اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ولا زالت الأفراح تتوالى ، ونسيم الولاء يهب ليجعلنا نستنشق العطر الحيدري ، ووبقات الورد نزف تهانينا
إلى أم البنين في أرض البقيع الغرد
أم البنين اليوم جابت يا حيدر توم
عباس شبلك والوفاء
متشابهين بكل صفة
الوليد العظيم:
وكان أوّل مولود زكيّ للسيّدة أمّ البنين هو سيّدنا المعظّم أبو الفضل العباس ، وقد ازدهرت يثرب ، وأشرقت الدنيا بولادته وسرت موجات من الفرح والسرور بين أفراد الأسرة العلوية ، فقد ولد قمرهم المشرق الذي أضاء سماء الدنيا بفضائله ومآثره ، وأضاف إلى الهاشميين مجداً خالداً وذكراً نديّاً عاطراً.
وحينما بُشِّر الإمام أمير المؤمنين 7 بهذا المولود المبارك سارع إلى الدار فتناوله ، وأوسعه تقبيلاً ، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في أُذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، لقد كان أوّل صوت قد اخترق سمعه صوت أبيه رائد الإيمان والتقوى في الأرض ، وأنشودة ذلك الصوت.
« الله أكبر ... ».
« لا إله إلاّ الله ».
وارتسمت هذه الكلمات العظيمة التي هي رسالة الأنبياء ، وأنشودة المتّقين في أعماق أبي الفضل ، وانطبعت في دخائل ذاته ، حتى صارت من أبرز عناصره ، فتبنى الدعوة إليها في مستقبل حياته ، وتقطّعت أوصاله في سبيلها.
وفي اليوم السابع من ولادة أبي الفضل ، قام الإمام أمير المؤمنين بحلق شعره ، والتصدّق بزنته ذهباً أو فضّة على المساكين وعقّ عنه بكبش ، كما فعل ذلك مع الحسن والحسين عملاً بالسنّةالإسلامية.
سنة ولادته:
أفاد بعض المحقّقين أن أبا الفضل العباس وُلد سنة ( ٢٦ ه ) في اليوم الرابع من شهر شعبان .
تسميته :
سمّى الإمام أمير المؤمنين وليده المبارك ( بالعباس ) وقد استشفّ من وراء الغيب انه سيكون بطلاً من أبطال الإسلام ، وسيكون عبوساً في وجه المنكر والباطل ، ومنطلق البسمات في وجه الخير ، وكان كما تنبّأ فقد كان عبوساً في ميادين الحروب التي أثارتها القوى المعادية لأهل البيت :، فقد دمّر كتائبها وجندل أبطالها ، وخيّم الموت على جميع قطعات الجيش في يوم كربلاء ، ويقول الشاعر فيه :
عبست وجوه القوم خوف الموت
والعبّاس فيهـم ضاحـك متبسّم
عبست وجوه القوم خوف الموت
العباس فيهم ضاحك مبتسم
تعويذ أمّ البنين له :
واستوعب حب العباس قلب أمّه الزكّية ، فكان عندها أعزّ من الحياة ، وكانت تخاف عليه ، وتخشى من أعين الحسّاد من أن تصيبه بأذى أو مكروه ، وكانت تعوذه بالله ، وتقول هذه الأبيات :
كان الإمام أمير المؤمنين يرعى ولده أبا الفضل في طفولته ، ويعنى به كأشدّ ما تكون العناية فأفاض عليه مكوّنات نفسه العظيمة العامرة بالإيمان والمثل العليا ، وقد توسّم فيه أنه سيكون بطلاً من أبطال الإسلام ، وسيسجّل للمسلمين صفحات مشرقة من العزّة والكرامة.
كان الإمام أمير المؤمنين يوسع العباس تقبيلاً ، وقد احتلّ عواطفه وقلبه ، ويقول المؤرّخون : إنّه أجلسه في حجره فشمّر العبّاس عن
ساعديه ، فجعل الإمام يقبّلهما ، وهو غارق في البكاء ، فبهرت أمّ البنين ، وراحت تقول للإمام :
« ما يبكيك ؟ »
فأجابها الإمام بصوت خافت حزين النبرات:
« نظرت إلى هذين الكفّين ، وتذكّرت ما يجري عليهما .. »
وسارعت أمّ البنين بلهفة قائلة :
« ماذا يجري عليهما » ..
فأجابها الإمام بنبرات مليئة بالأسى والحزن قائلاً :
« إنّهما يقطعان من الزند .. »
وكانت هذه الكلمات كصاعقة على أمّ البنين ، فقد ذاب قلبها ، وسارعت وهي مذهولة قائلة :
« لماذا يقطعان » ..
وأخبرها الإمام بأنّهما انّما يقطعان في نصرة الإسلام والذبّ عن أخيه حامي شريعة الله ريحانة رسول الله ، فأجهشت أمّ البنين في البكاء ، وشاركنها من كان معها من النساء لوعتها وحزنها .
وخلدت أمّ البنين إلى الصبر ، وحمدت الله تعالى في أن يكون ولدها فداءً لسبط رسول الله وريحانته.
آخر تعديل بواسطة منتظرة المهدي ، 05-Jul-2011 الساعة 06:52 PM.