صفحة :   

الإرادة التشريعية أولى وأدل:

ولاشك في أن الإرادة التشريعية أشد وآكد، وأكثر رسوخاً وجديةً من إرادة التكوين، في دلالتها على عظيم فضل «أهل البيت» «عليهم السلام» وذلك لأن الله سبحانه وهو في مقام جلاله وعزته يهتم بأن لا يلحق بيت النبوة ـ لا العشيرة ولا بيت السكنى ـ وهم الخمسة أصحاب الكساء أدنى شيء يوجب حزازة وإساءة إليهم ولو من طرف خفي ولو بالانتساب المجازي إليهم، بل هو يضع أحكاماً إلزامية يلزم بها أناساً آخرين ليسوا منهم بل لهم بهم علقة عرضية بسبب مصاهرة توجب الاختلاط بهم. فيأمر أولئك الأغيار وينهاهم ثم يعاقبهم على مخالفة أوامره وزواجره فذلك يكشف عن درجة الاهتمام بأولئك الناس الذين يريد الحفاظ عليهم.

أما لو كانت الإرادة تكوينية وقد تعلقت بإذهاب الرجس عنهم فإنها لا تدل على عظيم فضلهم عنده، إذ لو فرضنا أن إرادة التكوين قد تعلقت بخلق شيء بعينه فإن ذلك لا يدل على عظمة ذلك المخلوق.

وإرادة خلق الذباب لا تدل على عظمة الذباب بل تدل على الحاجة إليه. كما أن حاجتنا إلى سائق سيارة لا تدل على عظمة ذلك السائق ولا على قداسته نعم قد يكون لذلك السائق قداسته لأسباب أخرى غير مجرد كونه سائقاً.

والأمر هنا كذلك، فإنه حينما يشرع الأمر والنهي لأناس آخرين ويبيّن أنه يضاعف العقاب على المخالفة من أجل الحفاظ على غيرهم فإن العظمة لذلك الغير تصبح ظاهرة ولا حاجة إلى الاستدلال عليها بأكثر من ذلك.

بل قد يقال: لو كانت الإرادة في الآية تكوينية تتعلق بإزالة الرجس عنهم فإن ذلك قد يكون على العجز والضعف أدل، لدلالتها على الحاجة إلى التدخل الإلهي للمساعدة، وهذا التدخل كما يمكن أن يكون للتكريم، كذلك يمكن أن يكون لظهور الحاجة والضعف.

 
   
 
 

موقع الميزان