صفحة :   

الأقرب إلى القبول:

إنه يمكن الجواب بما يلي:

أولاً: ولعله الأقرب إلى الاعتبار في مثل هذه المقامات، أن يكون الله سبحانه حين قال للملائكة: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾.. إنما أخبرهم عما أحاط به علمه سبحانه ـ وهو المحيط العالِم بكل شيء ـ وعرفهم بما يؤول إليه أمر هذا المخلوق الجديد، وأنه سينتهي به الأمر إلى الاستقرار في الأرض، والعمل على إعمارها وفق ما يرضيه سبحانه..

لكن لا على أن يكون ذلك الذي جرى له هو الطريق المقضي عليه سلوكه بصورة جبرية، بحيث لولاه لم يمكن له أن يصل إلى الأرض، بل على أساس أن ذلك قد جاء على سبيل الإخبارعن الغيب الذي سوف يحصل، من دون أن يمثل ذلك أية حتمية وجبرية يتحتم على النبي آدم أن يخضع لها، ليتحقق المقصود.

ويمكن أن يكون إسكان النبي آدم «عليه السلام» في تلك الجنة من جنان الدنيا قد جاء على سبيل التكريم والإعزاز له، أو لأجل التهيؤ للانتقال إلى المسكن الأصلي بعد حين.. لا على الطريقة التي التزم السيد الطباطبائي رحمه الله، والتي تقضي بجعل ما فعله إبليس جزءاً من خطّة لابد من إجرائها.

وقد كانت تلك الجنة التي أسكنه الله فيها، أكثر الأماكن أمناً للنبي آدم «عليه السلام» من أعدائه، بحسب ما هو معتاد، لولا ما توسل به إبليس من لطائف الحيل..

والله يعلم: أن إبليس سوف يلاحق النبي آدم في أي مكان حصل فيه، وسيسعى لحرمانه مما هو فيه، بكل ما لديه من خديعة ومكر وحيلة.

وقد يمكن الجواب أيضاً: بأن الجنة التي هبط منها هي من جنان الأرض نفسها، ولكن الله جعل لها مواصفات مميزة لا توجد في أية بقعة أخرى، وقد خلقها الله تعالى، لتكون لائقة بهذا المخلوق العظيم، ولكن بعد أن جرى ما جرى عليه، أهبطه الله إلى الأرض العادية التي لا تداني تلك في مواصفاتها وميزاتها..

أما تلك البقعة المميزة، فلا ندري ماذا صنع الله بها!! هل أبقاها على حالها؟!

أم أنه أزالها وطمسها؟! أم ماذا؟!

إن الله وحده هو العالم بذلك..

هذا.. ولا مانع من التعبير بالهبوط، إذا كان الانتقال من مكان إلى مكان، فقد قال تعالى: ﴿اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ﴾..([1]).


 

([1]) الآية 61 من سورة البقرة.

 
   
 
 

موقع الميزان