اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
* عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله : بي أنذرتم ، وبعلي بن أبي طالب اهتديتم . وقرأ : * ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) وبالحسن أعطيتم الإحسان ، وبالحسين تسعدون ، وبه تشقون . ألا إن الحسين باب من أبواب الجنة ، من عانده حرم الله عليه ريح الجنة ( 4 )
فلكي نسعد بالحسين . . تعالوا نقف متأملين خاشعين أمام الأخلاق الحسينية ، وتعالوا نمض مع الإمام الحسين في أخلاقه النبوية .
الموعظة الحسينية قد يتساءل مستغرب : ما العلاقة بين المواعظ الحسينية والأخلاق ؟ ! أليست المواعظ والحكم تدرج في حقل العلوم والمعارف ؟ الجواب : نعم ، هي كذلك تدرج في العلوم والمعارف ، ولكن نتساءل نحن في المقابل : أليست السنة النبوية المطهرة قد امتدت بأمر الله سبحانه وتعالى وحكمته ومشيئته في سنة أهل بيته ؟ أليست السنة النبوية على ثلاث صور : 1 - فعل النبي ، و 2 - قوله ، و 3 - تقريره ؟ ألم يكن للنبي في هذه الصور الثلاث توجيهات أخلاقية للأمة ؟ حيث صدرت منه أفعال في مكارم الأخلاق ، وأقوال في محاسن الأخلاق ، وإقرار وتبريك وتشجيع لمن صدر منه خلق طيب ، أو بانت منه صفة أخلاقية حميدة .
فالمصطفى الأكرم وسلم كان كريما ، وكان يدعو إلى الكرم ويشوق إليه مبينا فضائله ، ورذائل البخل ، ويوم جئ بالأسارى إليه أمر عليا بضرب أعناقهم إذ كانوا قد حاربوه وقتلوا المؤمنين ، ثم أمره بإفراد واحد من الأسرى المشركين لا يقتله ، فقال الرجل : لم أفردتني من أصحابي والجناية واحدة ؟ فأجابه قائلا : إن الله تبارك وتعالى أوحى إلي أنك سخي قومك ، ولا أقتلك . فقال الرجل : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله . قال : فقاده سخاؤه إلى الجنة ( 1 )
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
4 - القطرة ، من بحار مناقب النبي والعترة / للسيد أحمد المستنبط 1 : 44 / ح 34
1 - الإختصاص / للشيخ المفيد : 253 .
.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي
* وجاء عن الإمام محمد الباقر أنه : أتي النبي بأسارى فأمر بقتلهم ، وخلى رجلا من بينهم . فقال الرجل : كيف أطلقت عني من بينهم ؟ فقال : أخبرني جبرئيل عن الله جل جلاله أن فيك خمس خصال يحبها الله ورسوله : الغيرة الشديدة على حرمك ، والسخاء ، وحسن الخلق ، وصدق اللسان ، والشجاعة . فلما سمعها الرجل أسلم وحسن إسلامه ، وقاتل مع رسول الله قتالا شديدا حتى استشهد ( 2 )
* ورأى النبي وسلم أبا أيوب الأنصاري رضوان الله عليه يلتقط نثارة المائدة ، فقال وسلم : بورك لك ، وبورك عليك ، وبورك فيك ( 3 ) . فدعا له لأنه عمل مستحبا ، وكان منه التواضع واحترام نعمة الله عز وجل . وأهل البيت سلام الله عليهم كانوا يباركون لمن تصدر منه بادرة أخلاقية إيمانية . . فيوم عاشوراء التفت أبو ثمامة الصائدي إلى الشمس قد زالت - أي حل وقت الظهر - فقال للحسين : نفسي لك الفداء ، إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ، لا والله لا تقتل حتى أقتل دونك ، وأحب أن ألقى الله وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها . فرفع الحسين سلام الله عليه رأسه إلى السماء وقال : ذكرت الصلاة ، جعلك الله من المصلين الذاكرين ، نعم هذا أول وقتها ، سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي ( 1 ) . فدعا له لأنه ذكر الصلاة في أول وقتها ، اعتناء بها ، واهتماما بطاعة الله عز وجل كما يحب ، ومما يحبه سبحانه الصلاة في أول وقتها .
فالتشجيع على الواجبات والمستحبات والفضائل هو من الأخلاق الحميدة ، لأنه سبب لأن تسود السنن الشريفة ، والأخلاق الكريمة . ولا يفوتنا أن نقول : إن الإمامة هي الامتداد الإلهي والشرعي للنبوة ، وبما أن السنة النبوية سنة مطهرة معصومة ، كذلك سنة الأئمة الأطياب . فالأخلاق عندهم تظهر مرة في صورة فعل ، ومرة أخرى في صورة وعظ وإرشاد ، ومرة ثالثة في صورة تقرير . ثم لا ينبغي أن يفوتنا أن الوعظ هو قول ، والقول هو من العمل ، فكما يكون الاعتداء على المؤمن البرئ بالضرب حراما ، كذلك شتمه بالقول حرام ، وكما يكون الدرهم والدينار صدقة ، كذلك الكلمة الطيبة صدقة ، وكما تكون الغلات والأموال زكاة ، كذلك العفو ، فقد جاء عن الإمام علي أنه قال : العفو زكاة القدرة ( 2 ) .
وقد قال رسول الله وسلم يوما لأصحابه : أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم . قيل : يا رسول الله ! وما أبو ضمضم ؟ قال : رجل ممن قبلكم كان إذا أصبح يقول : اللهم إني تصدقت بعرضي على الناس عامة ( 1 ) ، فيكون عفوه عن إساءات الناس صدقة له عليهم .
ومن هنا نفهم أن القول هو من الفعل ، وإلا لما حرم الله تعالى الغيبة والنميمة والكذب والبذاء . . وهي أقوال ، ولما قال النبي الهادي : إن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه ( 2 ) ، ولما قال أيضا : من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه ، وحضر عذابه ( 3 ) . إذن : فإن الكرم والغيرة والعفو من الأخلاق ، إذ هي أفعال ومواقف ، والدعوة إليها باللسان والتشويق لها والتشجيع عليها كذلك من الأخلاق .
2 - الخصال / للشيخ الصدوق : 282
3 - مكارم الأخلاق : 146
1 - مقتل الحسين / للخوارزمي 2 : 17
2 - معاني الأخبار / للشيخ الصدوق
1 - مصباح الشريعة / للإمام جعفر الصادق - الباب 70 في العفو : 158
2 - معاني الأخبار / للشيخ الصدوق : 334
3 - أصول الكافي 2 : 115 .