صفحة :   

هذه هي آراؤهم!!:

1 ـ قال ابن الأثير وأبو هلال العسكري:

كان أبو ذر يذهب إلى أن المسلم لا ينبغي أن يكون له في ملكه أكثر من قوت يومه وليلته، أو شيء ينفقه في سبيل الله، أو يعده لغريم. ويأخذ بظاهر القرآن:

﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ([1])، فكان يقوم بالشام ، ويقول:

يا معشر الأغنياء والفقراء، بشر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاوٍ من نار، تكوي بها جباههم، وجنوبهم، وظهورهم. فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك وأوجبوه على الأغنياء، وشكى الأغنياء ما يلقون منه.

فأرسل إليه معاوية  بألف دينار في جنح الليل، فأنفقها، فلما صلى معاوية الصبح دعا رسوله الذي أرسله إليه، فقال: إذهب إلى أبي ذر فقل له: انقذ جسدي من عذاب معاوية ، فإنه أرسلني إلى غيرك، وإني أخطأت بك، ففعل ذلك.

فقال له أبو ذر : يا بني، قل له: والله ما أصبح عندنا من دنانيرك دينار، ولكن أخرنا ثلاثة أيام حتى نجمعها.

فلما رأى معاوية بأن فعله يصدق قوله، كتب إلى عثمان الخ..([2]).

2 ـ رأي ابن كثير:

قال ابن كثير: قلت: كان من مذهب أبي ذر «رحمه الله» تحريم ادخار ما زاد على نفقة العيال.

وكان يفتي بذلك، ويحثهم عليه، ويأمرهم به، ويغلظ في خلافه.

فنهاه معاوية ؛ فخشي أن يضر بالناس في هذا، فكتب يشكوه إلى أمير المؤمنين عثمان ، وأن يأخذه إليه؛ فاستقدمه عثمان إلى المدينة، وأنزله بالربذة، وحده، وبها مات «رحمه الله» في خلافة عثمان ([3]).

وقال في أبي ذر : إنه كان ينكر على من يقتني مالاً من الأغنياء، ويمنع ان يدخر فوق القوت، ويوجب أن يتصدق بالفضل، ويتأول قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ([4])، فينهاه معاوية عن إشاعة ذلك، فلا يمتنع، فبعث يشكوه الخ..([5]).

3 ـ الشوكاني:

قال الشوكاني: «..واختلف أهل العلم في المال الذي أديت زكاته: هل يسمى كنزاً؟! أم لا؟!

فقال قوم: هو كنز.

وقال آخرون: ليس بكنز.

ومن القائلين بالأول: أبو ذر ، وقيده بما فضل عن الحاجة»([6]).

4 ـ الآلوسي:

كما أن الآلوسي «..أخذ بظاهر الآية فأوجب إنفاق جميع المال، والفاضل عن الحاجة أبو ذر «رحمه الله»، وجرى لذلك بينه وبين معاوية في الشام ما شكاه إلى عثمان  في المدينة، فاستدعاه فرآه مصراً الخ..»([7]).

5 ـ لجنة الفتوى بالأزهر:

وقالت لجنة الفتوى، بالأزهر: «.. وذهب أبو ذر الغفاري «رحمه الله» إلى أنه يجب على كل شخص أن يدفع ما فضل عن حاجته من مال مجموع ما عنده في سبيل الله، أي في سبيل البر والخير، وأنه يحرم ادخار ما زاد عن حاجته، ونفقة عياله.

إلى أن تقول: والحق أن هذا مذهب غريب من صحابي جليل كأبي ذر، وذلك لبعده عن مبادئ الإسلام، وعما هو الحق الظاهر الواضح، ولذلك استنكره الناس في زمنه واستغربوه»([8]).

والظاهر: أن مرادهم بالناس هو الهيئة الحاكمة، فإن الصحابة كانوا معه.

6 ـ جبران ملكوت:

وقريب من ذلك ما قاله الكاتب المسيحي جبران ملكوت في مقال له في جريدة الأخبار العراقية عدد 2503 سنة 1368.

7 ـ الرصافي:

قال الرصافي شاعر العراق:

إنما الحـق مذهـب الإشـتراكـيـة                                             فــيـــما يخــتــص في الأمــــوال

مـذهـب قـد نـحى إليـه أبـو ذر                                                قـــديــماً، في غــابــر الأجــيـال

8 ـ أحمد أمين:

كما أحمد أمين: بعد أن ذكر رواية الطبري قال: «فترى من هذا أن رأيه قريب جداً من رأي مزدك في الأموال..».

