حاجتي إليها.
فينادي الرجل لذلك، فأول من يجيبه علي بن أبي طالب:
لبيك لبيك لبيك أيها الممتحن في محبتي، المظلوم بعداوتي.
ثم يأتي هو ومن معه عدد كثير وجم غفير وإن كانوا أقل
عدداً من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات، فيقول ذلك العدد: يا أمير
المؤمنين، نحن إخوانه المؤمنون، كان بنا باراً ولنا مكرماً، وفي
معاشرته إيانا ـ مع كثرة إحسانه إلينا ـ متواضعاً، وقد نزلنا له عن
جميع طاعتنا وبذلنا له.
فيقول علي «عليه السلام»: فبماذا تدخلون جنة ربكم؟!
فيقولون: برحمة الله الواسعة التي لا يعدمها من والاك
ووالى آلك يا أخا رسول الله.
فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا أخا رسول الله،
هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له، فأنت ماذا تبذل له؟! فإني أنا
الحكم، ما بيني وبينه من الذنوب قد غفرتها له بموالاته إياك، وما بينه
وبين عبادي من الظلامات فلا بد من فصلي بينه وبينهم.
فيقول علي «عليه السلام»: يا رب، أفعل ما تأمرني.
فيقول الله: يا علي، اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم
قبله.
فيضمن لهم علي «عليه السلام» ذلك، فيقول لهم: اقترحوا
عليّ ما شئتم أعطكم عوضاً من ظلاماتكم قبله.
فيقولون: يا أخا رسول الله، تجعل لنا بإزاء ظلاماتنا
قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتتك على فراش محمد «صلى الله عليه
وآله».
فيقول «عليه السلام»: قد وهبت ذلك لكم.
فيقول الله عز وجل: فانظروا يا عبادي الآن إلى ما
نلتموه من علي، فداء لصاحبه من ظلاماتكم؛ ويظهر لهم ثواب نفس وجد في
الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون ذلك ما يرضي الله به خصماء
أولئك المؤمنين، ثم يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل ما لا عين رأت
ولا أذن سمعت ولا خطر عل قلب بشر.
يقولون: ربنا الخ..([45]).
وفي كتاب فضائل الشيعة للصدوق ـ «رحمه الله» ـ
بإسناده عن أبي عبد الله «عليه السلام» قال: إذا كان يوم القيامة نشفع
في المذنب من شيعتنا، فأما المحسنون فقد نجاهم الله([46]).
وعن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله «عليه
السلام» عن قول الله تبارك وتعالى: ﴿لَا
يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾([47]).
قال: نحن والله المأذونون لهم في ذلك اليوم، والقائلون
صواباً.
قلت: جعلت فداك وما تقولون؟!
قال: نمجد ربنا، ونصلي على نبينا، ونشفع لشيعتنا فلا
يردنا ربنا.
وروي هذا الحديث بطرق متعددة.
وعن أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: قال رسول الله
«صلى الله عليه وآله»: إذا كان يوم القيامة ولّينا حساب شيعتنا، فمن
كانت مظلمته فيما بينه وبين الله عز وجل حكمنا فيها فأجبنا، ومن كانت
مظلمته بينه وبين الناس استوهبناها فوهبت لنا، ومن كانت مظلمته فيما
بينه وبيننا كنا أحق من عفا وصفح.
وروي مثل ذلك عن جميل عن أبي الحسن «عليه السلام»([48]).
وعن سماعة عن أبي الحسن الأول، وعن عبدالله عن أبي عبد
الله «عليه السلام»([49])،
وعن محمد بن جعفر عن أبيه عن جده «عليه السلام» مثله([50]).
ومما يدل على أن الناس يحتاجون إلى الشفاعة ما ورد
في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَا
تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾([51]).
عن أبي العباس المكبر قال: دخل مولى لامرأة علي بن الحسين «صلوات الله
وسلامه عليهما» على أبي جعفر «عليه السلام» يقال له: أبو أيمن، فقال:
يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون: شفاعة محمد؟!
