نقـد أسـانيـد حديث الإفــك

رواة حديث الإفك من الصحابة:
لقد روى الرواة حديث الإفك عن ثمانية من الصحابة هم:
1 ـ ابن عمر. 2 ـ ابن عباس.
3 ـ عبد الله بن الزبير. 4 ـ أبو هريرة.
5 ـ أبو اليسر الأنصاري. 6 ـ عائشة.
7 ـ أم رومان. 8 ـ أنس بن مالك.
أما رواية أبي هريرة، وأبي اليسر، وأنس، وابن عباس،
وابن عمر: فلم ترد في صحاح أهل السنة، وهي مجرد نتف صغيرة، باستثناء
رواية ابن عباس ففيها بعض التفصيل. وكذا رواية ابن عمر.
أما رواية ابن الزبير فلم نجدها،
غير أن البخاري، بعد أن ذكر رواية الزهري، ساق سنداً
آخر إلى عبد الله بن الزبير، وقال: مثله..
وإذا أردنا أن نعطي القارئ لمحة موجزة عن بعض ما يرتبط
بالأسانيد، فإننا نقول:
أما بالنسبة لرواية ابن عمر، فإنها لم ترد في كتاب
الصحاح ـ تماماً كما هو الحال بالنسبة لرواية ابن
الزبير ـ وهي رواية ضعيفة السند، وهي في الحقيقة نفس رواية عائشة، كما
يظهر من ملاحظة سياقها.. وقد رواها الطبراني، وابن مردويه.. حسبما تقدم
في الفصل السابق.
فالحديث عنها يرجع إلى الحديث عن رواية عائشة. خصوصاً
فيما
يرتبط بمناقشة المضمون، كما سنرى..
هذا، مع أن ابن الزبير، كابن عمر وابن عباس، بل وكذا
سائر الرواة، لا بد أن يرووا هذه الرواية عن عائشة نفسها، أو عن أمها
وأبيها، لأن هؤلاء هم الذين يعرفون ما جرى بينها وبين أم مسطح، وما جرى
بينها وبين أبيها، وأمها.. وبينهم وبين رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وما جرى لها مع صفوان.. وما إلى ذلك.. فإذا ذكر ابن عمر وغيره
رواية فيها هذه التفاصيل فإن ذلك يحتم أن يكون الراوي قد أخذ من هؤلاء
فقط، فما هو المقدار الذي أخذه منهم؟! هل هو كل هذه التفاصيل، أم
بعضها؟ وهل أخذ ذلك منهم مباشرة أو بواسطة آخرين؟ كل ذلك غير واضح..
فلا مجال إذن لنسبة الرواية ـ خصوصاً مع احتوائها لهذه التفاصيل ـ
لخصوص راويها، وهو ابن الزبير أو ابن عمر، أو ابن عباس، أو غير هؤلاء..
أما ابن عباس، فإن كان راوياً لحديث الإفك حقاً، فلا شك
أنه رواه عن غيره.
وذلك:
أولاً:
لأنه كان حين قضية الإفك طفلاً صغيراً، لا يحسن رواية
أحداث كهذه، حتى لو شهدها، لأنه ولد سنة الهجرة، أو قبلها بثلاث
سنوات..
ثانياً:
إنه حتى لو
كان رجلاً كاملاً، فإنه لم يكن حين قضية الإفك في المدينة لأنه إنما
قدم إليها مع أبيه في سنة ثمان([1])،
أي بعد قضية الإفك بعدة سنوات.
على أن هناك الكثير الكثير من الشك حول ما يروى عن ابن
عباس.
فقد ذكر العسقلاني:
أن غندراً قال: «ابن عباس لم يسمع من النبي «صلى الله
عليه وآله» إلا تسعة أحاديث. وعن يحيى القطان عشرة. وقال الغزالي في
المستصفى: أربعة»([2]).
مع أنهم يذكرون:
أن البخاري قد روى عن ابن عباس مئتين وسبعة عشر حديثاً([3])..
فتبارك الله أحسن الخالقين.
ولا نستطيع أن نقول:
إنه قد روى ذلك عن الصحابة الموثوقين جزماً، فقد روى عن
غير المؤمنين، وعن غير الصحابة، وروى حتى عن مسلمة أهل الكتاب، فقد روى
عن معاوية، وأبي هريرة، وكعب الأحبار، وتميم الداري، وغيرهم..
هذا كله،
بالإضافة إلى ضعف سند حديث الإفك، الذي ينتهي إليه.
ولذلك لم ترد روايته في الكتب التي يعتبرها أهل السنة صحاحاً.
أما بالنسبة لابن الزبير، فإننا نقول:
أولاً:
قد ذكرنا فيما تقدم بحثاً مفصلاً حول تاريخ ولادة ابن
الزبير، وقلنا هناك: إن الأرجح هو:
أنه قد ولد سنة اثنتين، أو ثلاث من الهجرة، وذلك استناداً إلى العديد
من الأدلة والشواهد، فراجع.
فيكون عمره حين الإفك ثلاث أو أربع أو حتى خمس سنوات.
ثانياً:
إنه قد روى الحديث عن عائشة نفسها، كما يظهر من رواية البخاري([4]).
ثالثاً:
إن حديث ابن الزبير ضعيف السند برجال آخرين، سوف يأتي
الحديث عنهم إن شاء الله.
إن أنس حين قضية الإفك لم يكن قد بلغ الحلم.. بل لقد
أنكرت عليه عائشة روايته عن النبي «صلى الله عليه وآله».. فقد روى:
«علي بن مسهر، عن هشام بن
عروة، عن ابيه: أن عائشة قالت: ما علم أنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري
بحديث رسول الله
«صلى الله عليه وآله»، وإنما كانا غلامين صغيرين»([5]).
سنده ليس بمتصل، لأن أبا هريرة قد أسلم بعد حديث الإفك،
وبالذات في سنة خيبر.. فعمن روى أبو هريرة ذلك؟ عن كعب
الأحبار؟ عن عائشة؟ لا ندري..
غير أن ما نعلمه هو:
أن علاّمة مصر الشيخ محمود أبو رية، والإمام شرف الدين في كتابه
«أبو
هريرة: شيخ المضيرة..»
