صفحة :   

ألف: تصريح الآية بنفي الرجس:

قال البياضي «رحمه الله» وغيره: «قالوا: (يريد) لفظ مستقبل، فلا دليل على وقوعه».

قلنا:

1 ـ دعا النبي «صلى الله عليه وآله» لهم به؛ ولا يدعو إلا بأمر ربه؛ فيكون مقبولاً؛ فيقع.

2 ـ مع أن صيغة الاستقبال قد جاءت للماضي والحال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ([1]). ﴿يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ([2]). ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللهِ([3]).

بل غالب ما استعملت فيه الإرادة على صيغة المضارع في أمثاله في القرآن إنما أريد به ما وقع.

وقد ذكر بعض الأعلام: أن حكمة ذلك هي إفادة استمرار الإرادة ودوامها([4]).

3 ـ إن سياق الآية الظاهر في التكريم والتشريف لهم قرينة على إرادة ما وقع.

4 ـ إذا صح أنه أراد ذلك في بعض الأوقات كان ذلك دليلاً على العصمة مطلقاً؛ إذ القول بعصمتهم «عليهم السلام» في بعض الأوقات خرق للإجماع المركب([5]).

ولنا على هذه النقطة الأخيرة كلام تقدمت الإشارة إليه، فإن الحديث في الآية عن عصمة جزئية غير مقبول لأن ذلك يجعلها في دائرة اللغو ويخرجها عن كونها صادرة من حكيم ولا يبقى فيها أي مدح وتكريم لـ«أهل البيت» «عليهم السلام»..

5 ـ إنه إذا كانت الإرادة الإلهية التشريعية قد تعلقت ببعض الأحكام الموجهة لزوجات النبي «صلى الله عليه وآله»، توصّلاًً إلى إذهاب الرجس عن النبي «صلى الله عليه وآله» وأصحاب الكساء؛ فإن ذلك يعني: أنه مريد فعلاً لطهارتهم.

وهذا كإعطاء الطبيب الدواء لأجل العلاج، فإن إرادة العلاج والشفاء متحققة لدى الطبيب فعلاً.

6 ـ إن مما لا شك فيه لدى جل العلماء والمحققين، ودلت عليه الروايات: أن النبي «صلى الله عليه وآله» داخل في مدلول آية التطهير، فهل يصح أن يقال: إن الله سبحانه لم يرد تطهير نبيه عن الذنوب والنقائص؟! أو أنه أراد ذلك في بعض الأوقات لا في جميعها؟!‍


 

([1]) الآية 91 من سورة المائدة.

([2]) الآية 28 من سورة النساء.

([3]) الآية 15 من سورة الفتح. والنص موجود في الصراط المستقيم ج1ص184 وراجع: البحار ج35 ص236.

([4]) راجع: آية التطهير في أحاديث الفريقين ج2 ص44.

([5]) راجع جميع ما تقدم في: البحار ج35 ص236.

 
   
 
 

موقع الميزان