فغضب أبو جعفر «عليه السلام» حتى تربد وجهه، ثم قال:
ويحك يا أبا أيمن، أغرك أن عف بطنك وفرجك؟! أما لو قد رأيت أفزاع
القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمد «صلى الله عليه وآله» ويلك، فهل يشفع
إلا لمن وجبت له النار؟!
ثم قال: ما من أحد من الأولين والآخرين إلا وهو محتاج
إلى شفاعة محمد «صلى الله عليه وآله» يوم القيامة، ثم قال أبو جعفر إن
لرسول الله «صلى الله عليه وآله» الشفاعة في أمته ولنا شفاعة، في
شيعتنا، ولشيعتنا شفاعة في أهاليهم.
ثم قال: وإن المؤمن ليشفع في مثل ربيعة ومضر، وإن
المؤمن ليشفع حتى لخادمه، ويقول: يا رب حق خدمتي كان يقيني الحر والبرد([52]).
قال عبيد بن زرارة: قال: سئل أبو عبد الله «عليه
السلام» عن المؤمن: هل له شفاعة؟!
قال: نعم.
فقال له رجل من القوم: هل يحتاج المؤمن إلى شفاعة محمد
«صلى الله عليه وآله» يومئذ؟!
فقال: نعم.. إن للمؤمنين خطايا وذنوباً، وما من أحد إلا
يحتاج إلى شفاعة محمد يومئذ([53]).
عن علي بن أبي حمزة قال: قال رجل لأبي عبدالله «عليه
السلام»: إن لنا جاراً من الخوارج يقول: إن محمداً يوم القيامة همه
نفسه فكيف يشفع؟!
فقال أبو عبد الله «عليه السلام»: ما أحد من الأولين
والآخرين إلا وهو محتاج إلى شفاعة محمد «صلى الله عليه وآله» يوم
القيامة([54]).
قال الشيخ الصدوق في اعتقاداته:
إعتقادنا في الشفاعة أنها لمن ارتضي دينه من أهل
الكبائر والصغائر، فأما التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة،
وقال النبي «صلى الله عليه وآله» من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله
شفاعتي([55]).
وهناك ما يدل على أن النبي «صلى الله عليه وآله» يبادر
إلى الشفاعة فيشفعه الله، ونذكر من ذلك: ما روي عن أبي عبد الله «عليه
السلام» قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ما من أهل بيت يدخل
واحد منهم الجنة إلا دخلوا أجمعين الجنة.
قيل: وكيف ذلك؟!
قال: يشفع فيهم فيشفّع حتى يبقى الخادم فيقول: يا رب
خويدمتي قد كانت تقيني الحر والقر فيشفع فيها([56]).
عن علي «عليه السلام» قال: إن للجنة ثمانية أبواب،
باب يدخل منه النبيون والصديقون، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون،
وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا، فلا أزال واقفاً على الصراط
أدعو وأقول: رب سلّم شيعتي ومحبيّ وأنصاري ومن تولاني في دار الدنيا،
فإذا النداء من بطنان العرش: قد أجيبت دعوتك وشفّعت في شيعتك، وشفع كل
رجل من شيعتي، ومن تولاني ونصرني، وحارب من حاربني بفعل أو قول في
سبعين ألفاُ من جيرانه وأقربائه. وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد
أن لا اله إلا الله، ولم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت([57]).
مما يدل على أن الشفاعة هي السبب في المغفرة.
ومما يدل أيضاً على أن الشفاعة تكون أيضاً لمن لا
يستحقها، ممن لا حسنة له:
ما روي عن أبي جعفر «عليه السلام» حيث قال: ..وإن
الشفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب، وإن المؤمن ليشفع لجاره وما له
حسنة، فيقول: يا رب جاري كان يكفّ عني الأذى، فيشفع فيه.
فيقول الله تبارك وتعالى: أنا ربك، وأنا أحق من كافي
عنك، فيدخله الجنة وما له من حسنة، وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع
لثلاثين إنساناً فعند ذلك يقول أهل النار: فما لنا من شافعين ولا صديق
حميم([58]).
ومما يدل أيضاً على أن الشفاعة هي السبب في المغفرة.
وعلى أنه يصح طلب الشفاعة من غير الله سبحانه.