قد وضعا علامات استفهام كبيرة على كل ما يرويه أبو هريرة..
6 ـ
أبو
اليسر الأنصاري:
لم ترد روايته، ولا رواية أنس، ولا رواية
أبي هريرة في الصحاح.. كما أنه يناقض في روايته جميع روايات الإفك على
الإطلاق، ولذا فلا يمكن الاعتماد عليه.
1 ـ
قد جاء في
سندها: أن الراوي عن أم رومان هو مسروق بن الأجدع، الذي تبنته عائشة.
والذي كان ولاه زياد على السلسلة([6]).
ومسروق لم ير أم رومان، لأنها توفيت في حياة النبي «صلى الله عليه
وآله»، وهو إنما قدم المدينة بعد وفاته «صلى الله عليه وآله»([7])..
ولسوف يأتي ما يثبت أنها توفيت قبل حديث الإفك، أي في حين كان عمر
مسروق ـ في بلده ـ لا يزيد عن خمس سنين، فكيف حدثته أم رومان بحديث
الإفك، فروايته مرسلة؟!.
واحتمل أبو عمر صاحب الإستيعاب أن يكون سمع ذلك من
عائشة([8]).
هذا..
عدا عن أن لنا في مسروق نفسه مقالاً، لأنه كان منحرفاً
عن علي، معادياً له. فقد روى سلمة بن كهيل: أن مسروق بن الأجدع،
والأسود بن يزيد كانا يمشيان إلى بعض أزواج النبي «صلى الله عليه وآله»
(ولا نستبعد أنها عائشة)، فيقعان في علي «عليه السلام».
كما
أن زوجة مسروق نفسه تصرح:
بأنه كان يفرط في سب علي
«عليه
السلام».
وروى أبو نعيم، عن عمرو بن ثابت عن
أبي إسحاق:
قال: ثلاثة لا يؤمنون على علي بن أبي طالب: مسروق، ومرة، وشريح. وروي
أن الشعبي رابعهم،
وروي أنه عاد إلى موالاته «عليه السلام» في أواخر
أيامه..
وعده الثقفي ممن كان بالكوفة من فقهائها أهل عداوة
لعلي، وبغض له، الخارجين عن طاعته([9])..
وصرح ابن سعد:
بأنه أبطأ عن علي، وعن مشاهده، ولم يشهد معه شيئاً. وكان يحتج لإبطائه
هذا، ويدافع عنه بما لا مجال لذكره هنا([10]).
2 ـ
وفي السند أيضاً: أبو وائل: شقيق بن سلمة..
وكان عثمانياً يقع في علي «عليه السلام».
ويقال:
إنه كان يرى رأي الخوارج. ولا خلاف في كونه خرج معهم
على علي «عليه السلام».
وقد روى خلف بن خليفة قال:
قال أبو وائل: خرجنا أربعة آلاف، فخرج إلينا علي، فما
زال يكلمنا، حتى
رجع منا ألفان..
وعده الثقفي فيمن خرج عن طاعة علي، ومن فقهاء الكوفة،
ممن كان أهل عداوة له وبغض([11]).
وقال لمن سبّ الحجاج وذكر مساوئه:
لا تسبّه! وما يدريك؟ لعله قال: اللهم اغفر لي، فغفر له([12]).
وقال عاصم بن أبي النجود:
قلت لأبي وائل: شهدت صفين؟!
قال:
نعم، وبئست
الصفوف كانت([13]).
3 ـ
وفي السند محمد بن كثير العبدي، قال ابن معين: لم يكن
بثقة.
وقال ابن قانع:
ضعيف.
وقال ابن معين أيضاً:
لم يكن يستاهل أن يكتب عنه([14]).
وقال أيضاً:
لا تكتبوا
عنه([15]).
4 ـ
وفي السند
أيضاً: غندر، والحصين بن عبد الرحمن السلمي. وفيهما أيضاً كلام يراجع
في كتب الرجال والتراجم([16]).
وفيما ذكرناه كفاية.
فقد رواها عنها، حسب إحصائية العسقلاني، عشرة من
التابعين، وهم:
1 ـ عروة بن الزبير.
2 ـ سعيد بن المسيب، ولكن في سيرة ابن هشام: سعيد بن
جبير.
3 ـ علقمة بن وقاص.
4 ـ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
5 ـ القاسم بن محمد بن أبي بكر.
6 ـ عمرة بنت عبد الرحمن.
7 ـ عباد بن عبد الله بن الزبير.
8 ـ أبو سلمة بن عبد الرحمن.
9 ـ الأسود بن يزيد.
10 ـ مقسم مولى ابن عباس.
وقد رواها الزهري عن الأربعة الأول، ورواها عن الزهري
ثلاثة وعشرون رجلاً،
خمسة منهم روايتهم في الصحاح، وهم:
1 ـ يونس بن يزيد الأيلي.
2 ـ فليح بن سليمان.
3 ـ صالح بن كيسان.
4 ـ معمر.
5 ـ النعمان بن راشد.
ورواها في غير الصحاح ـ حسب إحصائية العسقلاني ـ ثمانية
عشر رجلاً.. وقد تقدمت أسماؤهم، عند ذكرنا لمصادر رواية الزهري، في
الفصل
الأول في الهوامش. فلا نعيد. ولسوف تأتي المناقشة في
غالبهم إن شاء الله تعالى.
ففي أسانيدها عدد ممن لا يمكن قبول روايتهم، وهم:
1 ـ عروة بن الزبير نفسه:
فقد عده الإسكافي من التابعين، الذين كانوا يضعون أخباراً قبيحة في
علي([17]).
ويقولون أيضاً:
إنه كان يتألف
الناس على روايته([18]).
وروى عبد الرزاق، عن معمر، قال:
كان عند الزهري حديثان عن عروة، عن عائشة في علي «عليه السلام»، فسألته
عنهما يوماً، فقال: ما تصنع بهما وبحديثهما؟ إني لأتهمهما في بني هاشم([19]).
وقال يحيى بن عروة:
كان عروة إذا ذكر علياً نال منه([20]).
وكان عروة أيضاً إذا ذكر علياً أخذه الزمع، فيسبه ويضرب
بإحدى يديه على الأخرى الخ..([21]).
