واللافت:
أن الآيات
الكريمة قد
عبرت
تارة
بـ ﴿ذَاقَا﴾..
وأخرى
عبَّرت
بـ ﴿أَكَلا
مِنْهَا﴾..
وثالثة بـ ﴿أَزَلَّهُمَا
الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾..
وواضح:
أن ثمة عناية خاصة في إبراز بعض الخصوصيات من خلال هذا التنوع في
التعابير.
فهو حين يقول:
﴿ذَاقَا﴾..
فإنه يكون قد بين أن الأكل لم يكن مجرد إيصال جزء من تلك الشجرة إلى
جوف آكليه، فإن ذلك قد لا يكون هو المؤثر في سقوط الحجاب، وظهور
السوءات. بل
المؤثر
هو التفاعل مع حقيقتها، والإحساس بخصوصيتها،
من خلال تذوق طعمها..
ولذلك جاء التعبير ليعطي أن ما حصل كان اختراقاً،
وخروجاً، وتجاوزاً للحدود
المرتبطة بالشأن التكويني ﴿فَأَزَلَّهُمَا
الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾..
وقوله: ﴿فَأَزَلَّهُمَا﴾..
يشير إلى الاسترسال والجري، وفق السجية، واعتماداً على ظاهر الحال..
وإذا كانت هذه الحدود هي حدود التكوين، فإن اختراقها
وتجاوزها سوف يترك أثره التكويني،
من خلال حتمية الخضوع لنواميس الخلق والتكوين،
التي أودعها الله في الخلق والخليقة، رحمة منه تعالى بها،
ووفق
مقتضيات التدبير والحكمة البالغة.
وحين قال:
﴿أَكَلا
مِنْهَا﴾..
فإنما أراد أن يحدد الطريقة التي حصل بها ذلك التفاعل مع حقيقة الشجرة،
وأن الأكل كان هو سبب ظهور السوءات، وعوارض البشرية عليهما.. فهو يريد
التأكيد على الارتباط المباشر بين هذين الأمرين..
وأما التعبير بـ :
﴿أَزَلَّهُمَا﴾..
فإنه يريد أن يحدد لنا نتائجه الكلية المناسبة لطبيعة التعبير بالعنوان
العام
الذي هو الاسترسال، والاعتماد على ظاهر الحال، وأنه ينتج الخروج مما
كانا فيه، والانتقال إلى موقع آخر، ليواجها حالاته وعوارضه..
|