1 ـ
عن الحسن بن مبارك، عن بكر بن عيسى، قال: إن طلحة
والزبير أتيا علياً «عليه السلام» بعدما بايعاه بأيام فقالا: يا أمير
المؤمنين قد عرفت شدة مؤنة المدينة، وكثرة عيالنا. وإن عطاءنا لا
يسعنا.
[فقال: ألم أشرط أنني لا
أعطي أحداً دون أحد؟!
فقالوا:
قد لزمتنا نفقتنا].
قال:
فما تريدان نفعل؟!
قالا:
تعطينا من هذه المال ما يسعنا!!
فقال:
اطلبا إلى الناس، فإن اجتمعوا على أن يعطوكما شيئاً من
حقوقهم فعلت. [وإن أبيتما فأنا أعطيكما من عطائي].
قالا:
لم نكن لنطلب ذلك إلى الناس ولم يكونوا يفعلوا لو طلبنا
إليهم!!
قال:
فأنا والله أحرى أن لا أفعل، فانصرفا([1]).
2 ـ
في نص آخر: فأبيا عليه وقالا: ائذن لنا في العمرة.
فقال:
والله ما تريدان العمرة، وإنما تريدان الغدرة والفتنة.
فقالا:
كلا والله.
فقال:
قد أذنت لكما، فافعلا ما شئتما. وذلك بعد أربعة أشهر من
خلافته([2]).
3 ـ
وعن عمرو بن شمر، عن جابر، عن محمد بن علي «عليهما
السلام» إن طلحة والزبير أتيا علياً «عليه السلام»، فاستأذناه في
العمرة.
فقال لهما:
لعلكما تريدان الشام والبصرة؟!
فقالا:
اللهم غفراً ما ننوي إلا العمرة([3]).
4 ـ
عن الحسين بن مبارك، عن بكر بن عيسى «عليه السلام»: أن
علياً أخذ عليهما عهد الله وميثاقه، وأعظم ما أخذ على أحد من خلقه، أن
لا يخالفا، ولا ينكثا، ولا يتوجها وجهاً غير العمرة حتى يرجعا إليها،
فأعطياه ذلك من أنفسهما، ثم أذن لهما فخرجا([4]).
5 ـ
قال الشيخ المفيد «رحمه الله»: وإن طلحة والزبير كانا
في الأول على عثمان وإنما رجعا عنه لما فاتهما مما كانا يأملانه من
ذلك، ولم يرجعا عنه لما أظهراه من بعد الندم على قتل عثمان والدعاء إلى
قتله، ولا رجعا عنه استبصاراً بضلالة ما كانا يأملانه في ذلك.
فأعلمنا ذلك:
أن الذي ادعته الحشوية لهم من اجتهاد الرأي. باطل
ومنحل، وإن دعوى المعتزلة في الشبهة عليهما فيما صارا إليه من خلاف
أمير المؤمنين «عليه السلام» ليس بصحيح.
بل الحق في ذلك ما ذهبت إليه الشيعة في تعمدهم الخلاف.
وأسباب ذلك:
العداوة له والشنآن، مع الطمع في الدنيا والسعي في
عاجلها، والميل للتأمر على الناس والتملك لأمرهم وبسط اليد عليهم، وإن
الرجلين خاصة لما أيسا من نيل ما طمعا فيه من الأمر فوجدا الأمة لا
تعدل بأمير المؤمنين أحداً، وعرفا رأي المهاجرين والأنصار، فمن أرادا
الحظوة([5])
عنده بالبدار إلى بيعته، وظنا بذلك شركاه في أمره.
فلما استويا بالحال من بعد وصح لهما رأيه «عليه
السلام»، وتحققا أنهما لا يليان معه أمراً، فامتحنا ذلك مع ما غلب في
ظنهما مما ذكرناه: بأن صارا إليه بعد استقرار الأمر ببيعة المهاجرين
والأنصار، وبني هاشم، وكافة الناس إلا من شذ من بطانة([6])
عثمان وكانوا على خفاء لأشخاصهم مخافة على دمائهم من أهل الإيمان.
فصارا إلى أمير المؤمنين، فطلب منه طلحة ولاية العراق،
وطلب منه الزبير ولاية الشام. فأمسك علي عن إجابتهما في شيء من ذلك.
فانصرفا وهما ساخطان، وقد عرفا ما كان غلب في ظنهما قبل
من رأيه «عليه السلام»، فتركاه يومين أو ثلاثة أيام، ثم صارا إليه،
واستأذنا عليه، فأذن لهما، وكان في علية([7])
داره، فصعدا إليه، وجلسا عنده بين يديه، وقالا: يا أمير المؤمنين، قد
عرفت حال هذه الأزمنة وما نحن فيه من الشدة، وقد جئناك لتدفع إلينا
شيئاً نصلح به أحوالنا، ونقضي به حقوقاً علينا.
فقال «عليه السلام»:
قد عرفتما مالي (بينبع)([8])
فإن شئتما كتبت لكما منه ما تيسر.
فقالا:
لا حاجة لنا في مالك (بينبع).
فقال لهما:
ما أصنع؟!
فقالا له:
أعطنا من بيت المال شيئاً لنا فيه كفاية.
فقال:
سبحان الله، وأي يد لي في بيت المال، وذلك للمسلمين.
وأنا خازنهم، وأمين لهم، فإن شئتما رقيتما المنبر وسألتما ذلك ما
شئتما، فإن أذنوا فيه فعلت. وأنى لي بذلك وهو لكافة المسلمين، شاهدهم
وغائبهم، لكني أبدي لكما عذراً.
فقالا:
ما كنا بالذي نكلف ذلك، ولو كلفناك لما أجابك المسلمون.
فقال لهما:
ما أصنع؟!
قالا:
قد سمعنا ما عندك.
ثم نزلا من العلية، وكان في أرض الدار خادمة لأمير
المؤمنين([9])
«عليه السلام» سمعتهما يقولان: والله ما بايعنا
بقلوبنا، وإن كنا بايعنا بألسنتنا.
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»:
﴿إِنَّ
الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ
فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ
وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً
عَظِيماً﴾([10])»([11]).
وقال الشيخ المفيد «رحمه الله»:
فتركاه يومين آخرين وقد جاءهما الخبر بإظهار عائشة بمكة
ما أظهرته من كراهة أمره، والبراءة ممن قتل عثمان، والدعاء إلى نصرته،
والطلب بدمه، وأن عمال عثمان قد هربوا من الأمصار إلى مكة بما احتجنوه
من أموال المسلمين، ولخوفهم من أمير المؤمنين «عليه السلام» ومن معه من
المهاجرين والأنصار، وأن مروان بن الحكم ابن عم عثمان، ويعلى بن منية
خليفته وعامله باليمن، وعبد الله بن عامر بن كريز ابن خاله([12])،
وعامله على البصرة، وقد اجتمعوا مع عائشة وهم يدبرون الأمر في الفتنة.
فصار الرجلان إلى أمير المؤمنين «عليه السلام» وتيمما
وقت خلوته، فلما دخلا عليه قالا: يا أمير المؤمنين، قد جئناك نستأذنك
للخروج في العمرة.
فلم يأذن لهما.
فقال:
إنا بعيدا العهد بها، إئذن لنا فيها.
