صفحة :   

إبهام.. ودقة في التحديد:

وفي قوله تعالى لآدم «عليه السلام»: ﴿وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ..

يلاحظ: أنه تعالى قد حدّد للنبي آدم المنهي عنه بواسطة اسم الإشارة، ولكنه لم يذكر له اسم الشجرة ولا صفتها، ولا حالاتها، ولا غير ذلك مما يرتبط بها.

فهو تعالى:

أ ـ من جهة قد أمعن في تحديد المنهي عنه لآدم «عليه السلام»، إلى حد التجسيد الواقعي له، ليصبح أمراً ظاهراً محسوساً، تصح الإشارة الحسية إليه، بقوله: ﴿هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾، والمعرفة الحسية هي الأقوى، والأوضح، والأصرح..

ب ـ ومن جهة أخرى أبقاه على درجة عالية من الإبهام والغموض، بسبب عدم ذكر الصفة، والاسم لتلك الشجرة، ولا بين له طبيعتها، وخصوصياتها، ومميزاتها، وغير ذلك..

وليست تلك الشجرة من الأمور البسائط، التي يكون نفس حضورها كامناً في الكشف عن حقيقتها..

كما أن الأمر بالنسبة لإبليس قد جاء على هذا النحو كما سيأتي..

وقد ادعى البعض: أن لفظة «هَذِهِ» قد جاءت لتشخيص الشجرة بكل تفاصيلها، وصفاتها..

وهو ادعاء باطل، ويخالف البديهة، لأن الإشارة الحسية تفيد حضور المشار إليه، والاطلاع على ظاهر أمره، ولا تفيد شيئاً في التعريف بباطنه وحالاته، وخصائصه غير الظاهرة، إذا لم يكن من البسائط التي تنال حقائقها بنفس التوجه إليها وإدراكها..

 
   
 
 

موقع الميزان