وقال لابن عمر:
إنا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء، فيتكلمون بالكلام نعلم أن
الحق غيره، فنصدقهم، ويقضون بالجور فنقويهم، ونحسّنه لهم، فكيف ترى في
ذلك؟!
فقال له ابن عمر:
يا ابن أخي،
كنا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» نعدّ هذا النفاق؛ فلا أدري كيف
هو عندكم([22]).
2 ـ هشام بن عروة:
كان أبو الأسود يعجب من حديث هشام عن أبيه، وربما مكث
سنة لا يكلمه.
وقال ابن خراش:
كان مالك لا يرضاه، ونقم عليه حديثه لأهل العراق.
وقال العسقلاني:
في كبره تغير حفظه، فتغير حديث من سمع منه([23]).
وقد حاول أن يقبل يد المنصور، فيمنعه إكراماً له([24]).
وقال ابن حبيب:
«..وحدّ أبو بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري، وهو عامل عبد الملك على
المدينة، هشام بن عروة بن الزبير في فرية على رجل من بني أسد بن عبد
العزى..
وحد عبد الرحمن بن الضحاك
بن قيس الفهري، وهو عامل المدينة للوليد بن عبد الملك هشام بن عروة بن
الزبير في فرية افتراها على رجل من بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن
مخزوم([25]).
3 ـ أبو أسامة، وهو حماد بن أسامة:
قال ابن سعد:
كان يدلس، ويبين تدليسه.
وقال وكيع:
نهيت أبا أسامة أن يستعير الكتب. وكان دفن كتبه..
وقال سفيان بن وكيع:
كان أبو أسامة يتبع كتب الرواة، فيأخذها وينسخها، قال
لي ابن نمير: أن المحسن لأبي أسامة يقول: إنه دفن كتبه، ثم تتبع
الأحاديث بعد من الناس.
قال سفيان بن وكيع:
إني لأعجب كيف
جاز حديث أبي أسامة، كان أمره بيناً، وكان من أسرق الناس لحديث جيد،
وذكره الأزدي في الضعفاء([26]).
وعدّه المسترشد فيمن يحمل على علي «عليه السلام»([27]).
4 ـ فليح بن سليمان:
ممن روى عن هشام بن عروة، حسب رواية البخاري، ووقع
أيضاً في رواية الزهري عند البخاري ومسلم معاً..
قال ابن معين، وأبو حاتم، ومظفر بن مدرك،
والنسائي، وأبو داود وأبو أحمد، علي بن المديني ـ كلهم قالوا ـ: ضعيف..
وقال الطبري:
ولاّه المنصور على الصدقات، لأنه كان أشار عليهم بحبس بني حسن([28])..
وقال ابن معين:
ليس قوي ولا
يحتج به، وكذا قال أبو حاتم، وكان يحيى بن معين يقشعر من أحاديث فليح
بن سليمان([29]).
وقال أبو زرعة:
واهي الحديث.
وذكره العقيلي، وابن عدي، وابن الجوزي، والذهبي في جملة الضعفاء([30]).
وهكذا الحال بالنسبة لـ :
5 ـ يونس بن بكير.
6 ـ يحيى بن زكريا.
7 ـ حماد بن سلمة.
8 ـ أبي أويس، عبد الله بن عبد الله الأصبحي.
وغيرهم.
قلنا فيما سبق:
إنها وردت في الصحيح عن خمس من الرواة عن الزهري، وفي
غير الصحيح عن ثمانية عشر، رووها عنه أيضاً حسب إحصائية العسقلاني..
ونحن نتكلم أولاً على ما ورد في صحاح أهل السنة منها،
ثم نعطف الكلام للإشارة إلى حال بعض من رواها عن الزهري في غير
الصحيح.. غير أننا نبدأ حديثنا
حول الذين روى الزهري عنهم، حسبما ورد في صحاح أهل السنة، فنقول:
لقد رواها الزهري، عن:
عروة بن الزبير، وعلقمة بن وقاص، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد
الله بن عتبة.. فأما:
1 ـ عروة بن الزبير:
فقد تقدم بعض ما يشير إلى حاله، وأن الزهري، وغيره، قد
اتهموه بوضع الأحاديث،
والكذب على بني هاشم، وعلي.. وأما:
2 ـ سعيد بن المسيب:
فنحن لا نثق بروايته
أيضاً،
لانحرافه عن علي
«عليه
السلام»..
وقد جبهه عمر بن علي بكلام شديد، حيث جعله من المنافقين، وفهم هو نفسه
ذلك، فقال له: يا
ابن
أخي، جعلتني منافقاً؟!
قال:
ذلك ما أقول لك.
قال:
ثم انصرف([31]).
وقال المفيد «رحمه الله»:
وأما ابن المسيب فليس يدفع نصبه، وما اشتهر عنه من
الرغبة عن الصلاة على زين العابدين..
قيل له:
ألا تصلي على هذا الرجل الصالح، من أهل البيت الصالح؟
فقال:
صلاة ركعتين
أحب إلي من الصلاة على هذا الرجل الصالح، من أهل البيت الصالح([32])..
وروي عن مالك:
أنه كان خارجياً([33])..
وإذا كان عدواً لعلي «عليه السلام» فهو عدو الله عز وجل، لما روي من
قول النبي «صلى الله عليه وآله»: عدوك عدوي، وعدوي عدو لله عز وجل..
وبعد هذا، فكيف يصح الاعتماد على روايته، والوثوق
بأقواله؟!
3 ـ
وأما عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فإننا لم
نجد تاريخ ولادته..
ولكن قال علي بن المديني:
إنه لم يصح له
سماع من زيد بن ثابت. ولا رؤية([34])..
فإذا أضفنا إلى ذلك:
أن من الأقوال في وفاة زيد هو سنة55 هـ . فإننا لا نستطيع حينئذ أن
نجزم برؤيته لعائشة، وسماعه منها أيضاً، لأنها إنما توفيت في سنة سبع،
أو ثمان وخمسين..
4 ـ
وأما الزهري نفسه، فهو
أيضاً
كان منحرفاً عن علي
«عليه
السلام».