فقال:
والله ما تريدان العمرة، ولكنكما تريدان الغدرة، وإنما
تريدان البصرة.
فقالا:
اللهم غفراً، ما نريد إلا العمرة.
فقال «عليه السلام» لهما:
احلفا لي بالله العظيم أنكما لا تفسدان علي أمر
المسلمين، ولا تنكثان لي بيعة، ولا تسعيان في فتنة.
فبذلا ألسنتهما بالأيمان الوكيدة فيما استحلفهما عليه
من ذلك.
فلما
خرجا من عنده لقيهما ابن عباس، فقال لهما:
فأذن لكما أمير المؤمنين؟!
قالا:
نعم.
فدخل على أمير المؤمنين، فابتدأه
«عليه السلام» فقال:
يا ابن عباس، أعندك خبر.
فقال:
قد رأيت طلحة والزبير.
فقال «عليه السلام»: إنهما استأذناني في العمرة، فأذنت
لهما بعد أن استوثقت منهما بالأيمان: أن لا يغدرا، ولا ينكثا، ولا
يحدثا فساداً. والله يا ابن عباس، ما قصدا إلا الفتنة، فكأني بهما وقد
صارا إلى مكة ليستعينا على حربي، فإن يعلى بن منية الخائن الفاجر قد
حمل أموال العراق وفارس لينفق ذلك، وسيفسد هذان الرجلان علي أمري،
ويسفكان دماء شيعتي وأنصاري.
فقال عبد الله بن عباس:
إذا كان عندك الأمر كذلك فلم أذنت لهما، وهلا حبستهما،
وأوثقتهما بالحديد، وكفيت المسلمين شرهما.
فقال له «عليه السلام»:
يا ابن عباس، أتأمرني أن أبدأ بالظلم، وبالسيئة قبل
الحسنة، وأعاقب على الظنة والتهمة، وأوآخذ بالفعل قبل كونه. كلا. والله
لا عدلت عما أخذ الله علي من الحكم بالعدل، ولا القول بالفصل.
يا ابن عباس، إنني أذنت لهما، وأعرف ما يكون منهما،
ولكني استظهرت بالله عليهما، والله لأقتلنهما، وليخيبن ظنهما، ولا
يلقيان من الأمر مناهما، فإن الله يأخذهما بظلمهما لي، ونكثهما بيعتي،
وبغيهما علي([13]).
وهذا الخبر والذي تقدمه مع ما ذكرناه من الأثر موجود في
مصنفات أصحاب السير، وقد أورده أبو مخنف لوط بن يحيى في كتابه الذي
صنفه في حرب الجمل، وجاء به الثقفي عن رجال الكوفيين، والشاميين،
وغيرهم. ولم يورد أحد من أصحاب الآثار نقيضه في معناه، ولا أثبت ضده في
فحواه، ومن تأمل ذلك علم أن القوم لم يكونوا فيما صنعوه على جميل طوية
في الدين، ولا نصيحة للمسلمين، وأن الذي أظهروه من الطلب بدم عثمان
إنما كان تشبيهاً وتلبيساً على العامة والمستضعفين.
6 ـ
وفي نص آخر: عن أم راشد مولاة أم هاني: أن طلحة والزبير
دخلا على علي «عليه السلام» فاستأذناه في العمرة، فأذن لهما، فلما وليا
ونزلا من عنده سمعتهما يقولان: لا والله ما بايعناه بقلوبنا وإنما
بايعناه بأيدينا.
[قالت:]
فأخبرت علياً
«عليه السلام» بمقالتهما، فقال:
﴿إِنَّ
الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ
فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ
وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً
عَظِيماً﴾([14])»([15]).
6 ـ
عن ابن عباس قال: كنت قاعداً عند علي «عليه السلام» حين
دخل عليه طلحة والزبير فاستأذناه في العمرة، فأبى أن يأذن لهما وقد
قال: قد اعتمرتما.
فأعادا عليه الكلام، فأذن لهما.
ثم التفت إلي فقال:
والله ما يريدان العمرة.
قلت:
فلا تأذن لهما.
فردهما، ثم قال:
والله ما تريدان العمرة، وما تريدان إلا نكثاً
لبيعتكما، وإلا فرقة لأمتكما!! فحلفا له.
ثم التفت إلي فقال:
والله ما يريدان العمرة.
قلت:
فلم أذنت لهما؟!
قال:
حلفا لي بالله.
قال:
فخرجا إلى مكة، فدخلا على عائشة، فلم يزالا بها حتى
أخرجاها([16]).
ونقول:
تواجهنا في هذه الروايات أمور كثيرة، يجدر بالمرء
الإلمام بها، ومنها ما نذكره ضمن العناوين التالية:
إن علياً «عليه السلام» قد أخذ على
ابن عباس:
طلبه منه حبس طلحة والزبير ما دام على علم بأنهما
سيسفكان دم شيعته، ويفسدان الأمر عليه. واعتبر ذلك أمراً بالظلم
والعدوان، وخروجاً عن أحكام الشرع والدين، وليس من العدل في شيء، إذ لا
يجوز لأحد أن يعاقب على الظنة، ويأخذ بالتهمة، ولكن السؤال هنا هو: إن
المفروض: أن هذا المورد ليس من قبيل التهمة، لأنه «عليه السلام» قد
أقسم لابن عباس أنهما يريدان الفتنة، وإفساد الأمور عليه، وقتل شيعته
«عليه السلام»..
ونجيب:
أولاً:
إن هذا النوع من العلم لا يجوز معاقبة الآخرين الذين دل العلم على أنهم
سوف يرتكبون المخالفات، لأن ملاك العقوبة هو حصول المخالفة فعلاً، أما
العلم بحصولها بعد دقيقة أو ساعة فلا يخول إنزال العقوبة بأي كان من
الناس.
ثانياً:
إن العلم الذي يحصل بأسباب غير عادية، ولا تقع تحت اختيار البشر لا
يسوغ العمل بمقتضاه فيما يرتبط بالآخرين، ولو حصل ذلك كان ظلماً
للآخرين وعدواناً عليهم.. لأن لهم الحق بأن يقولوا: لعل رأينا تبدل في
اللحظة الأخيرة، وعدلنا عما عقدنا العزم عليه.. ولكن هذا لا يكفي في حل
الإشكال، لأن علمه «عليه السلام» بنواياهم لا يختص بزمان دون زمان، ولا
يختص بحال دون حال، كما علم بنية السوء، فإنه سيعلم بنية العدول عن
السوء..
نعم.. هناك مصالح أخرى، وهي:
الرأفة، والحلم، وإتمام الحجة..
وقد قال رسول الله «صلى الله عليه
وآله» للناس:
«إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان..»([17]).
فهو لا يقضي بالعلم الذي يصل إليه من خلال الملك..
ثم إنه «عليه السلام» قد أخبر ابن عباس بتفاصيل ما يجري
لهما، وله معهما، ربما لكي يزيل بعض الأوهام التي عرضت أو قد تعرض له.
وعدم قبوله «عليه السلام» بتولية طلحة والزبير على أي
بلد من بلاد الإسلام، وإظهاره تواصل شكه في نواياهما الغادرة يدل على
عدم صحة
النص المزعوم:
أنه «عليه السلام» قال لطلحة والزبير:
«إن
أحببتما أن تبايعا لي، وإن أحببتما بايعتكما»([18])..
