صفحة : 132  

من نتائج ما تقدم:

وهكذا.. فإننا نحسب بعد هذا البيان أن بإمكاننا القول لتكن هذه الآية المباركة واحداً من الأدلة الظاهرة على أن الله سبحانه منذ خلق نبينا الأعظم «صلى الله عليه وآله» كان قد أعطاه جميع الهدايات التي يحتاجها، والتي توصله إلى الغايات الإلهية.. ولا بد أن يكون من بينها هداية الإلهام والوحي والتشريع. وذلك هو ما يفرضه إطلاق قوله تعالى: ﴿فَهَدَى﴾.

بل ربما يستفاد ذلك أيضاً من قوله تعالى، خطاباً للمشركين: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى﴾([1]). حيث إن الآية قد نفت عنه «صلى الله عليه وآله» الضلال مطلقاً وفي مختلف الحالات والأزمان.

وذلك كله يؤكد لنا: أنه «صلى الله عليه وآله» قد كان نبياً منذ ولد([2]).

بل لقد كان نبياً وآدم بين الماء والطين([3]). كما دلت عليه الروايات الشريفة.

وبذلك نستطيع أن نفهم بعمق الإشارة الخفية، التي تضمنتها كلمات أمير المؤمنين «عليه السلام» في نهج البلاغة، حيث يقول:

«.. ولقد قرن الله به «صلى الله عليه وآله» من لدن أن كان فطيماً، أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره!!.»([4]).

ولا بد من لفت النظر إلى التنصيص على واقع الملك الذي قرنه الله سبحانه وتعالى، برسوله حيث وصفه «عليه السلام» بأنه أعظم ملائكته في إشارة منه «عليه السلام» إلى أن هذه المهمة قد بلغت في أهميتها وخطرها حداً جعلت من هذا الاختيار ضرورة لا بد منها.

وأن هذه الضرورة قد فرضت نفسها في وقت مبكر جداً، أي منذ كان «صلى الله عليه وآله» فطيماً.


 

([1]) سورة النجم /2 ـ 4.

([2]) البحار ج18 ص277 إلى ص281.

([3]) راجع: الغدير ج9 ص287.

([4]) نهج البلاغة ج2 ص157 ط دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان واليقين، للسيد ابن طاووس ص196 وراجع: مصادر نهج البلاغة ج3 ص57 و 58.

 
   
 
 

موقع الميزان