اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .
فاطمة وعلاقتها بالتوحيد
توجد عدة أدلة وشواهد تدل بالدلالة المطابقية أو الالتزامية على أن فاطمة الزهراء لها ارتباط وثيق بتوحيد الله ، وعلى ضوء هذه الادلة والشواهد التي سنقدمها بين يدي القاريء العزيز يتبين لنا أن لمعرفة فاطمة دور كبير في عقيدة الفرد المؤمن ، وأما أثبات هذا الارتباط وكيفية ثبوته تصميم التوحيد فهذا ما يتوقف معرفته وثبوته على مقدمات نرى من الضرورة فيما نحن فيه التذكير بها والتمعن في مدلولاتها لكي نصل وعلى ضوءها ـ أي المقدمات ـ الى اثبات هذا الأمر . أما نوعية هذا الادلة والشواهد فتارة تكون عبارة عن نص ورد في حديث أو ورد في زيارة لأئمة أهل البيت أو من خلال فقرة معينة من الاحاديث التي تروي لنا ، ادعيتهم ، وعلى هذا الحال تكون هذه الادلة مبثوثة وموزعة على كتب الادعية والزيارات والأحاديث الشريفة لأهل البيت العصمة .
وعلى هذا الأساس نجد أول الادلة التي نستطيع اثبات ارتباط فاطمة بصميم التوحيد ما ورد في زيارة ائمة أهل البيت بالزيارة المعروفة بالجامعة الكبيرة والمروي سند معتبر عن الإمام علي الهادي حيث تطالعنا هذه الزيارة بالفقرة التالية « من أراد الله بدأ بكم ، ومن وحدّه قبل عنكم حيث ورد في تفسير هذه الفقرة أنه من لم يوحد الله لم يقبل عنكم أو بالعكس من لم يقبل عنكم لم يوحد الله تعالى فهو على ذلك يكون من المشركني لأن معرفة الله تعالى حق المعرفة مشروط و على ما ورد في الروايات الشريفة على معرفة شروط هذه المعرفة ومن شروط هذه المعرفة هو القبول عن أهل البيت في كل ما يقولونه من المعارف الربانية الحقة وفي كل ما يقولونه من الحق فهم حجج الله على الخلق ، فالراد عليهم كالراد على الرسول وعلى الله تعالى ، هذا البيان يظهر لنا ان معرفة مراتب التوحيد متوقف على المعارف الرانية التي جاء بها أهل البيت في بيان معنى التوحيد والقبول عنهم في كل شيء يقولون به ، فانه من عرفهم فقد عرف الله تعالى لانهم هم الادلاء عليه وعلى مرضاته وكل ما ثبت للائمة فهو ثابت للزهراء فهي مشتركة معهم في كونها نورانية وكونها الصراط المستقيم وكذلك كونها الكلمات التي تلقاها آدم لتوبته واشتراكها في المباهلة معهم وأيضاً اشتراكها في كونهم الشجرة الطيبة ونزول الملاكة عليهم في ليلة القدر واشتراكها معهم في بدء خلقها معهم قبل خلق آدم وعرض ولايتهم على الاشياء ... الخ .
والاهم من هذا كله هو كونها الحجة على الأئمة وعلى معرفتها دارت القرون الاولى وما تكاملت نبوة نبي من الأنبياء حتى أقر بفضلها ومحبتها وعلى هذا الاساس تكون كل من يقبل عنها الحق فهو من الموحدين وكل ما صدر منها لابد من الإيمان به وإلاّ الراد عليها كالراد على الله ورسوله . وعليه تكون فاطمة مر تبطة بتوحيد الله تعالى ونعني بذلك أنه لابد من الإيمان بها والتصديق بكل ما صدر منها انه الحق وان توحيد أي مسلم أو مؤمن لا يكتمل حتى يقر بفضلها ومحبتها وولايتها ، فيكون على هذا الأساس كل من رد عليها ولم يقبل منها الحق فهو مشرك أو منافق فهي اذن لها ارتباط بالاصل الأول من اصول الدين وهو التوحيد وهذا ثابت لها وللائمة من ولدها وهذا ما وجدناه في قول الإمام الحسين عندما خرج في واقعة كربلاء حاملاً الطفل الرضيع وهو ينادي : هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله ؟ هل من موحد يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا ؟
ومحل الشاهد هو هل من موحد يخاف الله فينا ، فالذي يكون موحداً لابد ان يخاف الله في كل شيء ويقف عند حدوده التي أمرنا بالوقوف عندها ، فانه من ملازمات التوحيد مخافة الله تعالى في عدم أذية الناس وخلق الله تعالى والذي
لا يخاف الله تعالى فهو ليس موحد فالذين ظلموا آل محمد وسلم لم يكونوا موحدين لانهم لم يخافوا الله تعالى في خلقه الذين خلقهم قبل كل شيء فما بالك ، فيهم حيث كانوا من الذي استخلصهم واصطفاهم الله تبارك وتعالى على الخلق فيكون من باب الاولوية انه كل من ظلمهم كان من المشركين وكل من رد عليهم فقد أشرك بالله تعالى من حيث لا يعلم لأنّ الله تعالى أمر الخلق بالاخذ عنهم والتسليم لهم وان الراد علهيم راد على الله والراد على الله مشرك وقد أخبر الله تعالى عن حكم من أشرك فيهم حيث يقول الله تعالى في كتابه ( ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ثم لم تكن فتنتهم إلاّ ان قالوا والله ربنا ماكنّا مشركين ) . يعني ما وضعوا أصناماً ظاهرة يعبدونهم م دون الله ويصلون لهم ولكنهم أتخذوا رجالا م دون ولي الله و حجة الله فأمرهم بخلاف ما أمر الله فأطاعوهم في خلاف أمر الله فعبدوهم من حديث لا يعلمون فرد عليه سبحانه فقال أنظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ، وقال الإمام الصادق حكاية عنهم هيهات فات قوم وماتوا قبل ان يهتدوا وظنوا انهم آمنوا واشركوا من حيث لا يعلمون .