إلا على سبيل الاستدراج لهما ليعترفا بحقه وفضله، وبتقدمه
عليهما، بالإضافة إلى إبطال أي دعوى لهما حول الإكراه.. والتصريح بعدم
رضا الناس بهما.
وفي غير هذه الحالة نقول:
إنه إذا كان لا يأمنهما على بلدٍ من بلاد الإسلام، فهل
يأمنهما على الأمة بأسرها؟!
وبذلك نعرف الوجه فيما ذكره ابن حبان، من أنهما حين
استأذنا علياً «عليه السلام» للعمرة، قال لهما: ما العمرة تريدان!! وقد
قلت لكما قبل بيعتكما لي: أيكما شاء بايعته. فأبيتما إلا بيعتي، وقد
أذنت لكما، فاذهبا راشدين.
فخرجا إلى مكة، وتبعهما عبد الله بن عامر بن كريز، فلما
لحقهما قال لهما: ارتحلا فقد بلغتما حاجتكما.
زاد ابن أعثم قوله:
والله لأمدنكما بمائة ألف سيف([19]).
ويدل على هذه الأباطيل أيضاً:
أولاً:
إن علياً «عليه السلام» لا يمكن أن يبطل النصوص النبوية
الكثيرة على إمامته، ولا أن يبطل بيعة الناس له يوم الغدير، وقد كانت
بأمر من الله ورسوله..
ثانياً:
إن مما يدل على عدم صحة ذلك قوله في خطبته المعروفة
بالشقشقية: «وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني
السيل، ولا يرقى إلى الطير، فسدلت دونها ثوباً، وطويت عنها كشحاً، أرى
تراثي نهباً..».
هذا بالإضافة إلى الكثير الكثير من شكاواه من اغتصاب
هذا الأمر منه، واحتجاجاته عليهم فيه..
وعن سبب إشاعة هذه الأكاذيب نقول:
لعل من جملة أهداف مفتعلي أمثال هذه النصوص:
1 ـ
التشكيك في النصوص على إمامته «عليه السلام» وإنكار
البيعة له يوم الغدير..
2 ـ
إدعاء أن طلحة والزبير لهما الأهلية حتى لمقام الإمامة
العظمى. رغم ما ارتكباه في حق الأمة، ونكثهما البيعة، وغدرهما بأمير
المؤمنين، وقتلهما الأبرياء في البصرة بمجرد ورودهما إليها..
3 ـ
الحط من مقام أمير المؤمنين «عليه السلام» ليتوهم
الناس: أنه في مستوى حتى طلحة والزبير، مع أنه هو الذي اعترض على
الشورى العمرية بقوله: «فيا لله والشورى»، متى اعترض الريب مع الأول
منهم، حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر»؟! ومع ورود الآيات في فضله وجعله
في آية المباهلة نفس النبي «صلى الله عليه وآله»، والروايات تصرح: بأنه
لا يقاس به (بعلي وآله «عليهم السلام») أحد مهما علا شأنه وعرف صلاحه،
فلا تصل النوبة إلى طلحة والزبير ولا بل إلى عمر وأبي بكر وعثمان
وغيرهم.
إنها تصرح:
بأن طلحة والزبير قد طلبا المال من علي «عليه السلام»،
وكان المبرر الذي قدَّماه لطلبهما هذا هو حاجتهما، بسبب كثرة عيالهما،
وشدة مؤونة المدينة، وأن عطاءهما لا يفي بذلك..
مع أن النصوص التاريخية تؤكد على أنهما كانا يملكان من
الأموال الطائلة والهائلة ما لا يكاد يخطر على البال.. فقد ذكروا:
1 ـ
أن طلحة بن عبيد الله قد بنى من البيوت ما قيمته مئة ألف دينار، وكانت
غلته بالعراق كل يوم ألفاً مما يسمى بالوافي، وفي الشام عشرة آلاف
دينار، وخلف مقادير هائلة من الذهب والفضة([20]).
وذكر العلامة الأميني في كتابه:
الغدير ما ملخصه: أن غلته بالعراق كانت أربع مئة ألف
إلى خمس مئة ألف، ويغل بالسراة عشرة آلاف دينار، أو أكثر أو أقل. وترك
ألفي ألف درهم، ومائتي ألف دينار، وكان ماله قد اغتيل([21]).
وقالوا أيضاً:
كان قيمة ما ترك من العقار والأموال. وما ترك من الناض (أي الدرهم
والدينار) ثلاثين ألف ألف درهم. وترك من العين ألفي ألف ومائتي ألف
درهم والباقي عروض([22]).
وعن سعدى أم يحيى بن طلحة:
أن أصوله وعقاره قومت بثلاثين ألف ألف درهم([23]).
وعن عمرو بن العاص:
أن طلحة ترك مئة بهار في كل بهار ثلاثة قناطير ذهب([24]).
وقال ابن الجوزي:
خلف طلحة ثلاث مئة حمل من الذهب (جمل ذهباً)([25]).
وقالوا:
كان لعثمان على طلحة بن عبيد الله خمسون ألفاً، فقال
طلحة له يوماً: قد تهيأ مالك فاقبضه.
فقال:
هو لك معونة على مروءتك([26]).
وقال عثمان:
ويلي على ابن الحضرمية، أعطيته كذا وكذا بهاراً ذهبياً،
وهو يروم دمي يحرض على نفسي؟!([27]).
2 ـ
يقول العلامة الأميني عن الزبير ما ملخصه: إنه خلف إحدى
عشرة داراً بالمدينة، ودارين بالبصرة، وداراً بالكوفة، وداراً بمصر([28]).
وكان له أربع نسوة، فأصاب كل امرأة بعد رفع الثلث ألف ألف ومائتا ألف([29]).
قال البخاري:
فجميع ماله خمسون ألف ألف وماءتا ألف([30]).
وقال ابن الهائم، وأيده ابن بطال
وعياض:
بل الصواب: أن جميع ماله حسبما فرض تسعة وخمسون ألف ألف
وثمان مئة ألف([31]).
وكان للزبير بمصر خطط، وبالإسكندرية خطط، وبالكوفة خطط،
وبالبصرة دور، وكانت له غلات تقدم عليه من أعراض المدينة([32]).
وخلَّف ألف فرس، وألف عبد، وألف أمةٍ، وخططاً([33]).
وبعد ما تقدم نقول:
إذا كان طلحة والزبير يملكان الأموال الطائلة والهائلة
التي تعد بمئات الألوف أو الملايين، فما معنى ادعائهما الفقر والحاجة،
وطلبهما المال من أمير المؤمنين «عليه السلام»؟!
ويمكن أن يجاب:
1 ـ
إنهما يعرفان: أن علياً «عليه السلام» لن يسكت عن المال الذي في
حوزتهما، إذا كانا قد أخذاه بطرق غير مشروعة، وسيستردها منهم كما استرد
الأموال التي أخذت من بيت المال بعد مقتل عثمان، ولعله يطالب طلحة
بأموال ربما يكون قد أخذها من بيت المال، أو يطالبهما بالكشف عن مصادر
أموالهما. فأرادا أن يعميا الأمر عليه ـ بزعمهما ـ لكي لا يأخذهما
بالحق الذي يهربان منه.