وعلى أنهم يشفعون لمن يشاؤون ويحبون.
وعلى أنهم يقسمون على الله سبحانه وتعالى بحق النبي
«صلى الله عليه وآله» وعلي
«عليه السلام»،
النصوص التالية:
عن أبي عبد الله «عليه السلام»، قال: إن المؤمن منكم
يوم القيامة ليمر به الرجل له المعرفة به في الدنيا وقد أمر به إلى
النار والملك ينطلق به، قال: فيقول له: يا فلان أغثني فقد كنت أصنع
إليك المعروف في الدنيا، وأسعفك في الحاجة تطلبها مني، فهل عندك اليوم
مكافأة؟!
فيقول المؤمن للملك الموكل به: خل سبيله.
قال: فيسمع الله قول المؤمن، فيأمر الملك أن يجيز قول
المؤمن فيخلي سبيله([59]).
وعن سماعة بن مهران قال: قال أبو الحسن «عليه السلام»:
إذا كانت لك حاجة إلى الله فقل: «اللهم إني أسألك بحق محمد وعلي فإن
لهما عندك شأناً من الشأن، وقدراً من القدر، فبحق ذلك الشأن وذلك القدر
أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا، فإنه إذا كان يوم
القيامة لم يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن إلا وهو يحتاج
إليهما في ذلك اليوم»([60]).
وعن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله «عليه السلام»: إن
أناساً من بني هاشم أتوا رسول الله «صلى الله عليه وآله» فسألوه أن
يستعملهم على صدقات المواشي، وقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله
للعاملين عليها فنحن أولى به.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» يا بني عبد المطلب
إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم، ولكني وعدت الشفاعة، ثم قال: والله أشهد
أنه قد وعدها، فما ظنكم يا بني عبد المطلب إذا أخذت بحلقة الباب،
أتروني مؤثراً عليكم غيركم، ثم قال: إن الجن والإنس يجلسون يوم القيامة
في صعيد واحد، فإذا طال بهم الموقف طلبوا الشفاعة، فيقولون: إلى من؟!
فيأتون نوحاً فيسألونه الشفاعة.
فقال: هيهات قد رفعت حاجتي.
فيقولون: إلى من؟!
فيقال: إلى إبراهيم.
فيأتون إلى إبراهيم، فيسألونه الشفاعة، فيقول: هيهات قد
رفعت حاجتي.
فيقولون: إلى من؟!
فيقال: إيتوا موسى.
فيأتونه، فيسألونه الشفاعة، فيقول: هيهات قد رفعت
حاجتي.
فيقولون: إلى من؟!
فيقال: إيتوا محمداً.
فيأتونه، فيسألونه الشفاعة، فيقوم مدلاً حتى يأتي باب
الجنة، فيأخذ بحلقة الباب ثم يقرعه، فيقال: من هذا؟!
فيقول: أحمد، فيرحبون ويفتحون الباب، فإذا نظر إلى
الجنة خرّ ساجداً يمجد ربه بالعظمة.
فيأتيه ملك فيقول: ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفّع،
فيرفع رأسه فيدخل من باب الجنة فيخر ساجدا، ويمجّد ربه ويعظمه.
فيأتيه ملك، فيقول: ارفع رأسك وسل تعطى، واشفع تشفّع.
فيقوم فما يسأل شيئاً ألا أعطاه إياه([61]).
وقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: الله رحيم بعباده
ومن رحمته أنه خلق مائة رحمة جعل منها رحمة واحدة في الخلق كلهم، فبها
يتراحم الناس وترحم الوالدة ولدها، وتحنن الأمهات من الحيوانات على
أولادها فإذا كان يوم القيامة أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسع وتسعين
رحمة، فيرحم بها أمة محمد ثم يشفّعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل
الملة حتى إن الواحد ليجيء إلى مؤمن من الشيعة، فيقول: اشفع لي.
فيقول: وأي حق لك علي؟!
فيقول: سقيتك يوماً ماء فيذكر ذلك فيشفع له.
فيشفّع فيه، ويجيئه آخر فيقول: إن لي عليك حقاً، فاشفع
لي.
فيقول: وما حقك علي؟!