قال محمد بن شيبة:
شهدت مسجد المدينة، فإذا الزهري، وعروة بن الزبير قد جلسا، فذكرا
علياً، فنالا منه، فبلغ ذلك علي بن الحسين، فجاء حتى وقف عليهما، فقال:
أما أنت يا عروة، فإن أبي حاكم أباك إلى الله. فحكم الله
لأبي
على أبيك.. وأما أنت يا زهري، فلو كنت أنا وأنت بمكة لأريتك كنّ أبيك([35]).
وعدّه الثقفي من فقهاء الكوفة، الذين خرجوا عن طاعة
علي، وكانوا أهل عداوة له وبغض، وخذلوا عنه([36])..
وكان الزهري يرى بني أمية في عداد المؤمنين، وأن الخارج
عليهم يعد من جملة البغاة([37])
وتزلفه لهم، وتعليمه لأولادهم، وتوليه القضاء لهم معروف
ومشهور([38])
وعن عبيد الله بن عمر:
كنت أرى الزهري يعطى الكتاب فلا يقرؤه ولا يقرأ عليه، فيقال له: نروي
ذلك عنك؟
فيقول:
نعم([39]).
وعن سفيان الثوري قال:
أتيت الزهري فتثاقل علي، فقلت له: لو أنك أتيت أشياعنا فصنعوا بك مثل
هذا.
فقال:
كما أنت، ودخل فأخرج إليَّ كتاباً فقال: خذ هذا فاروه
عني، فما رويت عنه حرفاً([40]).
5 ـ
وأما علقمة.. فلا يمكن الاعتماد على روايته بمجردها، لأننا لا نعرف ما
الذي رواه عن الزهري بالتحديد.. وخاصة بعد أن كنا لا نثق بسماع الزهري
من عروة، ولا بسماع عبيد الله من عائشة..
وبالأخص إذا لاحظنا:
أن الروايات التي نقلت عن بعض هؤلاء تتناقض وتختلف مع بعضها البعض بشكل
واضح وملموس.
وأما من روى حديث الإفك عن الزهري في الصحاح فهم:
1 ـ النعمان بن راشد مولى بني أمية:
علقه عن الزهري في البخاري، في كتاب المغازي.. وقد ضعفه
يحيى القطان جداً.
وقال أحمد بن حنبل:
مضطرب الحديث، روي له أحاديث مناكير.
وقال العقيلي:
ليس بالقوي، يعرف فيه الضعف.
وقال النسائي:
ضعيف كثير الغلط.
وقال البخاري، وأبو حاتم:
في حديثه وهم كثير.
وقال ابن أبي حاتم:
أدخله البخاري في الضعفاء.
وقال أبو داود:
ضعيف.
وقال ابن معين:
ضعيف.
وقال مرة:
ليس بشيء([41])..
2 ـ فليح بن سليمان:
وقد تقدم الحديث عنه في رواية عروة.
3 ـ يونس بن يزيد الأيلي:
قال وكيع:
كان سيئ الحفظ.
وقال أحمد:
لم يكن يعرف الحديث، وكان يشتبه عليه.
وقال:
إن في حديثه عن الزهري منكرات.
وقال ابن سعد:
حلو الحديث كثيره، وليس بحجة، وربما جاء بالشيء المنكر..
وقال ابن يونس:
كان من موالي
بني أمية([42]).
هو مولى معاوية بن أبي سفيان.
4 ـ عبد الرزاق الصنعاني:
هو الراوي عن معمر، عن الزهري.
قال ابن شبويه:
كان بعدما عمي يلقن.
وقال أحمد:
كذلك.
وقال أيضاً:
من سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع.
وقال النسائي:
فيه نظر لمن كتب عنه بآخرة، كتب عنه أحاديث مناكير.
وقال ابن حبان:
كان ممن يخطئ إذا حدث من حفظه.
وقال العباس العنبري ـ حين قدم من صنعاء ـ : لقد تجشمت
إلى عبد الرزاق، وإنه لكذاب، والواقدي أصدق منه، وعن زياد قال: لم يخرج
أحد من هؤلاء الكبار من ههنا إلا وهو مجمع ألا يحدث عنه([43])..
وعن زيد بن المبارك قال:
كان عبد الرزاق كذاباًَ يسرق الحديث([44]).
وقال فيه سفيان بن عيينة:
أخاف أن يكون من الذين أضل سعيهم في الحياة الدنيا([45]).
5 ـ صالح بن كيسان:
والرواية عن
صالح بن كيسان الذي كان معلماً لأولاد الوليد بن عبد الملك([46])
نجد في سندها:
أ ـ
عبد العزيز بن
عبد الله الأويسي. وقد ضعفه أبو داود([47]).
ب ـ
إبراهيم بن سعد،
الذي ولي بيت المال ببغداد، وقد ذكر عند يحيى بن سعيد، فجعل كأنه
يضعفه. وكان يجيز الغناء بالعود، وقال صالح جزرة: كان صغيراً حين سمع
من الزهري([48]).
ج ـ
الحسن بن علي الحلواني، قال أبو سلمة بن شبيب عنه: يرمى
في الحش، من لم يشهد بكفر الكافر فهو كافر.
وقال الإمام أحمد:
ما أعرفه بطلب الحديث، ولا رأيته يطلبه، ولم يحمده، ثم
قال: يبلغني عنه أشياء أكرهها.
وقال مرة:
أهل الثغر عنه
غير راضين، أو ما هذا معناه([49]).
هؤلاء هم الذين وردت روايتهم عن الزهري في الصحاح، وقد
رأينا أنهم والزهري، ومن يروي عنه الزهري جميعاً لم يسلموا من الطعن
والتجريح، من قبل العلماء والرجاليين..
وقد بقي عدد ممن رواها عن الزهري، في غير الصحاح، تقدمت
أسماؤهم عن فتح الباري، عند ذكر مصادر رواية الزهري.
ونحن نكتفي بالإشارة إلى حال طائفة منهم على سبيل
المثال.. فنقول:
1 ـ يعقوب بن عطاء:
قال أحمد:
منكر الحديث.
وقال ابن معين، وأبو زرعة،
والنسائي:
ضعيف.
وقال أحمد:
ضعيف.
وقال أبو حاتم:
ليس بالمتين. إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه([50]).