2 ـ
لعلهما أرادا إحراج علي «عليه السلام»، فهو إن أعطاهما
ما يطلبانه وهما لا يستحقانه يكون قد فتح باب الاعتراض والطعن على
نفسه، بأنه إما لم يكن منصفاً في الأول حين منعهما وساوهما بغيرها، أو
أنه خرج عن جادة العدل بإعطائهما ما لا يستحقانه بعد إلحاحهما عليه
أخيراً.. وإن لم يعطهما فإنه يكون قد أعطاهما الذريعة، وبرر لهما
خروجهما عليه، ومناوأتهما له..
وببيان آخر نقول:
إن طلبهما الأموال من علي «عليه السلام» قد أريد به كسر
قرار علي «عليه السلام» في أمر الأموال وأن يكون ذلك مفتاحاً لما بعده.
فإنه إن أجابهما إلى طلبهما اليوم فسيجيبهما إلى مثله
غداً، وستكون استجابته في الغد أسهل وأيسر، وحتى إن كان المطلوب أعظم
وأكبر.. وتكر السبحة في ذلك، وهذا هو المطلوب، حيث لا يمكنه الإمساك
والتراجع، لأن ذلك يعطيهم الحجة والذريعة للطعن في دينه، وفي حسن
تدبيره.
وإن لم يستجب لهما، فلا بد من تدبر الأمر بنحو آخر. قبل
فوات الأوان، لأن التسويف سيمكنه من إحكام قبضته على الأمور، وسيكون
التخلص من حكمه أشق وأصعب.
وكان جوابه «عليه السلام» لهما هو ما يتوقع من مثله،
وكانوا معه كما قال الشاعر:
كناطـح صخـرة
يـومـاً ليـوهنها فلـم يضـرهـا وأوهى قرنه الوعل
3 ـ
لعله لو قبل منهما زيادة سهمهما في العطاء يكون قد سجل
على نفسه اعترافاً لهما بالتميز على غيرهما. وبالفضل والإستحقاق لأكثر
مما يستحقه الآخرون..
هذا إن لم يجعلا ذلك سبباً ومبرراً لمطالبات أخرى لهما،
وادعاءات لاستحقاقات في جوانب مختلفة، ما كانا يحلمان بالوصول إليها،
والحصول عليها. ومنها مطالبته «عليه السلام» بتوليتهما الكوفة
والبصرة..
رابعاً:
لعلهما أرادا أيضاً: تصديق وتكريس ما أسس له عمر بن
الخطاب من أهليتهما لمقام الخلافة، من خلال دعوى مشاركته في الحكم
والسلطة. وجعل زيادة سهمهما المالي بمثابة اعتراف منه «عليه السلام»
لهما بذلك، ويكون ذلك من وسائل خداع السذج والبسطاء.
ولكن قد خاب فألهما، وطاشت سهامهما، ورجعا يجران أذيال
الخيبة القاتلة، والفشل الذريع..
وصرحت الرواية:
بأن طلحة والزبير قد تعللا في حاجتهما إلى المال بشدة
مؤونة المدينة، الأمر الذي يدل على أن الوضع الإقتصادي كان صعباً في
المدينة آنئدٍ.. ويشير إلى شدته وصعوبته: حديث ذلك الرجل الذي كان لا
يملك ما يستر به جسده سوى رقعتين يستر بهما قبله ودبره، فسمي ذا
الرقعتين([34]).
ولا نستفيد ذلك، فإن ثروات ابن عوف، وطلحة، والزبير،
وعبد الله بن عامر، وأضرابهم من بني أمية وغيرهم تعطينا: أن ثلة من
المتنفذين كانوا يمتصون دماء الناس، أو يسطون على الثروات، حتى انتهى
الأمر بالناس إلى هذا الواقع المرير.
وهذا يدلنا على أن طلحة والزبير ما كانا صادقين في
ادعائهما الحاجة. وإنما أرادا التدليس على علي «عليه السلام»..
وقد أظهرت هذه الوقائع أن علياً «عليه السلام» كان
عارفاً بما ينتظره من مصاعب، واقفاً على أحوال الناس، وعلى ما يفكرون
به، ويطمحون إليه، متوقعاً لما سيكون منهم، فاحتاط للأمر، وأعد العدة،
واستلب منهم كل وسائل الابتزاز والعدوان، ومن جملة ذلك: اشتراطه عليهم
أن لا يعطي أحداً دون أحد، وهو شرط لا يقبل الرد في نفسه.
ولعلهم قبلوا الشرط في بداية الأمر، على أمل أن ينقضوه
بعد ذلك بأمثال هذه التعللات الواهية، التي لا يرضاها الناس منهم فإن
شدة مؤونة المدينة لا تضايقهم وحدهم، بل هي تضايق جميع الناس.
فكيف إذا كان الناس يعرفون أنهم غير صادقين في دعواهم
الحاجة، لأن لديهم من الأموال تلك الأرقام الخيالية التي لا تخطر على
بال الناس العاديين حسبما ألمحنا إليه؟!
وسيعرف كل أحد:
أنهم ظالمون معتدون في طلبهم هذا، حتى لو فرض أنهم
كانوا صادقين في دعواهم الحاجة، فإن الإنصاف يقضي بالتسوية بين
المحتاجين.. لا تفضيل لبعضهم على البعض الآخر
وقد كان بإمكان علي «عليه السلام»
أن يبادرهما بالقول:
إنني لا أعطيكما شيئاً، ولكنه «عليه السلام» أفسح لهما
المجال ليفصحا عن المقادير التي يطلبونها وعن طريقة تأمين هذه المبالغ
ليفصحا عن أطماعهما أيضاً. وليظهر للناس: أن تذكيره لهما بالشرط لم
يغير شيئاً، حتى ولو بمثل أن يقولا أعطنا واعط معنا سائر من يحتاج
أيضاً. وهذا يفسر قوله «عليه السلام» لهما: فما تريدان نفعل؟!
فقالا:
تعطينا من هذا المال ما يسعنا..
فظهر بذلك:
أنهما لا يفكران إلا بأنفسهما، وأن ما يطلبانه هو الكفاية التامة،
وربما التكفل الدائم بذلك، لا لمجرد سد حاجة آنية، والخروج من ضائقة
عارضة..
وقد دلَّانا على ذلك برفضهما قبول اقتراحه بأن يعطيهما
من عطائه. فإن هذا الرفض قد بين أن سد الحاجة لم يكن هو المطلوب..
وبرفضهما الإقتراح الآخر:
بأن يسألا الناس بأن يعطيهم من حقوقهم، ظهر أيضاً ما
يلي:
أولاً:
إن ما سيأخذانه هو من أموال الناس التي لا يحل لأحد أن
يأخذ منها إلا عن طيب نفوس أصحابها..
ثانياً:
إعترافهما بأنهما يعلمان بأن أحداً لا يأذن لهما بأخذ
شيء من ماله، فكيف يطلبان من علي أن يعطيهما من أموال الناس، فإن كانا
يدعوانه إلى إعطائهما بالخفاء، فيكون سارقاً خائناً، والعياذ بالله،
وإن كانا يريدان أن يعطيهما بالعلن فيكون مغيراً مغتصباً ظالماً..
ثالثاً:
لعل السبب في أن أحداً لا يأذن لهما بالمال ليس هو بخل
الناس، فإن ذلك بعيد عن كثير من أهل ذلك الزمان. بل هو علم الناس
بأنهما كان يملكان من الأموال والعقار، ما يجعل هذا الطلب مثار سخرية،
واستهزاء بهما، واحتقار لهما.
