عضو
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
التأثر بالعزاء الحسيني / بقلم الموالي لسيد المعالي .
بتاريخ : 07-Jan-2010 الساعة : 12:54 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
التأثر بالعزاء الحسيني
خاص/بقلم : الموالي لسيد المعالي
الجمعة 8/محرم/1431هـ
ورد عن الإمام الصادق : (أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا) و قال لأحد أصحابه في مجالس العزاء على الإمام الحسين : (يا فضيل أتجلسون و تتحدثون؟ قال : نعم جعلت فداك , قال الإمام : إني أحب تلك المجالس، فأحيوا أمرنا يا فضيل ، فرحم الله من أحيا أمرنا) و قال : (أن تلك المجالس أحبها) .
و مثلها من الروايات الكثير عن الإمام الرضا و المعصومين , فنجد في هذه الروايات و غيرها الحث و التأكيد على إحياء أمر الإمام الحسين و إقامة مجالس العزاء على مصابه , و لكن السؤال هنا : هل المراد و المطلوب هو إحياء و إقامة هذه المجالس فقط ؟ أو الإحياء المقترن بالتأثر بهذا الإحياء ؟ !
و حول جواب هذين السؤالين سيدور حديث مقالي ان شاء الله تعالى .
المراد بالعزاء الذي هو محل الحديث و الاهتمام , ما يتعارف لدينا "باللطم على الصدور أو الرؤوس " فلا يكاد يخلوا مجلس من مجالس أيام عاشوراء من مراسم اللطم على الصدور , و نقاشنا و حديثنا سيدور حول الأثر الناتج و المترتب و المرجو من العزاء (اللطم) فهل للعزاء و اللطم أثر و نتاج أو انه فقط عادة اعتادها محبوا الإمام في مراسم عزائه , بالتأكيد انه ليس عاده , بل له الأثر الواضح و النتاج الجلي , فهذا العزاء الحسيني هو عزاء مقدس . أرى – وقد يحتمل رأيي الخطأ و الصواب – أن للعزاء نوعين من الآثار :
الأول : الآثار المادية , و هي الآثار التي تظهر و ترى على الجسد .
الثاني : الآثار المعنوية , و هي ما يؤثر على النفس و الروح .
فأما الأول : فهو ما يتركه العزاء من آثار مادية , ترى بوضوح على جسد المعزي , كاحمرار الكفين و الصدر , و تورم الوجه , و تقرح العيون , و خفاء الصوت ... و غيرها من آثار .
فهذا الأثر الظاهر على الجسد و الناتج عن العزاء هو مواساة لآل البيت , و إظهاراً للجزع على مصابهم , كما ورد عنهم كراهة الجزع إلا على الإمام الحسين فهو مستحب , (قال الإمام الصادق -- كل الجزع والبكاء مكروه ، سوى الجزع والبكاء على الحسين) , و هذا "أي الأثر الجسدي" ما نجده عند معظم المعزين أن لم يكن كلهم .
و لهذا التأثير المادي الجسدي الأجر و الثواب الجزيل ان شاء الله كما ورد في الروايات لما فيه من مواساة أهل البيت و إحياءً لأمرهم و إظهاراً لما جرى عليهم و جاء عنهم في من توجع على مصابهم : (إن الموجوع قلبه لنا ليفرح عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض) كما ورد عن الإمام الصدق : (نفس المهموم لظلمنا تسبيح ) .
, و لكن هذا الأثر الجسدي سرعان ما يزول بعد ساعات أو أيام بعد العزاء , فيبقى أجره و ينتهي أثره, فهل هذا هو المطلوب فقط من التأثر بالعزاء ؟!
و لكي نعرف جواب هذا السؤال , نسرد الحديث في الأثر الثاني و هو : الأثر المعنوي النفسي , و هو : ما يتركه العزاء في نفس المعزي من آثار نفسية و روحية و إيمانية , فالتأثر بالعزاء ينبغي أن يتمثل بتهذيب النفس و ترويضها للطاعات , و مجاهدتها على ترك المعاصي , فالعزاء بحد ذاته هو صرخة في وجه الظلم و الطغيان و المنكر , صرخة نهي في وجه الفاسقين التائهين في ظلمات الذنوب , فالحسين لم يخرج (إلا لطلب الإصلاح في أمت جدي) كما قال , فعزائنا ينبغي ان ينحو هذا المنحى و هو الإصلاح , و علينا أن نبدأ بإصلاح أنفسنا في المقام الأول .
فالعزاء إذاً هو مهذب للنفس و بالتالي صلاحها , و إذا أراد الشخص معرفة مدى تأثره بالعزاء الحسيني المقدس من الناحية المعنوية الروحية عليه ان يراقب قلبه هل تجرد من الأمراض الروحية و القلبية من حسد و بغض و كراهية و أنانية و كبر و سوء ظن ... عليه أن ينظر في سلوكه بعد أيام عاشوراء هل تغير إلى الطاعة و القرب من الله تعالى , و أزداد في يقينه و اعتقاده , يرى مدى اجتهاده في العمل الصالح و التقوى و الإحسان ... أو أنها بقيت على ما هي عليه من جفاء العبادة و لزوم المعصية , لا تسوءه معصية و لا ينكرها , و لا تسره طاعة فيرغب بها .
فالنفس بقدر تأثرها معنوياً بالعزاء , تغير حسن حالها تبعاً لذلك المقدار من الأثر .
فإحياء ذكر أهل البيت لا لأجل البكاء و العزاء فقط و ان كان ذلك مطلوباً فعلاً , و لكن ما يندرج تحت ذلك و ما ينمي هذا الأحياء هو التأثر نفسياً بذكرهم و إقامة العزاء عليهم .
فنرى الكثير ممن لحق ركب سفينة أهل البيت من باب الشعائر الحسينية و تأثره بها تأثراً روحياً و إيمانياً .
أذكر هنا كلمة لآية الله السيد الشيرازي يقول فيها : (الغدير و عاشوراء ركنا الشيع) , نعم فالغدير بما تحمله هذه الواقعة من أمر عقائدي و أصل و مرتكز من أصول وركائز المذهب و هو الإمامة , بقدر ما تحمله عاشوراء من عطاء معنوي في إبقاء هذا الأصل و الدين في حفظ و أيدٍ أمينة , كما قيل : (الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء) فالغدير هو الأصل و المرتكز و عاشوراء هي الحامي و الحافظ لهذا الأصل و المرتكز , فقول الإمام الحسن : (كل يوم عاشوراء و كل أرض كربلاء) هو واقعاً حقاً , فكل ما لدينا من عقائد الدين الحنيف و محاسن و مكارم أخلاق القرآن الكريم و معارف و علوم أهل بيت النبوة قد جاءنا امتدادا من كربلاء في يوم عاشوراء بدم الحسين حين ملئ الكون بأسره صارخاً :
(أن كان دين محمداً لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني) .
مصدر الأحاديث : الطريق إلى منبر الحسين لنيل سعادة الدارين – عبد الوهاب الكاشي – الجزء الأول
دمتم في حفظ الرحمن
|