2 ـ عبد الرحمن بن إسحاق:
فإن كان هو الذي يقال له:
عباد بن إسحاق..
فقد قال القطان:
سألت عنه بالمدينة، فلم أرهم يحمدونه، ومثل ذلك نقل عن
إسماعيل بن إبراهيم، وعلي بن المديني.
وقال العجلي:
ليس بالقوي.
وقال أبو حاتم:
يكتب حديثه، ولا يحتج به.
وقال الحاكم:
لا يحتجان «يعني مسلم والبخاري»
به، ولا واحد منهما.
وقال السعدي:
غير محمود في الحديث.
وقال الدارقطني:
ضعيف، يرمى بالقدر، إلى غير ذلك([51]).
وإن كان هو الواسطي، فقد قال
البخاري:
فيه نظر.
وكان أحمد يضعفه، ويقول:
ليس بشيء منكر الحديث.
وقال ابن معين:
ضعيف ليس بشيء.
وقال ابن سعد، والعجلي، والعقيلي،
وأبو حاتم، ويعقوب بن سفيان، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان:
ضعيف.. إلى غير ذلك([52]).
3 ـ سفيان بن عيينة:
قد اختلط في أواخر عمره.
وقد ورد بسند قوي:
أنه هو نفسه قد اعترف أنه يزيد وينقص في الحديث، وعلل ذلك بأنه قد كبر
وسمن.
وقال سليمان بن حرب:
إنه أخطأ في عامة حديثه عن أيوب.. وكان من أعداء
أهل
البيت «عليهم
السلام»، وكان يدلس كما عن جامع ابن الأثير([53]).
4 ـ يحيى بن سعيد الأنصاري:
يحيى بن سعيد
الأنصاري قاضي المدينة والذي أقدمه المنصور وولاه القضاء بالهاشمية أو
بغداد. متهم بالتدليس، اتهمه بذلك الدمياطي ويحيى بن سعيد القطان([54]).
5 ـ إسحاق بن راشد:
قال ابن معين:
إنه ليس في رواية الزهري بذاك.
وقال ابن خزيمة:
لا يحتج بحديثه.. واعترف هو:
أنه لم يلق الزهري، وإنما يحدث من كتاب له وجده ببيت المقدس.
وقال الذهبي:
إن في حديثه عن الزهري اضطراباً شديداً.
وقال النسائي:
ليس بذاك القوي([55]).
6 ـ إسماعيل بن رافع:
إسماعيل بن رافع
ـ
الذي كان قاصاً ـ
.
قال عمر بن علي:
منكر الحديث، في حديثه ضعف.
وقال أحمد:
ضعيف.
وقال في رواية عنه:
منكر الحديث.
وقال ابن معين:
ضعيف.
وفي رواية الدوري عنه أنه قال:
ليس بشيء.
وقال أبو حاتم:
منكر الحديث.
وقال الترمذي:
ضعفه بعض أهل العلم.
وقال النسائي:
متروك الحديث.
وقال مرة:
ضعيف.
وقال مرة:
ليس بشيء، ومرة: ليس بثقة.
وقال ابن خراش والدارقطني، وعلي بن
الجنيد:
متروك.
وقال ابن عدي:
أحاديثه كلها مما فيه نظر، إلا أنه يكتب حديثه في جملة
الضعفاء.
وقال العجلي:
ضعيف الحديث.
وقال الحاكم أبو أحمد:
ليس بالقوي عندهم.
وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب في الرواية عنه.
وقال البزار:
ليس بثقة، ولا حجة، وضعفه أبو حاتم، والعقيلي، وأبو
العرب والمقدمي، ومحمد
بن عبد الله بن عمار، وابن الجارود، وابن عبد البر، وابن حزم، والخطيب،
وأبو داود، وغيرهم([56]).
7 ـ عطاء الخراساني:
ذكره البخاري:
في الضعفاء.
وقال سعيد بن المسيب:
كذب علي عطاء، ما حدثته هكذا.
وقال ابن حبان:
كان رديء الحفظ، يخطئ ولا يعلم، فبطل الاحتجاج به([57]).
وذكره ابن الجوزي في الضعفاء وقال
ابن حجر:
يهم ويخطئ ويدلس. ونسبه سعيد بن المسيب إلى الكذب([58]).
8 ـ صالح بن أبي الأخضر:
قال ابن معين:
ليس بالقوي.
وقال مرة:
ضعيف.
وقال الجوزجاني:
اتهم في أحاديثه..
وقال أبو زرعة:
ضعيف الحديث.
وقال البخاري، والنسائي:
ضعيف.
وقال الترمذي:
يضعف في الحديث، ضعفه يحيى القطان وغيره.
وقال ابن عدي:
في بعض حديثه ما ينكر، وهو من الضعفاء الذين يكتب حديثهم، وذكره الفسوي
في باب من يرغب في الرواية عنهم، وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم.
وقال الدارقطني:
لا يعتبر به.
وقال المروزي:
لم يرضه أحمد، إلى آخر ما هنالك([59]).
9 ـ معاوية بن يحيى الصدفي:
الذي كان على بيت المال بالري من قبل المهدي العباسي.
قال يحيى بن معين:
هالك، ليس بشيء.
وقال الجوزجاني:
ذاهب الحديث.
وقال أبو زرعة:
ليس بقوي، أحاديثه كأنها منكرة..
وقال أبو حاتم:
ضعيف في حديثه إنكار.
وقال أبو داود، والنسائي، وأبو علي
النيسابوري:
ضعيف.
وقال النسائي أيضاً:
ليس بثقة.
وقال في موضع آخر:
ليس بشيء.
وقال ابن عدي:
عامة رواياته فيها نظر.
وقال الحاكم أبو أحمد:
يروي عنه الهقل بن زياد، عن الزهري أحاديث منكرة، شبيهة بالموضوعة.
وقال الساجي:
ضعيف الحديث
جداً، وكان اشترى كتاباً للزهري من السوق، فروى عن
الزهري..
وقال أحمد بن حنبل:
تركناه([60]).
إلى آخر ما هنالك..