رابعاً:
ما معنى قولهما: لم نكن لنطلب ذلك إلى الناس؟! هل أرادا تنزيه أنفسهما
ولو عن مجرد طلب ما هو حلال لهما، وليكون ذلك من أدلة ورعهما، ومن
وسائل زيادة مقامهما عند الله وعند الناس. ليستعيضا عن ذلك بدفع من
طهَّره الله بنص القرآن إلى خيانة الأمانة، والسلب والنهب؟!.
ويدلنا هذا على مدى دقة قوله «عليه السلام» في جوابهما
مؤكداً بالقسم بالله: «فأنا ـ والله ـ أحرى أن لا أفعل».
وعن استئذان طلحة والزبير علياً «عليه السلام» للعمرة
نقول:
إن ما قد يلاحظه القارئ الكريم من اختلاف بين الروايات
التي نقلت لنا هذا الأمر لا يُخِلُّ بصحته، لأن غاية ما هناك أن يكون
هذا الراوي قد ذكر هنا ما لم يذكره الراوي الآخر، أو أنه نقل الكلام
بالمعنى.. بل قد يكون استئذانهما للعمرة قد تكرر، فنقل كل راوٍ ما جرى
في الواقعة التي حضرها.
غير أن اللافت هنا:
أن مواجهة علي «عليه السلام» لطلحة والزبير بأنهم لا يريدان العمرة، بل
يريدان الغدرة تعني: أن إمارات الغدر والتمرد كانت قد بلغت من الظهور
حداً أصبحت المصارحة بها لا تحمل أية سلبية، ولا تمثل اتهاماً بلا
مبرر.
وقد مرت معنا مفرداتٍ عديدة تشير إلى هذا، من قبيل رفض
طلحة تسليم مفاتيح بيت المال إلى الإمام «عليه السلام» بعد البيعة له
مباشرة، حتى اضطر «صلوات الله عليه» إلى كسره، وتقسيم ما فيه..
ومن قبيل تهيؤ الزبير لقتل علي «عليه السلام» حين
استأذن عليه، حيث وضع السيف تحت فراشه، فرآه «صلوات الله وسلامه عليه»
فرجع. وعرف الزبير بافتضاح أمره..
ثم إن الزبير وطلحة معاً لم يرضيا بقسم أمير المؤمنين،
حين أعطاهما كما أعطى سائر المسلمين..
ثم مطالبتهما بأموال من بيت المال، ورفضه «عليه السلام»
الاستجابة لطلبهما كما ذكرناه آنفاً.
والأهم من ذلك كله، كتابة معاوية لهما بتحريضهما على
نكث بيعة علي «عليه السلام»، وضمان بيعة أهل الشام لهما.. فإن ذلك كله
يجعل نوايا الغدر لديهما جلية، بل يجعل شروعهما في الغدر عملياً في
غاية الوضوح..
ولأجل ذلك لم يستنكرا هذه التهمة منه «عليه السلام» ولم
يظهرا تظلماً، بل انصاعا لإعطاء العهود والمواثيق بعدم النكث.. كما
صرحت به الروايات..
أما بالنسبة لما حلفاه من إيمان مغلظة، ثم نكثهما،
فنقول:
حرص «عليه السلام» على أن يأخذ منهما العهود مرة أخرى
ليعرف الناس حين يظهر لهم نكثهما: أنهما كانا ينويان هذا النكث من أول
الأمر، وليقايسوا بين إصرارهما على أمير المؤمنين بقبول البيعة، مع
إبطانهما هذه النوايا التي تخالف حركتهما هذه ليتأكد للناس: أنهما كانا
يخادعان الناس وعلياً، على حد سواء، ويدبران في الخفاء ما ظهرت آثاره
بعد ذلك..
فليس لهما أن يدعيا أن أموراً قد استجدت، ومخالفات قد
حصلت فرضت عليهما أمراً ما كانا يريدانه، ولا خطر لهما على بال..
ثم أخبرت أم راشد علياً بما قالاه عن عدم صدق بيعتهما
له، ولم يبادر علي «عليه السلام» إلى اتخاذ أي إجراء ضدهما، كما ربما
يفعله غيره.. لأنه لو فعل ذلك فلربما رأى البعض أنه قد تجاوز الحد في
الاحتياط حتى صار يحاسب الناس على نواياهم. وأنه لم يكن مصيباً حين أخذ
بخبر امرأة، في مثل هذا الأمر الخطير..
وحين أخبرته أم راشد بمقالتهما بعد حلفهما الإيمان
المغلظة قرأ «عليه السلام» الآية المباركة، ليدل: على أن بيعتهم له
ليست كبيعة من سبقه، بل هي بيعة لله ولرسوله. لأنها تنفيذ للأوامر
الإلهية والنبوية في حديث إنذار العشيرة الأقربين، وقوله «صلى الله
عليه وآله»: «علي وليكم بعدي»،
﴿إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾([35]).
وغير ذلك فيما يرتبط بإمامته «عليه السلام»، فضلاً عن أنها تأكيد
للبيعة التي أعطوه إياها في يوم الغدير..
كما أنها هي المطابقة لما يريده الله تعالى، حتى لو لم
يكن هناك نص، إذ لم يكن غير علي «عليه السلام» قادراً على تحمل هذه
المسؤولية، وإيصال الأمة إلى ما يريده الله تعالى ورسوله «صلى الله
عليه وآله»..
قال المعتزلي:
«فلما خرجا إلى مكة لم يلقيا أحداً إلا وقالا له: ليس لعلي في أعناقنا
بيعة، وإنما بايعناه مكرهين.
فبلغ
علياً قولهما، فقال:
أبعدهما الله، وأغرب دارهما. أما والله، لقد علمت أنهما سيقتلان
أنفسهما أخبث مقتل، ويأتيان من وردا عليه بأشأم يوم.
والله ما العمرة يريدان. ولقد أتياني بوجهي فاجرين،
ورجعا بوجهي غادرين. والله، لا يلقيانني بعد اليوم إلا في كتيبة خشناء،
يقتلان فيها أنفسهما، فبعداً لهما وسحقاً»([36]).
ونقول:
هنا أمور يحسن بيانها، وهي التالية:
لقد ادّعى طلحة والزبير أنهما قد بايعا علياً «عليه
السلام» مكرهين، وقد تحدثنا عن بعض ما يرتبط بهذا الأمر في فصول سابقة،
ولكننا نشير هنا إلى ما يلي:
أولاً:
إن طلحة والزبير حسب ما قدمنا، كانا أول من بايع علياً
«عليه السلام»، بعد أن كان «عليه السلام» يتحاشى هذه البيعة، ويرفضها
طيلة خمسة أيام بعد مقتل عثمان. فهل يتصور في حق من يهرب من البيعة أن
يكره الناس عليها؟!.
ثانياً:
إذا كان يريد أن يكره أحداً، فهل يعقل أن يكون ذلك المكرَه أول
المبايعين؟! أم أن المفروض هو أن يبايعه فريق من الناس طوعاً، ثم يلاحق
بهم من يخشى غائلته، ويأتي به إلى البيعة؟!