فيقول: استظللت بظل جداري ساعة في يوم حار.
فيشفع له، فيشفّع فيه.
ولا يزال يشفع حتى يشفع في جيرانه وخلطائه ومعارفه. فإن
المؤمن أكرم على الله مما تظنون([62]).
880 ـ لا يتدخل أحد إلا بإذنه الذي يلقيه الله إليه
فيما يريد، وفيما لا يريد.
881 ـ لا معنى لأن يتوجه الإنسان للشفعاء ولو عبر
الواسطة.
882 ـ المطلوب هو التخلص من الإغراق في أسلوب الطلب من
الأنبياء والأولياء.
883 ـ الإغراق في الطلب من النبي والولي إلى حد ينسى
الطالب ربه مرفوض.
884 ـ يستغرق في ذات النبي والولي حتى ينسى ربه.
885 ـ لا يملك أحد أن يتدخل في إنقاذ أحد من خلال موقع
مميز خاص.
يقول البعض:
«..﴿مَنْ
ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾([63]).
ليس هناك إلا كلمته وإرادته، فلا يملك أحد أن يتدخل في إنقاذ أحد من
مصير محتوم، أو رفعه إلى درجة عالية من خلال قوة ذاتية أو موقع مميز
خاص، إلا بإذنه الذي يلقيه إلى بعض عباده المقربين في ما يريد، وفي ما
لا يريد، وبذلك يمكن لنا أن نقرّر مبدأ الشفاعة في نطاق الخط الذي يريد
الله للشافعين أن يسيروا عليه في ما يريد الله أن يكرمهم بالمغفرة لبعض
المذنبين، أو برفع الدرجة لبعض المطيعين من دون أن يتنافى ذلك مع مبدأ
التوحيد في ما يتوسل به الناس من شفاعة.
وفي هذا الجو، يمكن لنا أن نستوحي طبيعة ما يملكه
الشفعاء من ميزة الشفاعة من حيث ارتباطها بإرادة الله بإذنه، فالمغفرة
التي تنال المذنبين من الله، والبلاء الذي يرفع عن المبتلين من الله،
والمثوبة التي تحصل للمطيعين منه ـ جل شأنه ـ يمنحها لهذا ولذاك،
بكرامة هذا النبي، أو هذا الولي التي أراد أن يكرمهم بها.
ولهذا فلا معنى لأن يتوجه العباد إليهم حتى عبر
الواسطة، بل يكون التوجه إلى الله بأن يجعلنا ممن يشفع بهم، لأنهم لا
يملكون الشفاعة بأنفسهم، بل يملكونها من خلال وحيه وإذنه وتعليمه،
وبذلك نتخلص من هذا الإغراق في أسلوب الطلب من الأنبياء والأولياء
بالمستوى الذي قد ينسى فيه الطالب ربه في استغراقه العميق في ذات النبي
أو الولي، إذا لم يكن واعياً بالدرجة التي يستطيع من خلالها أن يضع
الأشياء في مواقعها الصحيحة من العقيدة والشريعة»
([64]).
ونقول:
1 ـ لماذا حمل الشفاعة بإذن الله على معنى أنه لا بد من
صدور الإذن الفعلي الذي يلقيه إلى الشافع فيما يريد، وفيما لا يريد؟
ولماذا لا يكون معناها: أن من بلغ مقاماً يؤهله لأن
يشفع للناس، فإن الله سبحانه يأذن له بذلك إذناً عاماً فيشفع لمن يشاء
من خلق الله سبحانه.
وأما قوله تعالى: ﴿وَلَا
يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾([65])،
فإن معناه: ارتضى الله دينه، فلم يكن مشركاً ولا ظالماً ـ كما ورد في
روايات أهل البيت «عليهم السلام» وقد تحدثنا عن ذلك فيما تقدم.
2 ـ إن هذا البعض نفسه قد اعترف بأن المسلمين إنما
يمارسون التوسل بالأنبياء والأولياء:
«من موقع التوجه إلى الله بأن يجعلهم الشفعاء لهم، وأن
يقضي حاجاتهم بحق هؤلاء فيما جعله لهم من حق، مع الوعي الدقيق للمسألة
الفكرية في ذلك كله، وهي الإعتراف بأنهم عباد الله المكرمون الخ..»([66]).
