وبعد.. فإنه إذا كان النبي الأكرم «صلى الله عليه
وآله»، مشمولاً لآية التطهير كما يقول به جمهور العلماء والمحققين،
وكما نصت عليه الروايات المتقدمة لحديث الكساء.
وفرضنا:
أن الخطاب في الآية متوجه إلى النبي «صلى الله عليه وآله» أيضاً ـ
تغليباً كما سبق وادعاه البعض ـ فإن الأمر يصبح أكثر إشكالاً.
وذلك لأن الخطاب السابق واللاحق إن كان متوجهاً إلى
النبي أيضاً ولزوجاته، فإنه يلزم أن يكون «صلى الله عليه وآله» مأموراً
بالقرار بالبيت، وعدم التبرج، وهو ممن يضاعف له العذاب ضعفين، ويؤتيه
الله أجره مرتين، وهو واضح الفساد.
مع ملاحظة:
أن الضمائر السابقة واللاحقة خاصة بالإناث.
وإن كان «صلى الله عليه وآله» ليس مشمولاً للخطاب
السابق واللاحق، لزم اختلاف السياق، وكون الله تعالى قد كان يخاطب
جماعة، ثم غيّر أسلوب خطابه من ضمير الإناث إلى الذكور؛ للتبدل الحاصل
في من يخاطبهم..
أضف إلى ما تقدم:
أن إذهاب الرجس والتطهير للنساء إنما هو بالمباشرة، لأنه إنما يحصل
بامتثالهن ما صدر إليهن من أوامر وزواجر. أما تطهير النبي «صلى الله
عليه وآله» فهو بنحوٍ آخر، أي ثانياً وبالعرض أي بواسطة عدم العيب له
بسبب نسائه؛ لأن الطهر له ليس بواسطة المذكور في الآيات من عدم التبرج
والقرار في البيوت الخ، ليكون طهراً بالمباشرة بسبب ذلك.
فيكون قد استعمل التطهير، وإذهاب الرجس في نحوين
مختلفين تمام الاختلاف، من دون جامع ظاهر بينهما ولا يصح ذلك على نحو
الاستقلال، كما يقوله كثيرون..
وحتى لو كان المراد هو تطهير النبي «صلى الله عليه
وآله» بالمباشرة عن الأرجاس التي تناسبه كرجل، فإنه يرد عليه: أن ذلك
لم يذكر في الآيات؛ فاستعمال التطهير وإذهاب الرجس المذكور في الآيات
بالنسبة إلى النساء وفي أمور أخرى لم تذكر بالنسبة للنبي أيضاً مما لا
يساعد عليه الكلام، ولا يمكن فهمه ولا تفهيمه لأحد.
|