وقد أشير إلى هذا الأمر الأخير، وهو قدرة الجن
ـ وإبليس كان من الجن ـ
على الظهور بأي صورة أرادوا، في العديد من الروايات.
فقد روي عن الحارث الأعور قال:
بينا أمير المؤمنين «عليه السلام» يخطب على المنبر يوم
الجمعة، إذ أقبل أفعى من باب الفيل..
إلى أن تقول الرواية:
إن علياً (صلوات الله عليه): أخبرهم:
أن هذا الأفعى هو من الجن قال:
«فأتاني
في ذلك،
وتمثل في هذا المثال،
يريكم فضلي إلخ..»([1]).
فلاحظ قوله:
«وتمثل
في هذا المثال».
وفي رواية أخرى:
أن هـاتفـاً كلّم النبي،
فقال «صلى الله عليه وآله»، له:
«إظهَر
رحمك الله في صورتك.
قال سلمان:
فظهر لنا شيخ أذب، أشعر، قد لبس وجهه شعر غليظ الخ..»([2]).
وفي حديث آخر:
أنه «صلى الله عليه وآله» كان جالساً بالأبطح، وعنده جماعة من
أصحابه..
«إذ
نظرنا إلى زوبعة قد ارتفعت فأثارت الغبار، وما زالت تدنو والغبار يعلو
إلى أن وقفت بحذاء النبي «صلى الله عليه وآله»، ثم برز منها شخص كان
فيها، ثم قال: يا رسول الله..
إلى أن تقول الرواية:
فقال له النبي
«صلى الله عليه وآله»: فاكشف لنا عن وجهك حتى نراك على
هيئتك التي أنت عليها.
قال:
فكشف لنا عن صورته، فنظرنا فإذا الشخص عليه شعر كثير، فإذا رأسـه طـويل
العينين، عيناه في طول رأسه، صغير الحدقتين الخ..»([3]).
وعن الإمام الصادق «عليه السلام»:
إن إبليس لعنه الله قد طلب من ربه
أن: «لا
يولد لهم
(أي لبني آدم)
ولد إلا ولد لي اثنان، وأراهم، ولا يروني، وأتصور لهم
في كل صورة شئت»([4]).
وفي حديث آخر:
أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله» كان جالساً وعنده جني يسأله عن قضايا مشكلة،
فأقبل أمير المؤمنين، فتصاغر الجني حتى صار كالعصفور.. الخ([5]).
يضاف إلى ما تقدم حديث يقول:
إن جنية من
أهل نجران تمثلت في مثال أم كلثوم([6])
فراجع.
وأمثال ذلك كثير لا مجال لاستقصائه.. وهو يدل ما على ما
ذكرناه من قدرة الجن
ـ
وإبليس منهم
ـ
على الظهور بأية صورة
أرادوا..
([1])
الثاقب في المناقب ج2 ص248 ومدينة المعاجز ج1 ص141.
([2])
مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ج2 ص308 ومدينة المعاجز ج1
ص144/145 وحلية الأبرار ج1 ص268 والبحار ج39 ص183.
([3])
مدينة المعاجز ج1 ص148/149 وحلية الأبرار ج1 ص270 وعيون
المعجزات ص43. والبحار ج18 ص86 وج60 ص90.
([4])
تفسير الميزان ج8 ص61 عن تفسير القمي.
([5])
مشارق أنوار اليقين ص85 ومدينة المعاجز ج1 ص142 عنه..
([6])
بحار الأنوار ج42 ص88
والخرائج والجرائح ج2 ص825 و826 ومرآة العقول ج21 ص198 وج20
وراجع: المجدي في أنساب الطالبيين ص17 و18 ومدينة المعاجز ج3
ص202 والصراط المستقيم ج3 ص130
وسفينة البحار ط سنة 1414هـ ج1 ص684.
|