نعم، في هذه اللحظات بالذات شملته الرحمة الإلهية
العارمة، حتى قبل أن يتفوه «عليه السلام» بأي كلمة ـ كما هو ظاهر
السياق القرآني. وحباه جل وعلا بوسام الشرف والاستحقاق، وأعطاه جائزة
سنية قبل أن يهبطه إلى الأرض، حين أناله مقام الاجتباء الإلهي..
المتمثل بعوده عليه بالألطاف والرحمات، والمواهب الجليلة. فقد قال
تعالى:
﴿وَعَصَى
آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ
وَهَدَى * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ
عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ
هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى﴾..
والجائزة إنما تعطى للناجح
المميَّز
الذي أنجز عملاً مرضياً،
وخطيراً،
ولا تعطى لمن عصى وتمرد، أو لمن فشل وسقط في امتحان الجدارة..
وذلك كله يشير إلى:
أن لهذا العصيان الذي ذكر في الآية الكريمة: ﴿وَعَصَى
آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾..
معنى لا يتضارب مع إعطاء الجائزة على نفس هذا العصيان بالذات، وكانت
الجائزة هي الاجتباء، والاصطفاء الإلهي له «عليه السلام»..
|