ثالثاً:
إن تزاحم الناس على بيعته «عليه السلام» يمنع من أن يكون أول من بايعه
قد بايعه مكرهاً.. وقد قال «عليه السلام»: «بسطتم يدي فكففتها،
ومددتموها فقبضتها، ثم تداككتم على تداك الإبل الهيم على حياضها يوم
ورودها، حتى انقطعت النعل وسقط الرداء، ووطئ الضعيف.
وبلغ من سرور الناس ببيعتهم أن ابتهج بها الصغير، وهدج
إليها الكبير، وتحامل نحوها العليل، وحسرت إليها الكعاب»([37]).
وقال في الخطبة الشقشقية:
«فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي، ينثالون علي من
كل جانب، حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة الغنم»([38]).
والنصوص في هذا المجال كثيرة، وقد ذكرنا شطراً منها
فيما سبق.
رابعا:
إذا كان طلحة
والزبير قد اعتبرا اضطرارهما لبيعة علي «عليه السلام»، إكراهاً.. مع
وجود فرق كبير بين الإضطرار والإكراه، فإن الإكراه هو خضوع الإنسان
لإرادة شخص آخر، تحت وطأة الخوف من سلاحه المشهر عليه، لقتله إن لم
يستجب له.. واضطرارهما ليس من قبيل الاضطرار في قوله تعالى:
﴿فَمَنِ
اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾([39]).
يتمثل هنا في أنهما وجدا أن أحداً لن يرضى بهما مع وجود
علي «عليه السلام»، فبادرا مختارين إلى بيعته «عليه السلام» علهما
يستفيدان منها ولاية دسمة. كالبصرة، والكوفة.. ومع غض النظر عن ذلك..
فليت شعري هل يكون انصراف علي «عليه السلام» عن مناوأة أبي بكر بعد
هجوم أعوان هذا الأخير على علي «عليه السلام»، ومحاولتهما إحراق بيته
بمن فيه، وفيه سيد الأوصياء، وسيدة النساء، وسيد الشهداء، وسبطا خير
أهل الأرض والسماء. وبعد ضربها الذي أدى إلى إسقاط جنينها، ومن ثم إلى
استشهادها. هل هذا الانصراف عن مناوأتهما يعتبر بيعة طوعية، وصحيحة
ومرضية.. فما لكم كيف تحكمون..
وكذلك هي الحال بالنسبة للشورى التي فرضت بالسيف!!
وقول علي «عليه السلام»:
لقد علمت أنهما سيقتلان أنفسهما أخبث مقتل، يفيد ما
يلي:
أولاً:
هل علم «عليه السلام» ذلك بما أبلغه الرسول إياه من
الغيوب، أو أنه عرف ذلك من خلال ما ظهر له من نواياهما، واطلع عليه من
دخائلهما، وطبيعة طموحاتهما، وطريقتهما في التفكير، وفي التعامل.. ومن
القوى المجتمعة عنده، والمتوفرة لديه؟!
ونجيب:
بأنه قد يكون «عليه السلام» قد علم ذلك من خلال يقينه بصحة ما أخبره به
الرسول. ثم ظهرت له دلائل وقوع ما علمه فيما توفر لديه من معطيات..
فصدق الخَبَرَ الخُبْر.
هذا بالإضافة إلى يقينه بصدق قوله تعالى:
﴿وَلَا
يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾([40]).
ولقوله «صلى الله عليه وآله»:
«من سل سيف البغي قتل به».
ومن خلال القول المأثور:
على الباغي تدور الدوائر.
وهو «عليه السلام»:
سيد العقلاء، ورئيس الحكماء، ومنبع الحكمة.
ثانياً:
إنه قد نسب «عليه السلام» قتل طلحة والزبير إلى
أنفسهما، على قاعدة: «من سل سيف البغي قتل به» لا إلى القاتل الظاهري
الذي نقل لنا التاريخ اسمه وصفته. أي أن إلحاحهما على البغي والظلم،
وطلب ما ليس لهما بحق، وإصرارهما وإمعانهما في اتباع الهوى، وإغراقهما
في حب الدنيا، هو الذي أوردها موارد السوء وقد كانا في غنى عن كل ذلك،
لو التزما خط التقوى، واتبعا سبيل الرشد. الذي هو سبيل المؤمنين..
ثالثاً:
إنه «عليه السلام» قد اعتبر مقتل طلحة والزبير أخبث
مقتل، ولعل سبب ذلك أن الأمر لم يقتصر على مجرد قتلهما، بل هما خسرا
بذلك كل ما في هذه الدنيا، فضلاً عن فشلهما في تحقيق أي شيء مما طلبوه
منها، وكانا يتوقعان أو يطمحان للحصول عليه، كما أنهما قد باءا بإثم
مقتل ألوف من المسلمين، وبإثم الخروج على إمام زمانهما، وبإثم نكث
البيعة، وبعاره وبعار الخيبة، وعار الفجور والحقد، وعار إخراج زوجة
الرسول من بيتها الذي أمرها الله أن تقر فيه، وعار الانصياع لأمر
امرأة. ثم بعار الكذب على الناس.. وبعار الهزيمة، والقتل في هذه الحال،
التي لا يرضاها أحد لنفسه. فضلاً عن عار البغي والظلم.. والسعي لقتل
أوصياء الأنبياء، وصلحاء الأمة وخيارها.. بالإضافة إلى عار خزي الدنيا،
وعذاب الآخرة.
وقد أتيا من وردا عليه بأشأم يوم واخبثه. وأعظم البلاء،
وأشد الخزي. فهل يمكن بعد هذا كله أن يعد مقتلهما مقتل شرف وكرامة، أم
هو مقتل خبيث ينضح بالخزي والمهانة؟!
وهنا سؤال يقول:
إنه «عليه السلام» ذكر أن طلحة والزبير أتياه بوجهي
فاجرين، ورجعا بوجهي غادرين. فكيف يمكن التفريق بين هاذين الوجهين يا
ترى؟!
ونقول:
إن الفجور هو ظهور الانغماس بالمعاصي والموبقات، بما في
ذلك الكذب، وذلك يختزن جرأة ووقاحة وصلفاً، وقد ظهر ذلك لدى طلحة
والزبير ، وهما يلحان على أمير المؤمنين «عليه السلام» للحصول على ما
لا يستحقانه، ولا سيما مع ظهور منع الإمام الذي هو ولي الأمر إياهما
مما يحاولانه، وسعيه لسد الأبواب أمام استغلالهما، وردعهما عن مطالبهما
الظالمة تلك..
وظهور الصلف، والإصرار قد بلغ بهما إلى حد حلف الأيمان
المغلظة على أمر كان «عليه السلام» على يقين من أنهما سوف لا يلتزمان
به. وإنما فعلا ذلك من أجل الحصول بواسطة تلك الأيمان على ما منعهما
إياه «عليه السلام». وهذا ولا شك من الذنوب الكبيرة والخطيرة، ويتضمن
جرأة فائقة على الله سبحانه، ولا سيما إذا صاحب هذا الحلف إبطان
الخلاف، فهو معصية لا يخجل مرتكبها منها أمام الله، بل هو يسعى إليها،
ويتحايل، ويتقلب ظهراً لبطن للحصول عليها، مع أنها حق للناس.