إذن لا يعرف الله احد من الخلق حق معرفته حتى يأتي بالشروط التي تتوقف عليها المعرفة وهذه الشروط كلها معرفتهم بما فيهم فاطمة الزهراء التي هي قطب الرحى التي تدور عليها معرفة أهل البيت وكما وصفت لك وفسرت فاذا كان كذلك فكيف لا يقبل عنهم أي فرد ، وقد قبل عنهم لانه قبل العلم والمعرفة والتوحيد عنهم ولو لم يقبل لم يعلم ولم يعرف اذ لا يكون ذلك منه غيرهم علهم السلام ، وعلى هذا كانت فاطمة من هذه الجهة ومن خلال فقرة الزيارة الجامعة الكبيرة مرتبط بصميم التوحيد وهذا لا يظهر إلاّ لمن تمعن وتفحص ودقق في مأثورات أهل البيت فأفهم تغنم أنشاء الله .
اما ثاني الادلة التي نستطيع من خلالها الورود في مسألة ارتباط فاطمة بصميم التوحيد فهو ماجاءت وتظافرت به الروايات الشريفة عن رسول الله وسلم ، وهذه الروايات تنقسم فيما نحن فيه الى أربعة طوائف :
1 ـ الطائفة الاولى : اذاها هو أذى الله تبارك وتعالى .
2 ـ الطائفة الثانية : رضاها هو رضى الله تبارك وتعالى .
3 ـ الطائفة الثالثة : حبها هو حب الله تبارك وتعالى .
4 ـ الطائفة الرابعة : غضبها هو غضب الله تبارك وتعالى .
ونستفيد من خلال التأمل والتمعن في مدلولات هذه الروايات أنه لا معنى لارتباط أذية ورضى فاطمة وغضبها بالله تعالى اذا لم تكن معصومة بالعصمة المطلقة ، فالله تبارك وتعالى جعلها معبرة عن غضبه ورضاه لكونها معصومة بالعصمة المطلقة الذاتية وإلاّ فان هكذا قول يكون في غاية الوهن والعبث وعدم الحكمة . فالله تبارك وتعالى جعل فاطمة المعبره عن غضبه ورضاه وعلى لسان نبيه الاكرم محمد وسلم وهذا يدل على انها معصمومة ولا تفعل إلاّ برضا الله تبارك وتعالى . وعلى كل حال فان جميع الروايات المروية عن لسان النبي وسلم جاءت لتؤكد هذه الحقيقة وهي كون فاطمة لها ارتباط بالله تعالى وتوحيده سواء كان هذا الارتباط تارة يأتي على هيئة غضب الله أو رضاه أو على هيئة حب الله تبارك وتعالى أو أذاه . وإليك بعض النصوص التي بينت هذه الطوائف الأربعة من الروايات :
* جاء في تفسير قوله تعالى ( ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً ) أنها نزلت في غصب حق أمير المؤمنين ، وأخذ حق فاطمة « أذاها » ، قد قال النبي وسلم : من آذاها في حياتي كمن آذاها بعد موتي ، ومن آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي ، ومن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله وهو قول الله عزوجل : ( ان الذين يؤذون الله ورسوله ) .
أقول : يظهر من هذا الآية ان الله تبارك وتعالى يتأذى من فعل بعض القوم ومن المعلوم ان الله لا تصل إليه اذية أي بشر بالمعنى وانما جعل بعض المؤمنين والذين هم أهل بيت النبوة مظهر من مظاهر أذيته اذا تؤذوا هم ، وهذا نص صريح في كونهم مر تبطين بالله ، فالغضب الإلهي يتجلّى في غضبهم كما أنّ غضبهم مرآة غضب الله ، وكذلك الحال في الرضا .
