صفحة :   

آية التطهير متى نزلت؟!:

قد يقال: إن الروايات المتقدمة، الدالة على أن النبي «صلى الله عليه وآله» بقي أشهراً، وفي بعضها: بقي إلى أن توفي، يأتي في كل يوم، أو عند كل صلاة إلى بيت فاطمة «عليها السلام»، ويقول: الصلاة الصلاة: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ.. ـ قد يقال ـ إن ذلك يدل على تأخر قضية الكساء، ومن ثم على تأخر نزول آية التطهير، إلى أواخر حياته «صلى الله عليه وآله».

مع العلم أن آيات خطاب النساء في سورة الأحزاب قد نزلت قبل ذلك بسنوات، وذلك حينما طلبت منه عائشة أموالاً، فنزلت آية التخيير، والتي هي أول آيات خطاب النساء في هذه السورة.

ونقول:

إن فعل النبي «صلى الله عليه وآله» المذكور وإن كان يقوي احتمال تأخر نزول الآية، ولكنه لا يكفي للاعتماد عليه في مجال الاستدلال. إذ أن الظاهر هو تكرار جمعه «صلى الله عليه وآله» لهم تحت الكساء من جهة كما أن هناك نصوصاً تقول: إنه «صلى الله عليه وآله» قد بقي من حين قضية الكساء إلى حين وفاته يأتي إلى باب فاطمة «عليهما السلام» ويقرأ الآية. فيمكن أن يكون قد حدث حديث الكساء بل ذلك هو الظاهر بعد ولادة الحسنين «عليهما السلام» بمدة سنة، أو سنوات. وعلى كل حال فلا شك في انسجام الآيات في سورة الأحزاب مع آية التطهير، وانسجامها أيضاً مع فقرات نفس الآية التي وقعت فقرات التطهير جزءاً

منها رغم أن حديث الكساء الثابت بصورة قاطعة يدل على أن فقرات التطهير قد نزلت منفصلة عن بقية فقرات الآية، التي هي جزء منها.

وأما احتمال أن تكون آية التطهير قد نزلت قبل ولادة الحسنين «عليهما السلام» ثم لما وُلِد الحسنان «عليهما السلام» صار يجمعهم تحت الكساء ويقرأ الآية فقد يقال إنه بعيد، وليس هناك ما يؤيده.. غير أن الظاهر أن حديث الكساء قد تكرر منه «صلى الله عليه وآله» في أكثر من مرة.

ومن الممكن أن تكون هذه الآية قد نزلت أكثر من مرة أيضاً تبعاً لذلك. بهدف التعريف بـ «أهل البيت» المقصودين فيها، حتى لا يبقى عذر لمعتذر.

ولعله تبعاً لتكرر قضية الكساء كان «صلى الله عليه وآله» قد كرر المجيء إلى بيت فاطمة عند كل صلاة، أو في كل غداة، وكان يستمر في كل واحدة مدة، ثم في المرة الأخيرة استمر على ذلك حتى توفاه الله تعالى.. كل ذلك بهدف إزاحة أية علة، وإبعاد أية شبهة. إلى درجة أنه قد اضطر حتى من عُرف بانحرافه عن علي وأهل بيته إلى أن يعترف بصحة هذا الحديث الذي أجمع عليه المفسرون وغيرهم.

 
   
 
 

موقع الميزان