وهل يكون وجه من يفعل ذلك، إلا وجه الصلف النطف،
والفاجر المعلن بذنبه، وبما لا يرضي ربه؟!
وهذا هو وجه الفاجر..
وحين حصلا ـ يعني طلحة والزبير ـ على الإذن بالخروج،
وأقسما بالإيمان المغلظة على عدم النكث، وتعهدا بالعودة إلى المدينة
كانت لمحات وجهيهما تشي بالغدر الذي أبطناه، والخيانة التي عزما
عليها..
وللغادر نظرات، ولفتات، وربما حركات تظهر أنه في حال
غير عادي، وأنه يتصنع، وبأبراد السذاجة يتلفع، ويبدو عليه من الاضطراب
ما لا يخفى على الناظر الخبير والبصير الذي يدرك بسهولة أن ثمة أمراً
يخفيه، وإنه ليكاد يبديه، وهذا ما أريد التعبير عنه في القول المأثور:
«كاد المريب أن يقول: خذوني».
وهذا هو وجه الغادر..
على أننا بكلامنا هذا لا نريد أن نستبعد أن يكون «عليه
السلام» قد علم بغدرهما بعلم خاص تلقاه من رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وقد انضم
إلى هذا
العلم الخاص تلك اللمحات الواقية التي ظهر على وجهيهما.
وقوله «عليه السلام»:
«والله لا يلقيانني بعد اليوم إلا في كتيبة خشناء،
يقتلان فيها أنفسهما» إخبار غيبي آخر، يريد به أن يهيئ النفوس لتلك
الساعة، من خلال ترسيخ القناعة لديهم بأنه «عليه السلام» ـ وحده ـ الذي
يملك علم الإمامة، وأن الله ورسوله قد اختصاه به دون كل أحد..
فإذا تحقق ما أخبر «عليه السلام» بصورة تامة، ومتطابقة
مع أدق التفاصيل التي تضمنها كلامه «عليه السلام»، كما هو الحال في هذا
المورد، فلا بد أن تطمئن النفوس، وتتلاشى الهواجس، وتبور الشائعات
المضللة..
لا سيما وان هذه الأخبار منه «عليه السلام» قد صدرت فور
خروج طلحة والزبير إلى مكة، وحيث لم يبلغه عنهما إلا قولهما: «إنما
بايعنا مكرهين».
علي
لا يصادر الحريات:
ونستفيد من سياساته «عليه السلام» مع طلحة والزبير
وسواهما:
أولاً:
أننا نواجه منهجين وسياستين، ظهرتا بعد استشهاد الرسول الأعظم «صلى
الله عليه وآله»..
فعلي «عليه السلام» يتعامل مع جميع الناس، من محبين
ومبغضين بروح الصفح والعفو، والتسامح والسماحة، والالتزام بالعقود
والعهود، وبالمبادئ السامية، والأصول الدينية، حتى لقد سمح لطلحة
والزبير بمغادرة المدينة إلى مكة، بعد أن تعهدا وأقسما له بأن لا
ينكثا، ولا يغدرا. رغم علمه «عليه السلام» بسوء نواياهما، وبأن النكث
والغدر سيكونان منهما..
وذلك لأنه «عليه السلام» يريد حفظ النهج، المنطلق من
القيم، والعهود والعقود، حتى لو كلفه ذلك الكثير من المتاعب والمصاعب..
وهناك نهج آخر لا يرى للقيم والعهود، والعقود قيمة،
وأثراً في مقام العمل، ولا يرى أنها قادرة أو صالحة لإيصاله إلى مآربه،
وأن تنيله مطالبه، وقد وجدنا أن بعض الحكام يبادر إلى منع كبار الصحابة
من مغادرة المدينة، ومن نشر أحاديث رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وصار يقاسم العمال أموالهم. بل إن بعض الكبار الأقوياء كسعد بن عبادة
قد قتل بصورة غامضة، إلى حد سمح بادعاء أن الجن قد قتلته..
وفي سياق آخر:
وجدنا الحكام باستثناء علي «عليه السلام» والأئمة من
ولده قد منعوا فريقاً من الناس من حقوقهم، وجيرت المنافع إلى فريق آخر،
أتخم بالإمتيازات الظالمة، التي حولتهم إلى طبقة لها خصائصها التي
تميزها عن سائر الناس، وجعلتهم موجودات مشوهة، هي أشبه بالمسوخ، وعجائب
المخلوقات..
وطبيعي:
أن ينتهي هذا النهج، إلى استبعاد الشرع وأحكامه في كثير
من الموارد، وإلى إسقاط القيم والمبادئ عن درجة التأثير في صياغة
وبلورة حكم إسلامي سليم المباني، صحيح المعاني، وإلى عجزها عن تنشئة
مجتمع إسلامي، ملتزم بالمبادئ والمنطلقات، عامل بأحكام الشرع، حافظ
للأصول والقيم الدينية. وتكون النتيجة هي ضياع جهود الأنبياء، وإبطال
آثار دماء الشهداء فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون..
([1])
الكافئة للشيخ المفيد ص14 وبحار الأنوار ج32 ص32 عنه، وتذكرة
الخواص ج1 ص351 وراجع: المناقب للخوارزمي ص178 برقم216.
([2])
راجع: تذكرة الخواص ج1 ص351 وراجع: حلية الأبرار ج2 ص350
والمناقب للخوارزمي ص178.
([3])
الكافئة للشيخ المفيد ص14 و 15 وبحار الأنوار ج32 ص32 و 33
عنه، ونهج السعادة ج1 ص231 وأنساب الأشراف للبلاذري ص222.
([4])
الكافئة للشيخ المفيد ص15 وبحار الأنوار ج32 ص33 عنه، والجمل
للشيخ المفيد ص164 و 165 وتذكرة الخواص ص59 وراجع: مروج الذهب
ج2 ص357.
([5])
«الحُظْوَة والحِظْوَة والحِظَةُ : المكانة والمنزلة للرجل من
ذي سلطان ونحوه» [ لسان العرب ج14 ص185 «حظو»].
([6])
«البطانة: صفي الرجل، يكشف له عن أسراره»[المعجم الوسيط ج1 ص62
«بطن»].
([7])
«العلية: الغرفة في الطبقة الثانية من الدار وما فوقها»[
المعجم الوسيط ج2 ص625 «على»]
([8])
«ينبع: حصن بين مكة والمدينة، فيه نخيل وماء وزرع، وبها وقوف
لعلي بن أبي طالب «عليه السلام»..»[معجم البلدان ج5 ص450].
([9])
هي أم راشد مولاة أم هاني.
([10])
الآية 33 من سورة الأحزاب.
([11])
الجمل للشيخ المفيد ص161 ـ 165 و (ط مكتبة الدواري ـ قم) ص44 ـ
88 وأشار في هامشه إلى: المسألة الكافية كما في بحار الأنوار
ج32 ص32 ـ 33 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص537 وتذكرة الخواص
ص59.
([12])
وفي النسخ الثلاث: ابن عمه، والتصحيح من أنساب الأشراف ج1 ق4
ص517 والإستيعاب ج2 ص359 ومختصر تاريخ دمشق ج12 ص285.
([13])
الجمل للشيخ المفيد ص166 و 167 و (ط مكتبة الدواري ـ قم) ص88 ـ
89 وأشار في هامشه إلى: الفتوح ج1 ص452 والمسألة الكافية كما
في بحار الأنوار ج32 ص32 وقارن بعضه بالإرشاد ص166 وكشف اليقين
ص153.
