ومهما يكن من أمر،
فإن
مما يدل على أن الأكل من الشجرة لم ينشأ عن النسيان
المشار إليه بقوله:
﴿فَنَسِيَ﴾،
أن
إبليس نفسه قد ذكَّر آدم «عليه السلام» بنهي الله له،
وحدد له المنهي عنه بالإشارة الحسية، حين قال له:
﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ
هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ
الْخَالِدِينَ﴾..
فهو يقول للنبي آدم «عليه السلام»:
إن ربك نهاك، لكنه يتلاعب في بيانه لسبب النهي، ليتمكن من الوصول إلى
ما يريد..
وكل ذلك يشير إلى أن النبي آدم قد أقدم
على الأكل من الشجرة، وهو ملتفت لنهي الله له عنها. وهذا يؤيد ويؤكد أن
المقصود بالنسيان في قوله تعالى:
﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ
وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾..
هو نسيان الميثاق،
المتعلق بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، لا بعهد الربوبية
كما أسلفنا، ولا
نسيان النهي عن الشجرة.
بل إن نفس كيفية وصل هذه الآية بما بعدها يشير إلى ما
نقول، حيث قال تعالى بعدها:
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ
فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى﴾..
فإن الإتيان بالواو قد أوضح أن الكلام عن الملائكة غير متفرع على ما
قبله، ولا هو من توابعه التي ترتبط به..
ولو أنه لم يأت بالواو في قوله:
﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾..
لتغير مجرى الكلام، ولكان المراد بالنسيان هو نسيان التحذير الإلهي
للنبي آدم «عليه السلام» من إبليس، وفق ما تضمنته هذه الآية..
|