إلى أن قال:
«هكذا نرى ان الذهنية العقيدية لدى المسلمين لا تحمل أي
لون من ألوان الشرك بالمعنى العبادي، كما لا يحملون ذلك بالمعنى
الفكري، بل يختزن في دائرة التعظيم للأنبياء، والأولياء الشعور العميق
بأن الله هو خالق الكون ومدبره الخ..»([67]).
ويقول أيضاً:
«إذا كان الله قادراً على أن يحقق ذلك من خلالهم في
حياتهم، فهو القادر على أن يحقق ذلك، بعد مماتهم باسمهم، لأن القدرة في
الحالتين واحدة»([68]).
فكيف يقول هذا البعض هنا:
«إننا نحتاج إلى أن نتخلص من الإغراق في أسلوب الطلب من
الأنبياء، والأولياء بالمستوى الذي قد ينسى فيه الطالب ربه في استغراقه
العميق في ذات النبي أو الولي الخ..».
فإن المسلمين ـ باعترافه ـ واعون للمسألة الفكرية بدقة.
هذا عدا عن حديثه عن الصنمية اللاشعورية. التي تتمثل في
الوقوف أمام قبر النبي والولي، وعن أن ثمة شركاً في العبادة حين يقول
القائل يا محمد يا علي، فراجع ما ذكرناه في قسم (عقائد الشيعة
وشعائرهم).
3 ـ وما على من استغرق في ذات الولي والنبي من غضاضة
إذا كان يعلم أن الله سبحانه قد منحه مقام الشفاعة وأصبح يقول للنار:
هذا لي، وهذا لك، كما ورد عن الأئمة «عليهم السلام» في تفسير قول رسول
الله «صلى الله عليه وآله» في علي «صلوات الله وسلامه عليه»: «علي قسيم
الجنة والنار».
4 ـ قد ظهر مما تقدم: أن قول هذا البعض:
«لا يملك أحد أن يتدخل في إنقاذ أحد من مصير محتوم، أو
رفعه إلى درجة عالية من خلال قوة ذاتية، أو موقع مميز خاص، إلا بإذنه
الذي يلقيه إلى بعض عباده المقربين فيما يريد، وفيما لا يريد».
قد ظهر أن هذا القول لا يستقيم إذ من الجائز أن يكون
الله سبحانه قد منح بعض أوليائه وأنبيائه قوة ذاتية تمكنهم من ذلك كما
منح ـ بنص الكتاب ـ آصف بن برخيا قدرة الإتيان بعرش بلقيس من اليمن إلى
بيت المقدس ﴿أَنَا
آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾([69])،
حيث نسب الإتيان به إلى نفسه.
كما أن من الجائز أن يبلغ أحدهم بفضل الله وكرمه موقعاً
خاصاً يؤهله لأن ينقذ هذا أو ذاك، كما هو الحال بالنسبة لأمير
المؤمنين، قسيم الجنة والنار الذي يقول للنار: هذا لي وهذا لك.
والحديث مع هذا البعض حول هذا الموضوع يطول، ويمكن
الإكتفاء بما ذكرناه في هذا الكتاب، إن في ذلك لذكرى لمن ألقى السمع
وهو شهيد.
([1])
في رحاب دعاء الإفتتاح ص76 ويمكن مراجعة الندوة ج1 ص312 ـ 313.
([2])
الآية 28 من سورة الأنبياء.
([3])
الآية 109 من سورة طه.
([5])
من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج25 ص66 و 67.
([6])
كشف الإرتياب (طبعة سنة 1411هـ) ص194 ـ 195.
([7])
الآية 5 من سورة الفاتحة.
([8])
الآية 186 من سورة البقرة.
([9])
الآية 16 من سورة ق.
([10])
ومن وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج25 ص65 ـ 66.
([11])
الآية 35 من سورة المائدة.
([12])
تفسير البرهان ج1 ص469.
([13])
تفسير نور الثقلين ج1 ص519.
([14])
تفسير البرهان ج1 ص469. وتفسير نور الثقلين ج1 ص520.