10 ـ ابن أبي عتيق:
قال ابن حبيب:
«..وحد مروان أيضاً: ابن أبي عتيق. واسمه: عبد الله، بن محمد، بن عبد
الرحمن، بن أبي بكر، في الخمر، فلقيه أبو قتادة بن ربعي الأنصاري،
بعدما ضرب، فقال: يا ابن أخي، ما صنع بك في خُليْلة ضربوك؟
فقال:
كلا والله يا عمرو، إنها لصهباء من داروم، أو بابلية،
أو من بلاس، بلد بها الخمور، فقال أبو قتادة: فلا أراهم إذن ظلموك..»([61]).
وقد قالت فيه امرأته، وهي أعرف الناس به:
أذهبـــت مــالـك غـيـر
مـتّـرك في كـل مـومـســة وفـي الخـمر([62])
كل ما تقدم كان استطراداً في مناقشة سند بعض ما روي عن
الزهري في غير الصحاح الستة.. والباقون من الرواة عنه: إما مجهول، وإما
لا يمكن الاعتماد على روايته. إما لضعفه في نفسه، وإما لضعف من يروي
عنه..
فالراوون عن الزهري
إذن تُرد بضاعتهم إليهم، ولسنا على ذلك من النادمين..
ومن رواة حديث الإفك عن عائشة، من غير طريق الزهري:
1 ـ الأسود بن يزيد:
وقد كان يقع في علي «عليه السلام» عند بعض أمهات
المؤمنين. ومات على ذلك.
وقالت امرأة مسروق بن الأجدع:
إنه كان يفرط في سب علي «عليه
السلام»،
وبقي على ذلك حتى مضى لشانه.
وعده الثقفي من فقهاء الكوفة الخارجين عن طاعة علي
«عليه السلام»، ومن أهل العداوة والبغض له([63]).
2 ـ مقسم مولى ابن عباس:
ممن روى ذلك عن عائشة في غير الصحاح ـ باختصار ـ قال
ابن حزم: ليس بالقوي.
وقال الساجي:
تكلم بعض الناس في
روايته.
وقال ابن سعد:
كان كثير الحديث ضعيفاً.
وذكره البخاري في الضعفاء، وقال في
التاريخ الصغير:
لا يعرف لمقسم سماع من أم سلمة، ولا ميمونة، ولا عائشة([64]).
3 ـ أفلح مولى أبي أيوب:
وهو لم يحضر قضية الإفك، لأنه من سبي أبي بكر من عين
التمر، فروايته مرسلة.
4 ـ سفيان بن وكيع:
روى عنه ابن جرير قضية الإفك، عن علقمة بن وقاص. وسفيان
هذا لا يمكن الاعتماد عليه أصلاً..
فقد قال عنه البخاري:
يتكلمون فيه لأشياء لقنوه.
وقال أبو زرعة حينما سئل عنه:
لا يشتغل به وكان يتهم بالكذب.
وذهب إليه أبو حاتم وجماعة من مشايخ أهل الكوفة،
ونصحوه، وأخبروه أن ورّاقه يدخل بين حديثه ما ليس منه.. ولكنه لم يفعل
شيئاً.
وقال النسائي:
ليس بثقة. وفي موضع آخر: ليس بشيء.
إلى غير ذلك
مما لا مجال لاستقصائه([65]).
5 ـ محمد بن المثنى:
روى عنه البخاري قضية دخول ابن عباس على عائشة عند
موتها الخ..
وقد قال فيه صالح بن محمد:
صدوق اللهجة، وكان في عقله شيء.
وقال النسائي:
لا بأس به،
كان يغير في كتابه([66]).
6 ـ بندار:
في رواية الترمذي وأبي داود، وابن ماجة ـ وهو محمد بن
بشار ـ قال عبد الله بن محمد بن سيار: سمعت عمرو بن علي يحلف: أن
بنداراً يكذب فيما يروي عن يحيى. وكان يحيى بن معين، لا يعبأ به
ويستضعفه.
وكان القواريري لا يرضاه وقال:
كان صاحب حمام، وسئل ابن المديني عن حديث رواه بندار،
فقال: هذا كذب. وأنكره أشد الإنكار.. إلى غير ذلك([67]).
7 ـ ابن أبي مليكة:
وأما رواية البخاري، عن ابن أبي
مليكة:
أن ابن عباس
دخل على عائشة حين موتها ومدحها بما تقدم، فهي رواية لا يمكن الاعتماد
عليها، فإن ابن أبي مليكة كان مؤذناً لعبد الله بن الزبير وقاضياً له([68]).
هذا عدا عن أن
الرواية مرسلة، إذ قد أورد هذه الرواية ابن سعد، وأحمد، عن ابن أبي
مليكة، عن ذكوان، فأسقط البخاري ذكوان من سند الرواية، أو أنه أسقط
غيره لا ندري، فتكون مرسلة لا حجة فيها، لأن ابن أبي مليكة لم يشهد ذلك
ولا سمعه من ابن عباس حال قوله لعائشة من دون توسط ذكوان أو غيره([69]).
ووجه العسقلاني ذلك:
بأن من
المحتمل أن يكون شهد ذلك لكنه نسيه، فذكره به ذكوان([70]).
وبقي في المقام كلمات بعض التابعين، كالضحاك،
ومجاهد، وابن سيرين، وأضرابهم
حول كون حديث الإفك في عائشة.. ويكفي إرسالها ضعفاً فيها، فضلاً عن سوى
ذلك.
وحسبنا ما ذكرناه حول أسانيد روايات الإفك، فإن فيما
ذكرناه مقنعاً
للمنصف الخبير، والناقد البصير..
وتكون النتيجة بعد تلك الجولة هي:
أنه
لا روايات الصحاح، ولا غيرها يصح الاعتماد عليها سنداً لإثبات حديث
الإفك، ونسبته إلى عائشة.. وإن غالب ما ورد في ذلك إما مرسل، أو معلق،
أو منقطع.. والمتصل منه ضعيف السند، لا يصح الاعتماد عليه..
وقد اتضح أيضاً:
أن عمدة تلك الأحاديث، وجلها إن لم يكن كلها ينتهي إلى
عائشة، ويبدأ بها.. وفضلاً عن أنها جميعاً لم تسلم أسانيدها من الطعن
والتضعيف: فإننا قد وجدناها متناقضة متباينة كما سيتضح..
