صفحة :   

تضارب الروايات:

وقال: «إن السيد وقع ضحية تلك الروايات التي زعمت: أن الرسول «صلى الله عليه وآله». قال لأم سلمة «رضي الله عنها»: عندما قالت: أنا من «أهل البيت»؟! أنه «صلى الله عليه وآله» قال لها: إنك من أهلي، وهؤلاء أهل بيتي.. ولكن السيد لم ينتبه إلى روايات أخرى مضادة ومتضاربة مع هذه الروايات، مع أنه أوردها في كتابه ـ وقصة تضارب وتضاد روايات حديث الكساء قصة طويلة ـ فمثلاً في بعض الروايات تقول عائشة لزوجها النبي «صلى الله عليه وآله»: أنا من أهلك..».

ثم قال:

«وكما اتضح معنا، فإن المعنى اللغوي ـ وهو المطابق للمعنى القرآني لكلمتي «أهل» و «أهل البيت» في وادٍ، وهذه الروايات في وادٍ ثان».

ونقول:

أولاً: إن الوقوع ضحية الروايات التي هي أحد مصادر المعرفة الصحيحة أفضل من الوقوع ضحية التعصبات، والاستحسانات، والأهواء بلا دليل ولا برهان..

والروايات التي ذكرها نفس المستدل دليل على عدم إطلاق كلمة «أهل البيت» على الزوجات على نحو الحقيقة ما عدا الرواية الأخيرة. وهي الوحيدة التي يجب رفضها لأنها تضمنت أنه قال لها: بلى. وأنه أدخلها الكساء، وهو ما أجمعت الروايات الأخرى على بطلانه. وهي تعد بالعشرات، ولا شك في تواترها. فراجع: هذه المصادر في كتابنا «أهل البيت في آية التطهير». وراجع النصوص في كتاب: آية التطهير في حديث الفريقين، للأبطحي..

واللافت للنظر هنا: أنه اعتبرها متضادة ومتضاربة مع الروايات التي زعمت (وليلاحظ هذا التعبير الذي يرمي إلى تضعيف الرواية بصورة إيحائية) أن الرسول «صلى الله عليه وآله» قال لأم سلمة عندما قالت: أنا من «أهل البيت»؟! إنك من أهلي وهؤلاء أهل بيتي..

فإنها كلها سوى الأخيرة منها لا تتضارب مع هذه الرواية.

ثانياً: في قوله: «وقصة تضارب وتضاد روايات حديث الكساء قصة طويلة»، طعن مبطن في حديث الكساء المتواتر. وقد قلنا: إنه لا تضاد ولا تضارب بين روايات هذا الحديث، وذلك لما يلي:

ألف: لأن قسماً من الاختلاف في الحديث يرجع إلى أن النقل قد كان بالمعنى، أي أن الراوي إنما ينقل مضمون الحديث ومعناه دون أن يتقيد بعين لفظه. وهذا أمر معروف ومقبول في نقل الحديث..

ب: إن جمعه «صلى الله عليه وآله»، لأهل بيته تحت الكساء لم يحصل ـ فيما يظهر ـ مرة واحدة، بل تكرر منه «صلى الله عليه وآله»، هذا الأمر أكثر من مرة تأييداً وتأكيداً.

وقد ظهر اهتمامه «صلى الله عليه وآله»، بهذا التأييد والتأكيد من مجيئه خلال أشهر بل سنوات، في كل يوم إلى باب بيت علي «عليه السلام»، ومخاطبته لهم بالآية الشريفة.

ج: لو كانت أمثال هذه الاختلافات تضر، لم يمكن تواتر أي حديث على الإطلاق. وذلك لعدم وجود حديث تواتر بلفظه ـ إلا فيما شذ ـ وقد يتعلق غرض الناقل أحياناً بنقل بعض الحديث دون بعض، أو بالتركيز على خصوصية بعينها منه.

وثالثاً: قوله إن السيد وقع ضحية تلك الروايات إلخ..

نقول فيه: إننا لا نأبى عن الوقوع في موافقة الروايات الصحيحة الصادرة عنه «صلى الله عليه وآله»، بل ذلك هو غاية ما نتمناه ونسعى إليه، ونحن نعتز ونفتخر ونباهي به.

ورابعاً: قوله: إن المعنى اللغوي، المطابق للمعنى القرآني في وادٍ، وهذه الروايات في وادٍ ثان.. غير مقبول: بل المعنى اللغوي والقرآني مطابق للروايات المذكورة، ومنسجم معها. بل هي إحدى وسائل التعرف على المعنى اللغوي. المطابق للمعنى القرآني، وهي أولى بالاعتبار من تنصيص أهل اللغة، حتى لو كان مستنداً إلى العلم بالوضع، فيكف إذا كان مستنداً إلى الاجتهادات التي لها خلفيات مذهبية، وعصبيات غير مسؤولة.

 
   
 
 

موقع الميزان