صفحة :   

اهبطا.. واهبطوا:

ويبقى هنا سؤال: وهو أنه تعالى قد قال في سورة طه الآية 123: «اهْبِطَا» ولكنه في سورة الأعراف الآية 24، وفي سورة البقرة الآية 38 قال: «اهْبِطُواْ» فما هو السبب في ذلك؟!..

ونقول في الجواب:

إنه تارة يكون المقصود هو: إفهام كل واحد من المخاطبين أنه يتحمل المسؤولية بصورة مباشرة، وأن أي فرد آخر مهما كان موقعه، وأياً كانت طبيعة العلاقة معه، وخصوصية الصلة به، فإن ذلك ليس له أي تأثير في التخفيف من تبعات ما يقدم عليه.. ففي مثل هذه الحال، يحسن أن يوجه الخطاب لجميع الأفراد، ليشعر كل واحد منهم أنه مطالب ومؤاخذ ومسؤول.. وهذا هو ما تكفلت به آيات سورة البقرة، فيما يظهر..

وتارة يكون المقصود هو: الحديث مع فريقين لهما نهجان مختلفان، أحدهما سبيل هداية ونجاة، والآخر، سبيل ضلالة وهلاك.. فيأتي التعبير بصيغة المثنى: اهبطا، ليقرر: أن باب الخيار مفتوح أمام الأفراد أيضاً، للأخذ بهذا السبيل أو بذاك، فمن اتبع منهم طريق الهدى، فلا يضل ولا يشقى. وهذا هو ما ورد في سورة طه..

وتارة ثالثة: يراد الجمع بين كلا الحالتين، فمن جهة يراد الإلماح إلى أن الأفراد هم الذين يتحملون مسؤوليات أعمالهم أولاً، فيؤمر كل فرد بالهبوط إلى موقعه المناسب له، ليكون فيه..

ثم يشار من جهة ثانية: إلى أن هؤلاء الهابطين فريقان، يعادي كل منهما الآخر.. وإن كان فريق أهل الإيمان لا يعادي بعضهم بعضاً، بل هم إخوان على سرر متقابلين..

وربما يظهر ذلك: من ملاحظة سورة الأعراف الآية 24..

 
   
 
 

موقع الميزان