ولعله يجوز لنا هنا أن نسأل:
إن قضية بهذه الأهمية، وحصل لها مثل ذلك الشيوع
والاشتهار، حتى لم يبق بيت، ولا ناد، إلا طار فيه، حتى إن النبي «صلى
الله عليه وآله» قد خطب الناس لأجلها مرتين، ونزلت فيها آيات قرآنية
كثيرة، نعم، إن قضية هذا حالها، كيف لم ترو إلا عن عائشة؟ أو على الأقل
لا يمكن إثباتها إلا من قبلها؟! إن ذلك لعجيب حقاً!! وأي عجيب!!..
وأخيراً.. وإذا جاز للزهري:
أن يتهم عائشة، وعروة على بني هاشم وعلي
«عليه
السلام»،
وينسب إليها: أنها لا تتورع من أن تنسب لهم ما ليس بحق، بدافع من حقدها
عليهم، وبغضها لهم.
فلماذا لا نجيز نحن لأنفسنا:
أن نحتمل أن حب عائشة لنفسها، أو على الأقل حب أتباعها لها، وبغضهم
لعلي ولا سيما عروة بن الزبير، وذكوان، ومسروق بن الأجدع ومن هو منها
بسبب، أو بسبيل، قد دفعهم إلى نسبة القضية لعائشة وتزيدوا فيها ما شاءت
لهم قرائحهم، على اعتبار: أن ذلك يرفع من شأن
عائشة، لنزول آيات قرآنية فيها من جهة.. ويحرم علياً من فضل كشفه
لحقيقة الإفك التي جرت لمارية، ويبرئ أقواماً قد دنسوا أنفسهم فيها؟
ولهذا نلاحظ:
حرص رواية عائشة على اتهام علي «عليه السلام» بمجانبة الحق واتباع
الهوى، ولهذه القضية نظائر كثيرة.
وعلى كل حال..
فإننا سوف نرجئ
إصدار
حكم قاطعٍ في ذلك بعد النظر في متون روايات الإفك هذه، والتدبر فيها؛
فإلى الفصول التالية.
([1])
راجع: فتح الباري ج9 ص249.
([2])
تهذيب التهذيب ج5 ص279.
([4])
حيث إنه بعد ذكر رواية الزهري ساق سنداً آخر إلى ابن الزبير،
وقال: مثله.
([5])
جامع بيان العلم ج2 ص189. مع أنه قد روي له في صحيح البخاري
فقط 268 حديثاً كما في مفتاح الصحيحين ص7.
([6])
راجع: الثقات لابن حبان ج5 ص456.
([7])
الإصابة ج3 ص391. وتوفي مسروق سنة 63 هجرية عن 63 سنة. وصلى
خلف أبي بكر مميزاً ابن 13 سنة كما في الإصابة ج3 ص393.
([8])
الإستيعاب هامش الإصابة ج4 ص452.
([9])
راجع كل ذلك في: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص99 و 97 و 98
والغارات للثقفي ج2 ص559 و 562 ـ 564 وراجع في كونه عثمانياً:
تاريخ بغداد ج9 ص270 وتهذيب الكمال ج12 ص553 وطبقات ابن سعد ج6
ص71 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص379.
([10])
طبقات ابن سعد ج6 ص51 و 52.
([11])
راجع المصادر في ما قبل الهامش الأخير.
([12])
سير أعلام النبلاء ج4 ص165 وحلية الأولياء ج4 ص102.
([13])
سير أعلام النبلاء ج4 ص166.
([14])
تهذيب التهذيب ج9 ص418. وكلام ابن معين الأخير في سير أعلام
النبلاء ج10 ص384 وفي تهذيب الكمال ج26 هامش ص336.
([15])
تهذيب الكمال ج26 ص336.
([16])
راجع: تهذيب التهذيب ج9 ص98 وج2 ص382 و 383.
([17])
شرح النهج للمعتزلي ج4 ص63.
([18])
تهذيب التهذيب ج7 ص182 وصفة الصفوة ج2 ص85 وسير أعلام النبلاء
ج4 ص425 و 431 وحلية الأولياء ج2 ص176 وتهذيب الكمال ج20 ص16
وتذكرة الحفاظ ج1 ص61 وخلاصة تهذيب تهذيب الكمال ص265.
([19])
شرح النهج ج4 ص64 وقاموس الرجال ج6 ص299.
([20])
الغارات للثقفي ج2 ص576 وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص102.
([21])
قاموس الرجال ج6 ص300.
([22])
السنن الكبرى ج8 ص165 وراجع ص164 لكنه لم يصرح في هذه الصفحة
باسم عروة، ومثله في الترغيب والترهيب ج4 ص382 عن البخاري.
وإحياء علوم الدين ج3 ص159 وأشار في هامشه إلى الطبراني.
([23])
راجع: تهذيب التهذيب ج11 ص50 و 51 وفتح الباري (المقدمة) ص448.
وتهذيب الكمال ج30 ص239 و 238.
([24])
تاريخ بغداد ج14 ص39
وميزان الإعتدال ج4 ص302 وتهذيب الكمال ج30 ص240.
([26])
تهذيب التهذيب ج3 ص3 ومقدمة فتح الباري ص396، 397.
([27])
قاموس الرجال ج3 ص392.
([28])
تهذيب التهذيب ج8 ص304 وتهذيب الكمال ج23 ص318 و 319.
([29])
راجع: سير أعلام النبلاء ج7 ص353 و 354 وتهذيب الكمال ج23
ص320.
([30])
هامش كتاب تهذيب الكمال ج23 ص322.
([31])
الغارات للثقفي ج2 ص580 وشرح النهج ج4 ص101 والبحار (ط قديم)
ج11 ص41 وج8 ص730.
([32])
قاموس الرجال ج4 ص378 و 376 عن: عبد الرزاق، عن معمر، عن
الزهري.
([33])
قاموس الرجال ج4 ص378.
([34])
تهذيب التهذيب ج7 ص24.
([35])
الغارات ج2 ص578 وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص102 والبحار (ط قديم)
ج11 ص41 و 42 وج8 ص730.
([36])
الغارات للثقفي ج2 ص558 ـ 560.