([15])
سنن ابن ماجة ج1 ص441 والجامع الصحيح للترمذي، أبواب الأدعية،
ومستدرك الحاكم ج1 ص313 وتلخيص المستدرك (مطبوع بهامش المستدرك
) نفس الجزء والصفحة والجامع الصغير ص59 والتاج الجامع للأصول
ج1 ص286 ومسند احمد.
([16])
من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج25 ص50.
([17])
الآية 23 من سورة سبأ.
([18])
الآية 23 من سورة سبأ.
([19])
من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج19 ص37 و 38.
([20])
المصدر نفسه ج11 ص20.
([21])
من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج15 ص164.
([22])
من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج15 ص228 و 229.
([23])
بحار الأنوار ج25 ص37 وراجع ص34 و 39 و 58 و 59 و 60.
([25])
البحار ج8 ص44 وراجع مستدرك سفينة البحار ج6 ص1 ـ 5 فقد أشار
إلى موارد كثيرة.
([26])
بحار الأنوار ج8 ص33 ـ 34.
([27])
بحار الأنوار ج8 ص38 و 56 و 61 عن تفسير القمي ج2 ص202 في قوله
تعالى: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ
أَذِنَ لَهُ﴾[الآية 23 من سورة سبأ]، وعن تفسير العياشي وعن
الاختصاص للشيخ المفيد.
([28])
البحار ج8 ص 37 و 42 وعن المحاسن ص184 وراجع ص41 عن الأمالي
للصدوق ص170 عن ثواب الأعمال ص203 وعلل الشرايع ص542 .
([29])
البحار ج8 ص42 و 56 و 57 عن الكافي ج8 ص101 عن المحاسن ص184.
([30])
البحار ج8 ص42 و 56 عن المحاسن ص184 وعن الاختصاص.
([31])
البحار ج8 ص41 عن ثواب الأعمال ص.
([33])
الآية 23 من سورة سبأ.
([34])
الآية 28 من سورة الأنبياء.
([35])
راجع البحار ج8 ص34 و 40 و 50.
([36])
راجع البحار ج8 ص39 و 58.
([37])
راجع البحار ج8 ص 58.
([38])
من لا يحضره الفقيه ج1 ص206.
([39])
البحار ج3 ص37 و 34 وراجع ص41.
([40])
الآية 23 من سورة سبأ.
([41])
البحار ج8 ص42 عن المحاسن 185.
([42])
الآية 2 من سورة الحجر.
([43])
البحار ج8 ص44 و 45 عن تفسير العسكري.
([45])
البحار ج8 ص59 ـ 61 عن تفسير الإمام العسكري «عليه السلام».
([47])
الآية 38 من سورة النبأ.
([49])
البحار ج8 ص57 عن الكافي ج8 ص162.
([50])
البحار ج8 ص50 عن كنز الفوائد.
([51])
الآية 23 من سورة سبأ.
([52])
البحار ج8 ص38 عن تفسير القمي وعن المحاسن للبرقي ص183 إلى
قوله: «وجبت له».
([53])
البحار ج8 ص48 عن العياشي.
([54])
البحار ج8 ص42 عن المحاسن ص184.
([55])
البحار ج8 ص58 عن عقائد الصدوق ص85.
([56])
البحار ج8 ص58 عن عقائد الصدوق ص85.
([57])
الخصال ج2 ص39 والبحار ج8 ص39.
([58])
الكافي ج8 ص101 والبحار ج8 ص56 عنه وعن العياشي.
([59])
البحار جج8 ص41 عن ثواب الأعمال ص167.
([60])
البحار ج8ص59 عن دعوات الراوندي.
([61])
البحار ج8 ص47 عن العياشي.
([62])
البحار ج8 ص44 عن تفسير العسكري.
([63])
الآية 255 من سورة البقرة.
([64])
من وحي القرآن (الطبعة الثانية ـ دار الملاك) ج5 ص32 و 33.
([65])
الآية 28 من سورة الأنبياء.
([66])
من وحي القرآن (الطبعة الثانية ـ دار الملاك) ج1 ص62.
([67])
المصدر السابق ج1 ص63.
([69])
الآية 40 من سورة النمل.
|