([14])
الآية 33 من سورة الأحزاب.
([15])
الكافئة للشيخ المفيد ص15 وبحار الأنوار ج32 ص33 عنه، وشرح
الأخبار ج1 = = ص487 والجمل للشيخ المفيد ص233 و (ط مكتبة
الدواري ـ قم) ص53.
([16])
بحار الأنوار ج32 ص98 عن الشيخ المفيد في الفصل: (17) مما
اختار من كلام أمير المؤمنين في كتاب الإرشاد ص130 ورسائل
المرتضى ج4 ص66. ورواه الطبرسي «رحمه الله» في كتاب الإحتجاج
ج1 (ط الغري) ص235 وفي (ط بيروت) ص161 وراجع: شرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج32 ص429 عن التبر المذاب (نسخة مكتبة المرعشي) ص8.
([17])
الكافي ج7 ص414 ودعائم الإسلام ج2 ص518 وتهذيب الأحكام ج6 ص229
ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج27 ص232 و (ط دار
الإسلامية) ج18 ص169 ومستدرك الوسائل ج17 ص361 و 366 والفصول
المهمة للحر العاملي ج2 ص498 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص46 و
92.
([18])
تاريخ الأمم والملوك ج3 ص452 والكامل في التاريخ ج3 ص191 وشرح
نهج البلاغة للمعتزلي ج11 ص17 وبحار الأنوار ج32 ص7 والبدء
والتاريخ ج5 ص208 و 209.
([19])
الثقات لابن حبان ج2 ص278 وكتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي ج2
ص275 و 276 و (ط دار الأضواء) ج2 ص452.
([20])
مشاكلة الناس لزمانهم لليعقوبي، وراجع: الغدير ج8 ص283
والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص221 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص102
و 103.
([21])
الغدير ج8 ص283 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص221 وتاريخ
مدينة دمشق ج25 ص101 و 102 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص527
والوافي بالوفيات ج16 ص273 وراجع: العبر وديوان المبتدأ والخبر
ج1 ص204.
([22])
الغدير ج8 ص283 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص222 وتاريخ مدينة
دمشق ج25 ص120 وتهذيب الكمال ج13 ص423 وخلاصة تذهيب تهذيب
الكمال ص180 والإكمال في أسماء الرجال للتبريزي ص114.
([23])
المستدرك للحاكم ج3 ص369 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص222
وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص120 وتهذيب الكمال ج13 ص423 وسير أعلام
النبلاء ج1 ص39 و 40 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص 528 و 529
والإكمال في أسماء الرجال للتبريزي ص114.
([24])
الغدير ج8 ص283 والفايق في غريب الحديث ج1 ص125 والنهاية في
غريب الحديث ج1 ص166 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص420 ولسان
العرب ج4 ص84 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص373
وغريب الحديث لابن سلام ج4 ص164 والصحاح للجوهري ج2 ص599.
([25])
الموضوعات لابن الجوزي ج2 ص14 وسير أعلام النبلاء ج1 ص40
والغدير ج8 ص283 و 336.
([26])
تاريخ الأمم والملوك ج3 ص433 والكامل في التاريخ ج3 ص183
والجمل لابن شدقم ص19 وبحار الأنوار ج32 ص58 والغدير ج9 ص92
ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا ص127 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج2 ص161 وج10 ص5 وحياة الإمام الحسين «عليه السلام»
للقرشي ج1 ص359.
([27])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص35 الخطبة رقم 137 ومناقب أهل
البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص372 والغدير ج8 ص284 وج9 ص93
و 230.
([28])
الغدير ج8 ص282 عن صحيح البخاري ج5 ص21 و (ط دار الفكر) ج4 ص52
وراجع: فتح الباري ج6 ص163 وعمدة القاري ج15 ص47 والمصنف لابن
أبي شيبة ج8 ص717 ورياض الصالحين للنووي ص157 والطبقات الكبرى
لابن سعد ج3 ص108 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص313 وحياة الإمام
الحسين «عليه السلام» للقرشي ج1 ص359.
([29])
الغدير ج8 ص282 وصحيح البخاري ج5 ص21 و (ط دار الفكر) ج4 ص53
والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص287 وفتح الباري ج6 ص163 و 164 وج9
ص203 وعمدة القاري ج2 ص151 وج15 ص48 ورياض الصالحين للنووي
ص158 وفيض القدير ج4 ص358 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص109
وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص429 و 432 وتهذيب الكمال ج9 ص322 وسير
أعلام النبلاء ج1 ص67 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص21 وسبل
الهدى والرشاد ج11 ص313.
([30])
الغدير ج8 ص282 وصحيح البخاري ج5 ص21 و (ط دار الفكر) ج4 ص53
والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص287 وفتح الباري ج6 ص163 وعمدة
القاري ج2 ص151 وج15 ص48 و 53 ورياض الصالحين للنووي ص158 وسير
أعلام النبلاء ج1 ص67.
([31])
راجع: إرشاد الساري ج7 ص50 وعمدة القاري ج15 ص53 وشذرات الذهب
ج1 ص43 والغدير ج8 ص282 وفتح الباري ج6 ص165 والسيرة النبوية
لابن كثير ج4 ص678 و 679 .
([32])
الطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج3 ص77 و (ط دار صادر) ج3
ص110 وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص428 والغدير ج8 ص282.
([33])
مروج الذهب ج2 ص350 و (ط أخرى) ج1 ص434 والغدير ج8 ص283.
([34])
المصنف للصنعاني ج6 ص267 وراجع ص268 والمغني لابن قدامة ج7
ص576 وكشاف القناع ج5 ص104 وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج7
ص209 وكتـاب الأم للشافعي ج5 ص87 والمجموع للنووي ج16 ص255
و256 ومعرفة السنن ج5 ص348 وكنز العمال ج9 ص703 و 704 والشرح
الكبير ج7 ص533.
([35])
الآية 55 من سورة المائدة.
([36])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص23 وبحار الأنوار ج32 ص6 وراجع:
مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج2 ص284 ومناقب أهل البيت
للشيرواني ص210 وشجرة طوبى ج2 ص318 ونهج السعادة ج1 ص232
والمعيار والموازنة ص25.
([37])
راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص222 الخطبة رقم229 ومصباح
البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج1 ص149 والمسترشد للطبري ص418
وبحار الأنوار ج32 ص51 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص3 .
([38])
نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص36 والإحتجاج ج1 ص287 ومناقب آل
أبي طالب ج2 ص49 والطرائف لابن طاووس ص418 وكتاب الأربعين
للشيرازي ص168 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص458
وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص200 والدرجات الرفيعة ص35
ومناقب علي بن أبي طالب «عليه السلام».
وراجع: ما نزل من القرآن في علي «عليه السلام» لابن مردويه
الأصفهاني ص135 ورسائل المرتضى ج2 ص112 وعلل الشرائع ج1 ص151
والإرشاد ج1 ص289 وحلية الأبرار ج2 ص292 وبحار الأنوار ج29
ص499.
([39])
الآية 173 من سورة البقرة.
([40])
الآية 43 من سورة فاطر.
|