([37])
سير أعلام النبلاء ج3 ص376.
([38])
سير أعلام النبلاء ج5 ص331 وراجع ص334.
([39])
المعرفة والتاريخ ج1 ص635 وتهذيب الكمال ج26 ص439 و 440.
([40])
تهذيب الكمال ج26 ص440.
([41])
تهذيب التهذيب ج10 ص452 وتهذيب الكمال ج29 ص446 و 447 و 448
والجرح والتعديل ج8 رقم الترجمة 2060 والضعفاء الكبير للعقيلي
والعلل ومعرفة الرجال ج2 ص251 والتاريخ الكبير للبخاري ج8
الترجمة رقم 2248 والمحلى ج6 ص121.
([42])
تهذيب التهذيب ج11 ص450 ـ 452 وراجع: مقدمة فتح الباري ص455
وتهذيب الكمال ج32 ص554و 555 و 557 والجرح والتعديل ج9 الترجمة
رقم1042.
([43])
تهذيب التهذيب ج6 ص312 ـ 315 ومقدمة فتح الباري ص418 وسير
أعلام النبلاء ج9 ص571 وما سبقها ولحقها، وتهذيب الكمال ج18
ص57 و 58 وراجع: الضعفاء للعقيلي.
([44])
سير أعلام النبلاء ج9 ص574.
([45])
راجع كتاب: الضعفاء الكبير للعقيلي.
([46])
سير أعلام النبلاء ج5 ص454 وتهذيب الكمال ج13 ص81 وتهذيب تاريخ
دمشق ج6 ص380.
([47])
تهذيب التهذيب ج6 ص346 ومقدمة الفتح ص419.
([48])
تهذيب التهذيب ج1 ص123 ومقدمة الفتح ص485 وسير أعلام النبلاء
ج8 ص306 ـ 308 وراجع: تهذيب الكمال ج2 ص92 وميزان الإعتدال ج1
ص33 و 34 والكامل لابن عدي.
([49])
تهذيب التهذيب ج2 ص303 وتهذيب الكمال ج6 ص262 و 263 وراجع
تاريخ بغداد ج7 ص365.
([50])
تهذيب التهذيب ج11 ص393 وتهذيب الكمال ج32 ص354 و 355 والجرح
والتعديل ج9 ص211 وميزان الإعتدال (ط سنة 1416هـ) ج7 ص279 و
280 والضعفاء الكبير ج4 ص446.
([51])
تهذيب التهذيب ج6 ص137 ـ 139 وراجع: الجرح والتعديل ج5 ص521 و
522 و 524.
([52])
تهذيب التهذيب ج6 ص136 و 137 وراجع: تهذيب الكمال ج16 ص517 و
518 وسنن الدارقطني ج2 ص121 والجرح والتعديل ج5 ص213.
([53])
تهذيب التهذيب ج4 ص120 ـ 121 وقاموس الرجال ج4 ص398 و 399.
([54])
تهذيب التهذيب ج11 ص224.
([55])
تهذيب التهذيب ج1 ص230 و
231 ومقدمة فتح الباري ص386 وراجع: تهذيب الكمال ج2 ص421 و 422
وتهذيب تاريخ دمشق ج2 ص439.
([56])
تهذيب التهذيب ج1 ص295 و 296 وراجع: تهذيب الكمال ج3 ص86 ـ 89
والضعفاء الكبير ج1 ص78 والمجروحون ج1 ص124.
([57])
تهذيب التهذيب ج7 ص214 و 215 وراجع: التاريخ الكبير للبخاري
الترجمة رقم278 والمجروحون ج2 ص130و 131.
([58])
التاريخ الكبير ج6 الترجمة رقم3027.
([59])
تهذيب التهذيب ج4 ص380 و
381 وراجع: سير أعلام النبلاء ج7 ص304. وتهذيب الكمال ج13 ص13
ـ 15 والجرح والتعديل ج4 الترجمة رقم 1727 وأحوال الرجال
الترجمة رقم 182 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص320 والضعفاء
والمتروكون للنسائي الترجمة رقم 302 والمجروحون ج1 ص368 و 369
وراجع تقريب التهذيب.
([60])
تهذيب التهذيب ج10 ص219 و 220 وراجع: تهذيب الكمال ج28 ص222 و
223 والضعفاء الكبير للعقيلي ج4 ص83 والتاريخ الكبير ج4 قسم1
ص336 والجرح والتعديل ج8 ص384 وميزان الإعتدال (ط سنة1416 هـ)
ج6 ص461.
([61])
المنمق (ط الهند) ص499 و 500.
([62])
تهذيب الكمال ج16 ص67.
([63])
راجع: شرح النهج للمعتزلي ج4 ص97 و 98 والغارات للثقفي ج2
ص559.
([64])
تهذيب التهذيب ج2 ص382 و 383 وراجع: التاريخ الصغير للبخاري ج1
ص294 وطبقات ابن سعد ج7 ص471 والمحلى ج2 ص189 وج5 ص219 وج10
ص80 و 81 وج11 ص45 وميزان الإعتدال (ط سنة 1416 هـ) ج6 ص508.
([65])
راجع: تهذيب التهذيب ج4 ص124 وسير أعلام النبلاء ج12 ص152
وتهذيب الكمال ج11 ص202 و 203 وميزان الإعتدال (ط سنة 1416 دار
الكتب العلمية) ج3 ص249 و 250 والجرح والتعديل ج4 ص231 و 232.
([66])
راجع: تهذيب التهذيب ج9 ص426 و 427 وميزان الإعتدال (ط
سنة1416) ج6 ص318 وسير أعلام النبلاء ج12 ص24 وتهذيب الكمال
ج26 ص363.
([67])
راجع: تهذيب التهذيب ج9 ص71 و 72 وسير أعلام النبلاء ج12 ص147
و 148 وتهذيب الكمال ج24 ص55 وراجع ص516 وتاريخ بغداد ج2 ص103
وفتح الباري (المقدمة) وميزان الإعتدال (ط سنة 1416هـ) ج6 ص79.
([68])
تهذيب الكمال ج15 ص256.
([69])
فتح الباري ج8 ص371 و 372.
([70])
فتح الباري ج8 ص371 و 372.
|