صفحة :   

المدخل إلى البحث:

لقد وردت كلمة «أهل البيت» في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع:

الأول:

في قصة موسى «عليه السلام»، حينما كان طفلاً صغيراً، والتقطه آل فرعون، ليكون لهم عدواً، وحزناً، فلم يقبل الرضاعة من أية امرأة، وتحير آل فرعون في أمره، فجاءت أخته، فقالت لهم:

﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ([1]).

وليس في الآية ما يوضح ما قصدته أخت موسى من تعبيرها هذا، فهل أرادت به الساكنين في بيت من البيوت بقطع النظر عن خصوصية القرابة أم لاحظت القرابة وقصدت كل من لهم قرابة بذلك البيت؟! أم بعضهم؟! وهل أرادت خصوص القرابة النسبية؟! أم ما يعم النسبية والسببية؟! أو ما يعمهما مع من ينسب إلى البيت بالولاء؟! أو بالتربية؟! أو ما هو أعم من ذلك أيضاً؟!

هذا بالإضافة إلى أن التعبير قد جاء بصيغة التنكير: «أهل بيتٍ» لا بصيغة التعريف: «أهل البيت».

الثاني:

في قصة إبراهيم «عليه الصلاة والسلام»، حينما عجبت زوجته من بشارة الملائكة لها بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فقالت الملائكة لها: ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ([2]) فاعتبرت زوجة إبراهيم من جملة «أهل البيت» لأنها وقعت في الآية مورداً للخطاب.

ونقول:

إن ذلك لا يصلح دليلاً على أن الزوجة تكون من «أهل البيت» في كل مورد أطلقت فيه هذه الكلمة، حتى فيما لا يكون هناك قرينة صالحة لتعيين المقصود.

وذلك لأن توجيه الخطاب في الآية الآنفة الذكر لزوجة إبراهيم يصلح قرينة على دخولها في المراد من كلمة «أهل البيت». ولكنه لا يصلح دليلاً على أن كلمة «أهل البيت» موضوعة لما يعم الزوجة، بحيث لابد أن يتبادر ذلك إلى الذهن بمجرد سماع هذه الكلمة، ومن دون أية قرينة. وسيأتي المزيد من الحديث حول هذه الآية إن شاء الله تعالى.

الثالث:

قوله تعالى: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً.

فقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ قد وقع بين الآيات التي تخاطب زوجات النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» بل هو جزء إحدى هذه الآيات؛ فأوجب ذلك الشبهة لدى البعض في المراد بآية التطهير، واتخذه البعض الآخر مبرراً لإثارة بعض الشكوك حول المفاد الحقيقي للآية الشريفة، كما سنرى.

ونحن قبل كل شيء نعرض هنا أقوال وآراء الناس في المراد بكلمة «أهل البيت» في الآية المباركة، فنقول:


 

([1]) الآية 12 من سورة القصص.

([2]) الآية 73 من سورة هود.

 
   
 
 

موقع الميزان