والحقيقة:
هي أن ما نسب إلى أبي ذر
، من إيجابه إنفاق كل ما زاد عن الحاجة، والذي قلنا:
إنها نسبة لا تصح.. هو نفس قول ورأي عمر بن الخطاب، الذي لم يوفق إلى
تطبيقه، ومات قبل أن يخرجه إلى حيز التنفيذ. ولا ندري حقيقة دوافعه
لإتخاذ هذا القرار، إلا ان كان يريد ان يجعلهم تابعين له، من حيث أن
قوت يومهم يصبح بيده.
قال الرفاعي:
«..حرم عمر بن الخطاب على المسلمين
اقتناء
الضياع، والزراعة، لأن أرزاقهم، وأرزاق عيالهم، وما يملكون من عبيد
وموال، كل ذلك يدفعه إليهم من بيت المال؛ فما لهم إلى اقتناء المال من
حاجة..»([1]).
بل لقد ورد عنه بسند وصفه ابن حزم
بأنه:
في غاية الصحة، والجلالة، قوله: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لأخذت
فضول أموال الأغنياء؛ فقسمتها على فقراء المهاجرين»([2]).
وليلاحظ:
تخصيصه ذلك بأولاد المهاجرين، دون أولاد الأنصار، الذين بدأ تجاهلهم
وإهمالهم، بل تفضيل غيرهم، والتجني عليهم منذ وفاة الرسول الأعظم «صلى
الله عليه وآله»، لأسباب لا تخفى، أهمها:
أ ـ
إن قريشاً كانت حانقة عليهم لما قد نالها منهم، ولما كان لهم من أثر في
الإسلام، وتصديهم مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» لها في بدر
وغيرها، أمر لم تستطع قريش رغم إظهارها الإسلام أن تنساه، أو أن تتغاضى
عنه.
2 ـ
وذنبهم الآخر مناصرتهم
وميلهم لأمير المؤمنين عليه السلام، منذ قضية السقيفة.
3 ـ
ثم هناك موقفهم في قضية سعد بن عبادة.. وغير ذلك من أمور..
([1])
عصر المأمون ج1 ص2 والغدير ج8 ص370 عنه.
([2])
المحلى لابن حزم ج6 ص158 والغدير ج8 ص370 عنه، وتاريخ الأمم
والملوك ج5 ص33 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص291.
|