ثم ذكر: أنه تلقاه من ابن سبأ اليهودي، ثم قال: «..فمن المحتمل القريب: أن يكون قد تلقى هذه الفكرة من مزدكية العراق أو اليمن، واعتنقها أبو ذر ، حسن النية في اعتقادها، وصبغها بصبغة الزهد التي كانت تجنح إليها نفسه الخ..»([9]).

9 ـ آخرون:

وقد أشار العلامة الأميني في الغدير([10]) إلى ما ذكره الخضري في محاضراته([11]).

وعبد الحميد العبادي في كتابه([12])، تحت عنوان: أبو ذر الغفاري..

ومحمد أحمد جاد المولى في كتاب: إنصاف عثمان ([13]).

وصادق إبراهيم عرجون في: عثمان بن عفان([14]).

وعبد الوهاب النجار في: الخلفاء الراشدون([15]).

10 ـ الغضبان:

وقد حاول منير الغضبان في كتابه: «أبو ذر الغفاري: الزاهد المجاهد» أن يظهر أنه لم يكن هناك خلاف بين أبي ذر وعثمان بل كانا على تمام الوفاق والإنسجام.

وأن كلاً منهما كان يعظم الآخر ويجله، ولم يحصل بينهما أية كدورة ومشاجرة وأن عثمان لم ينف أبا ذر إلى الشام ، ولا إلى الربذة، وإنما كان أبو ذر ينصح الناس بالزهد بالدنيا لا أكثر ولا أقل.

وأنه لم يكن ثمة فقراء يخاف من ثورتهم ضد الهيئة الحاكمة، إلى آخر ما هنالك من أمور يذكرها تخالف ضرورة التاريخ([16]).

11 ـ العلامة الطباطبائي:

يقول العلامة الطباطبائي «رحمه الله»: «فالآية ناظرة إلى الكنز الذي يصاحبه الإمتناع عن الإنفاق في الحقوق المالية الواجبة، لا بمعنى الزكاة الواجبة فقط، بل بمعنى يعمها وغيرها من كل ما يقوم عليه ضرورة المجتمع الديني، من الجهاد، وحفظ النفوس من الهلكة، ونحو ذلك».

وقال: «فالآية إنما تنهى عن الكنز لهذه الخصيصة، التي هي إيثار الكانز نفسه بالمال من غير حاجة إليه على سبيل الله، مع قيام الحاجة إليه»([17]).

وقال: «وقصص أبي ذر واختلافه مع عثمان ومعاوية معروفة، مضبوطة في كتب التاريخ، والتدبر فيما مر من أحاديثه وما قاله لمعاوية: إن الآية لا تخصص بأهل الكتاب، وما خاطب به عثمان ، وواجه به كعباً» يدل: على أنه إنما فهم من الآية ما قدمناه: أنها توُعِد على الكف عن الإنفاق في السبيل الواجب([18]).

 

([1]) الآية 34 من سورة التوبة.

([2]) الكامل في التاريخ ج3 ص115 وليراجع: الأوائل ج1 ص276 ـ 277. وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج66 ص199 وسير أعلام النبلاء ج2 ص69 وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص1040.

([3]) تفسير القرآن العظيم ج2 ص352 و (ط دار المعرفة) ج2 ص366 والغدير ج8 ص362.

([4]) الآية 34 من سورة التوبة.

([5]) البداية والنهاية ج7 ص155 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج7 ص157 والغدير ج8 ص331 ونظرة في كتاب البداية والنهاية ص114.

([6]) فتح القدير ج2 ص356 وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج8 ص125.

([7]) تفسير الآلوسي ج10 ص87 والغدير ج8 ص367 عنه.

([8]) الغدير ج8 ص362 عن مجلة الوقت المصرية الصادرة سنة 1367 عدد 1.

([9]) راجع: فجر الإسلام ص110 و 111.

([10]) راجع: الغدير ج8 ص380.

([11]) راجع: محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية ج2 ص36 و 37.

([12]) راجع: صور من التاريخ الإسلامي ص109.

([13]) راجع: إنصاف عثمان ص41 و 45.

([14]) راجع: عثمان بن عفان ص35.

([15]) راجع: الخلفاء الراشدون ص317.

([16]) راجع كتاب: أبو ذر XE "أبو ذر"  الغفاري: الزاهد المجاهد.

([17]) الميزان ج9 ص251 و 258.

([18]) الميزان ج9 ص251 و 258.

   
 
 

موقع الميزان