* وجاء عن النبي وسلم انه قال : « ان فاطمة بضعة مني ... وان الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها » .
* وورد عن تفسير الثعلبي باسناده عن مجاهد قال : خرج رسول الله وسلم صلى الله عليه وآل وسلم وقد أخذ بيد فاطمة وقال :
« من عرف فاطمة فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد وهي بضعة مني وهي قلبي الذي بين جنبي ، فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله » .
* وروي عن الإمام الصادق عن النبي وسلم انه قال :
« يا فاطمة ، ان الله ليغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك » .
وهذا الحديث يعتبر من أهم الاحاديث التي رواها العامة الخاصة ولقد وجدنا لهذا الحديث عدة أسانيد مختلفة سواء عن النبي وسلم مباشرة أو عن ائمة الهدى فتارة يكون الحديث عن الإمام الحسين واخرى عن الصادق والباقر أو عن الإمام زين العابدين وهكذا نجده بأسانيد مختلفه ولكن المحتوى واحد والمضمون لا يختلف وهو ان الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها .
* وروي عن الإمام الصادق هذا الحديث حيث قال جده النبي وسلم « يا فاطمة ، ان الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك » ، وقد أثار هذا الحديث بعض الشباب الذين كانوا في زمن الإمام ومنهم صندل الذي جاء إليه وقال له : يا ابا عبدالله ان هؤلاء الشباب يجيئونا بأحاديث منكره .
فقال : له جعفر : وما ذاك يا صندل ؟
قال : جاء عنك ، انك حدثتهم ان الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها !
قال : فقال جعفر : يا صندل ، ألستم رويتم فيما تروون : أن الله تبارك وتعالى يغضب لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه ؟! قال : بلى
قال : فما تنكرون ان تكون فاطمة مؤمنة يغضب لغضبها ، ويرضى لرضها ؟!. قال : فقال : « الله أعلم حيث يجعل رسالته » .
ويظهر من هذا الحديث ان مسألة انكار أحاديث أهل البيت في قضية فاطمة الزهراء وان رضاها رضا الله ورسوله كانت موجودة من زمن الأئمة ، وكذلك توجد نقطة مهمة ونكتة خافية وهي ان الرسول انما تحدث بهذه الاحاديث في فاطمة ليؤكد على مسألة مهمة وهو ان فاطمة سوف تظلم وتؤذى من بعده ، لذا سوف ترضى عن بعض المسلمين وتغضب على البعض الاخر فلذلك أعطى الرسول الاعظم محمد وسلم ضابطة كلية في مسألة تقييم بعض الشخصيات في زمن فاطمة ألا وهي ضابطة الرضا والغضب بالنسبة لفاطمة ، فكأنما يشير غلى ما سيجري عليها من الظلم من بعده .
اذن تبين لنا من خلال تفسير الآية المباركة ( ان الذين يؤذون الله ... ) وبيان بعض الاحاديث الشريفة حول رضا فاطمة وغضبها وانها مقرون برضا الله وغضبه ، انها مرتبطة بصميم التوحيد وهنا يرد هذا السؤال المهم في ما نحن فيه ألا وهو ما الثمرة من هذا الارتباط ؟ أن بعبارة أخرى ما الفائدة فى ارتباط غضب فاطمة ورضاها بالله تعالى ؟
والجواب يظهر من خلال متابعة القرآن الكريم والاحاديث التي وردت خلال الكتب المعتبرة والذي نراه وحسب فهمنا القاصر ان بعض الثمرات هي :
1 ـ أن كل من آذى فاطمة فقد آذى الله ورسوله لذا سوف يستحق اللغنة بنص القرآن الكريم ( ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله ... ) هذا في الدنيا .
2 ـ اعداد العذاب الالهي للذين يؤذون الله تعالى في ذرية رسوله ( واعد لهم عذاباً مهينا ) .
3 ـ ونستفيد من بعض الروايات ان الله تعالى ليغضب لغضب المؤمن فكيف بإبنة رسول الله وسلم ؟
4 ـ اعطاء ضابطة مهمة من الناحية التأريخية وهي كل من ثبتت أذيته لفاطمة في حياتها لابد من لعنه والبراءة منه وكل من سار على منوال الظالمين للزهراء في حقها ورضايتهم على فعل الظالمين فهم مع الظالمين يجب لعنهم في الدنيا والبراءة منهم وكثيرة هي الثمرات في هذا الارتباط وفي الذي سردناه لك كفاية لمن يرجوا الوصول الى حقيقة الامور .