آدم خلق للأرض

   

صفحة :   

آدم خلق للأرض:

ويبقى هنا سؤال: وهو أنه إذا كان الله تعالى إنما خلق النبي آدم «عليه السلام» ليكون خليفة في الأرض، فلماذا أسكنه تلك الجنة التي ليست في الأرض، مع ملاحظة: أن كلمة «اسكن» إنما تعني المكث الطويل، لا مجرد المرور العابر، أو الحلول القصير..

وقد أجاب العلامة الطباطبائي «رحمه الله» بقوله:

«قوله تعالى في صدر القصة: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾([1]) يفيد: أن آدم «عليه السلام» إنما خلق ليحيا في الأرض، ويموت فيها، وإنما أسكنهما الله الجنة لاختبارهما، ولتبدو لهما سوءاتهما، حتى يهبطا إلى الأرض»..

إلى أن قال:

«وبالجملة: فهو «عليه السلام» كان مخلوقاً ليسكن الأرض، وكان الطريق إلى الاستقرار في الأرض هذا الطريق. وهو تفضيله على الملائكة لإثبات خلافته، ثم أمرهم بالسجدة، ثم إسكان الجنة، والنهي عن قرب الشجرة المنهية حتى يأكلا منها، فتبدو لهما سوءاتهما، فيهبطا إلى الأرض.

فآخر العوامل للاستقرار في الأرض، وانتخاب الحياة الدنيوية ظهور السوأة»([2]).

ونقول:

إن هذا الكلام متين لولا أن سياقه يعطي: أنه كان لا بد لإهباط آدم «عليه السلام» إلى الأرض من سلوك هذا الطريق، وإيقاع آدم «عليه السلام» بما يشبه الفخ المنصوب له. بحيث لولا ذلك، فإنه سوف يستعصي على الهبوط، وتفشل الخطة.. وقد جاءت الوقائع وفق ما رسم لها، وأعطت النتائج المرجوة منها!!.

وهو كلام لا يمكن قبوله على هذا النحو، فإن الهبوط إلى الأرض لا ينحصر بهذه الطريقة، إذ قد كان بالإمكان أن يخلق الله تعالى آدم «عليه السلام» في الأرض مباشرة من دون حاجة إلى إسكانه الجنة، ثم ظهور السوأة بالأكل من الشجرة.


 

([1]) الآية 30 من سورة البقرة.

([2]) تفسير الميزان ج1 ص126و127.

 
   
 
 

موقع الميزان