وآخر توضيح لنا هنا:
إن هناك إرادة تشريعية في الآية، وقد تعلقت بالأوامر
والزواجر الموجهة إلى زوجات رسول الله «صلى الله عليه وآله» وهو ما
تعلقت به كلمة: ﴿إِنَّمَا
يُرِيدُ اللهُ﴾.
وهي منبثقة عن إرادة تكوينية تعلقت بإبعاد الرجس عنهم،
والتطهير لهم. ونستفيد هذه الثانية بالدلالة عليها بمفهوم الموافقة
المستند إلى الإشعار بها من خلال نسبة إذهاب الرجس والتطهير في قوله
تعالى: ﴿يُذْهِبَ
عَنْكُمُ﴾
و ﴿يُطَهِّرَكُمْ﴾
إلى
الله سبحانه. لأن الفاعل لكلا الفعلين المذكورين إنما هو ضمير عائد
للفظ الجلالة المتقدم في ﴿إِنَّمَا
يُرِيدُ اللهُ﴾.
ولكن هذه الإرادة التكوينية له تعالى، إنما تعلقت
بإبعاد الرجس وبالتطهير. ولم تتعلق بنفس الفعل الصادر عن «أهل
البيت»؛
حيث إنه تعالى لم يقل: يريد الله أن يجعلكم تفعلون هذا وتجتنبون ذاك
مثلاً؛ لتكون إرادتهم مقهورة لإرادته سبحانه تعالى التكوينية.
بل تعلقت بإبعاد الرجس عنهم، بتوجيه الأوامر والنواهي
لغيرهم إكراماً لهم، مع إبقاء إرادتهم حرة طليقة، من دون أدنى تعرض
لها. بل قد صرف النظر عنها بالكلية، حسبما أسلفناه.
وآخر ما نشير إليه هنا هو أننا
نلاحظ:
أنه تعالى قد علق طهارة النساء على إرادتهن فقال:
﴿إِنْ
كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا..﴾
وقال: ﴿إِنْ
كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ..﴾.
ولكنه تعالى حين تحدث عن طهارة «أهل
البيت»،
فإنه قد جعل طهارتهم متعلقاً لإرادته هو سبحانه وتعالى، سواء الإرادة
التشريعية، المصرح بها في قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ
اللهُ﴾
من خلال الأوامر الموجهة إلى النساء أو التكوينية المتعلقة بالتطهير
وإبعاد الرجس عن «أهل البيت»
«عليهم السلام»، والمدلول عليها بمفهوم الموافقة، مع الإلماح إليها
بإسناد التطهير وإذهاب الرجس إليه تعالى.
|